خالد:اسرائيل تتحمل مسؤولية تهجير الفلسطينيين
2014/05/12
رام الله / سوا / دعا تيسير خالد ، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة الحرير الفلسطينية ، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الى موقف وطني متماسك في مواجهة الدعاية الاسرائيلية ومحاولاتها الدؤوبة تضليل الرأي العام الدولي حول النكبة وفي مواجهة سياستها الدوانية الاستيطانية وسياسة كسب الوقت بالمفاوضات من اجل فرض المزيد من الوقائع ، التي تجعل حل الدولتين مستحيلا .
وحمل خالد في تصريح صحفي تلقت (سوا) نسخه عنه الاثنين اسرائيل المسؤولية الكاملة عن تهجير الفلسطينيين من ارض وطنهم بالقوة العسكرية الغاشمة عام 1948 وقال : نحن في هذه الايام نعبر الى الذكرى السادسة والستين للنكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948 وما رافقها من جرائم وسياسة تهجير جماعي وتطهير عرقي على ايدي دولة اسرائيل والمنظمات العسكرية المسلحة ، التي رافقت قيامها وكانت مسؤولة عن سلسلة من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية ، التي ارتكبتها بشهادة منظمات دولية ضد الشعب الفلسطيني ، بما فيها بعثة الصليب الاحمر الدولي التي كانت تعمل في فلسطين تحت الانتداب ، تلك البعثة التي وثق رئيسها السيد جاك رينير تلك الجرائم وخاصة جريمة دير ياسين على نحو لا يترك مجالا للشك بأن اسرائيل ارتكبت في حينه جرائم حرب ، عملت دول وقوى ومنظمات سياسية واعلامية على ابقائها طي النسيان تحت تأثير جرائم النازية ضد اليهود في الحرب العالمية الثانية ، حتى لا تبني جسر تواصل وتشابه بين جرائم النازية وجرائم الحركة الصهيونية .
وأضاف : ذكرى النكبة ، وما تختزنه الذاكرة الوطنية الفلسطينية عن هذه الذكرى على امتداد هذه الاعوام يعني الشيء الكثير للشعب الفلسطيني . انها تعني التهجير والتشريد والمعاناة وفي الوقت نفسه الحنين الدائم الى الوطن والديار، كما تعني ستة وستين عاما من النضال المتواصل من أجل العودة ، قدم فيها الشعب الفلسطيني خيرة ابنائه من الشهداء وفي المقدمة منهم القائد التاريخي الكبير، الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وتابع : يجب الاعتراف أننا مقصرون في تقديم الرواية الفلسطينية عن النكبة من خلال التركيز على جانبها السياسي والقانوني ارتباطا بالقرار الاممي 194 ، وإهمال توثيق المخططات التي ترتب عليها جرائم دفعت الفلسطينيين الى النزوح واللجوء وتقديمها للرأي العام الدولي ، حتى لا يبقى اسيرا للرواية الاسرائيلية حول اسباب النكبة . فقد شاعت افكار خاطئة في اوساط الرأي العام العالمي، روجتها الدعاية الاسرائيلية حول اسباب النكبة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني . ومن جانبنا لم نحاول جلاء الحقيقة وتسليط الضوء على مسؤولية اسرائيل السياسية والقانونية والاخلاقية عنها ، كسياسة الترانسفير، او التهجير القسري، او التطهير العرقي ، التي لا تستطيع اسرائيل أمام احداثها وحقائقها التهرب من مسؤولياتها السياسية والقانونية والاخلاقية عن النكبة – المأساة، التي تزامنت مع قيام تلك الدولة .
وأشار خالد الى أن هذه السياسة كان لها اساس في مصدرين: الاول هو الانتداب البريطاني والثاني هو الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية . ففي مجرى احداث ثورة العام 1936 شكلت سلطات الانتداب البريطاني لجنة تحقيق عرفت باسم " لجنة بيل ". هذه اللجنة قدمت في العام 1937 توصية بتقسيم فلسطين الى دولتين، واحدة عربية واخرى يهودية وطلبت في الوقت نفسه اجراء تبادل سكاني بين الدولتين بحيث يجري تهجير 225 الف فلسطيني من اراضي ما سمي بالدولة اليهودية الى اراضي الدولة الفلسطينية ونحو 1250 يهودي من اراضي الدولة الفلسطينية الى اراضي الدولة اليهودية . وقد رحبت الترويكا القيادية للحركة الصهيونية والوكالة اليهودية المشكلة آنذاك من حاييم وايزمان، وموشي شاريت ودافيد بن غوريون بالفكرة وكتب في حينه دافيد بن غوريون في يومياته الخاصة بتاريخ 12 تموز 1937 يقول: " ان الطرد الاجباري للعرب من الاودية التي اقترحت للدولة اليهودية يعطينا ما لم نكن نملكه حتى في ايام الهيكلين الاول والثاني، انه يعطينا الجليل خاليا من السكان العرب ".
وأكد أنه على خلفية هذه الافكار السوداء كانت سياسة الترانسفير، والتطهير العرقي، التي وجدت ترجمتها الفعلية في ماسمي في الايام الاخيرة من عهد الانتداب على فلسطين بالخطة " دالت "، التي اعتمدتها قيادة الوكالة اليهودية في العاشر من آذار 1948 سياسة رسمية اوكلت تنفيذها للوحدات العسكرية للهاجاناه ، بتوجيهات تفصيلية لترجمتها، كاثارة الرعب بين السكان ومحاصرة القرى والبلدات والاحياء الفلسطينية وقصفها وحرق المنازل والاملاك والبضائع وهدم البيوت والمنشآت وزرع الالغام وسط الانقاض لمنع السكان من العودة الى قراهم وبلداتهم واحيائهم . خطة " دالت " تلك تواصلت على امتداد ستة أشهر ارتكبت فيها اسرائيل 28 مجزرة اشدها هولاً وقسوة مجزرة دير ياسين ، التي وقها في تقرير تفصيلي يثير الفزع رئيس بعثة الصليب الاحمر الدولي في حينه في فلسطين تحت الانتداب السيد جاك رينير . وقد ترتب على خطة دالت تلك تدمير 531 بلدة وقرية فلسطينية واخلاء نحو احد عشر حيا سكنيا في عدد من المدن الفلسطينية، مثلما ترتب عليها تهجير 800 ألف فلسطيني، تحولوا الى لاجئين في وطنهم ولاجئين في البلدان العربية المجاورة.
وحيا صمود فلسطينيي الداخل وفلسطينيي مخيمات الجوء والشتات وارادة التحدي ، التي يتحلون بها وأضاف أن ما نشاهده كل عام ، وفي هذا العام كذلك أن ابناء الشعب الفلسطيني ، لاجئين وغير لاجئين وهم يحيون هذه الذكرى على النحو ، الذي يؤكدون فيه تمسكهم بحقهم في العودة الى ديارهم التي هجروا منها مثلما يؤكدون فيه ردهم على محاولة اسرائيل تزوير تاريخ هذه البلاد بروايات مستمدة من الاساطير تنفي الارتباط الابدي بين الشعب الفلسطيني ووطنه فلسطين . وفي الداخل الفلسطيني ( 48 ) يجري إحياء الذكرى بمشهد من ارادة الصمود وارادة التحدي تعبر اصدق تعبير عن الارتباط بين الشعب والارض والتاريخ والهوية ، ففي الوقت الذي يحتفل فيه اليهود بما يسمونه يوم الاستقلال ، ينظم فلسطينيو الداخل ( اللاجئون في وطنهم ) مسيرات الى قراهم المدمرة ، كالمسيرة الى قرية لوبيه ، التي شارك فيها عشرات الاف الفلسطينينن تأكيدا لهذا الارتباط الابدي .
وحول ما تسرب من افكار ومقترحات تقدم بها وزير الخارجية الاميركي وفريقه لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين قال تيسير خالد : نعم تغير المشهد نوعاً ما هذا العام بفعل ما رافق المفاوضات التي استؤنفت في تموز من العام الماضي من حلول لقضية اللاجئين ، هي في جوهرها حلول تصفوية . فقد عادت الادارة الاميركية تعرض على الجانب الفلسطيني صيغ حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لما جاء في اقتراحات الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون في طابا عام 2000 بوضع اللاجيء الفلسطيني أمام خيارات اربعة ، تتنكر جميعها من حيث المبدأ لحقهم في العودة الى ديارهم التي هجروا منها وتتجاهل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بقضية اللاجئين الفلسطينيين . صيغ الحل هذه تعتمد ليس فقط الرواية الاسرائيلية لأصل المشكلة ، بل وكذلك الرؤية الاسرائيلية لحل قضية اللاجئين ، والتي بحجة الحفاظ على يهودية دولة اسرائيل ، على نقائها " العرقي " ، وبحجة عدم المسؤولية السياسية او الاخلاقية عن قضية اللاجئين الفلسطينيين ، لا تشترط للحل شطب حق العودة وجسب ، بل وتضمين كل اتفاق فلسطيني – اسرائيلي للتسوية السياسية بندا ينص بوضوح على انهاء المطالب ، أي التخلي عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ، التي هجروا منها بالقوة العسكرية الغاشمة . في هذا الصدد من المؤسف ان تصدر مواقف عن اطراف فلسطينية تضع الحفاظ على يهوية دولة اسرائيل في مرتبة سياسية وقانونية واخلاقية ارقى من حق اللاجئين في العودة الى ديارهم وهو حق تكفله قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة أولا ، وحق لا يموت بالتقادم ثانيا ، وحق نبنيه على تحميل اسرائيل المسؤولية الكاملة عن الجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني عام 1948 وكانت سببا لنزوحهم ولجوئهم وهجرتهم القسرية .
وأضاف : طبعا أمام انسداد الافق السياسي وغلق الطريق امام فرص التسوية السياسية بفعل السياسة العدوانية الاستيطانية التوسعية لدولة اسرائيل وممارساتها ، التي تفضي كما هو واضح الى الترانسفير والتطهير والعرقي والتهجير بوسائل وادوات تختلف عن تلك التي مارستها عام 1948 ، يجب على الجانب الفلسطيني أن يسحب من على طاولة المفاوضات كل الايحاءات او التلميح بالاستعداد لحل لقضية اللاجئين الفلسطينيين لا تقوم على اساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، والتي تستند بالأساس الى الاعتراف بحق العودة .
وأكد خالد ان الموقف الاساس الذي ينبغي أن يحكم سياستنا على هذا الصعيد يجب أن يأخذ بالاعتبار أن الجانب الفلسطيني لن يوقع على اية تسوية للصراع تنطوي على انهاء المطالب قبل حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وفي المقدمة منها القرار 194 أو تنطوي على حل وتصفية أعمال وكالة الغوث الدولية أو نقل اللاجيء الفلسطيني الى ولاية غير ولايتها كالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة أو تنطوي على المس بالمكانة السياسية والقانونية للمخيمات الفلسطينية او تنطوي على الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل كما تطالب بذلك حكومة نتنياهو باعتبار ذلك مؤشرا على نوايا ترانسفير وتهجير جديد ونكبة جديدة لأهلنا في اراضي 1948 ومدخلا لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين .
وتطرق تيسير خالد الى الاستيطان ومقترحات الحلول التي حاول جون كيري وفريقه تسويقها في المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية الأخيرة قال تيسير خالد : الاستيطان هو السرطان ، الذي يواصل الانتشار في جسد الارض الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 . في سياسة حكومات اسرائيل يوجد ما هو ثابت وما هو متغير او متحول ، ويبدو ان الاستيطان قد اخذ يتحول مع الوقت الى ثابت من الثوابت بغلاف ايدولوجي . كنا في السابق نسمع من احزاب حاكمة في اسرائيل مواقف عن الاستيطان تميز مثلا بين ما هو استيطان سياسي وما هو استيطان أمني ، هكذا كان رئيس الحكومة الاسرائيلية الاسبق اسحق رابين يصف الاستيطان في اشارة الى الاستعداد بتفكيك ما كان يسميه المستوطنات السياسية ، أي تلك التي تقع في عمق الضفة الغربية وبين المركز السكانية الفلسطينية . هذه الايام لا نسمع شيئا من هذا ، فليس هناك استيطان سياسي واخر امني بل استيطان ايدولوجي في ( يهودا والسامرة ) أي استيطان غير قابل للتفكيك في أية تسوية سياسية ، ففي التسوية السياسية ، او الحل الدائم كما تدعو حكومة اليمين واليمين المتطرف في اسرائيل ، لن يتم تفكيك اية مستوطنة او بؤرة استيطانية ، بل سوف يتم تجميع المستوطنات وليس المستوطنين في كتل استيطانية ، بحيث يتم التعامل مع كل مستوطنة كبيرة ( معاليه ادوميم ، موديعين ، افرات ، ارئيل وغيرها ) باعتبارها كنلة استيطانية ، وسيتم التعامل مع كل مستوطنتين متجاورتين أيضا باعتبارها كتل استيطانية ، وهذه جميعها يتم تسوية اوضاعها في الحل بضمها الى دولة اسرائيل ، وما هو خارج هذا التصنيف يمكن ان يبحث عن ترتيب خاص به ، إذا ما دعت الضرورة الى بقائه في المناطق التي تخضع للسيادة الفلسطينية . هذا يعني بوضوح أن على الجانب الفلسطيني أن يتعامل مع الاستيطان باعتباره حقائق على الارض يجري الاعتراف بها والبحث عن حلول بشأنها خارج سياق ما تقر به الشرعية الدولية وما يقر به القانون الدولي .
وأكد أن الاستيطان تحول فعلا الى سرطان في جسم الارض الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 ، وقد نما بصورة مذهلة حقا في ظل اتفاقيات اوسلو الظالمة والمجحفة ، مع أن تلك الاتفاقيات كانت تدعو الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي الى الامتناع عن اية اعمال أحادية الجانب تجحف بمفاوضات الوضع الدائم . عدد المستوطنين قفز في ظل اوسلو من 110 الاف مستوطن عام 1993 الى 650 الف مستوطن ، ولم يحرك الجانب الفلسطيني ساكنا . لقد وقع الجانب الفلسطيني في سلسلة من الاخطاء الفادحة والقاتلة عندما لم يتحرك في المحافل الدولية ضد الاستيطان باعتباره جريمة حرب كما ينص على ذلك نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية في الفقرة الثامنة من مادته الثامنه ، ووقع الجانب الفلسطيني في الخطأ الفادح والقائل عندما وافق على فكرة تبادل الاراضي في اشارة الى التبادل مع الكتل الاستيطانية ، ووقع في الخطأ عندما صمت على رسالة الضمانات ، التي قدمها الرئيس الاميركي السابق جورج بوش لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون في نيسان من العام 2004 ، ووقع في الخطأ عندما ابدى الاستعداد للعودة الى المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان .
وأضاف خالد ردا على سؤال بشأن العودة الى قرارات سابقة للأمم المتحدة كقرار التقسيم 181 في ظل مواصلة اسرائيل سياستها الاستيطانية وتنكرها لمسؤوليتها عن النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني : الآن هذا هو وضع الاستيطان ، وهذا هو وضع قضية اللاجئين الفلسطينيين ، وإذا أضفنا لهما قضية القدس ، فهل على الجانب الفلسطيني امام انسداد افاق التسوية السياسية ودخول المفاوضات في مأزق ونفق مظلم ، أن يراجع استرتيجيته بالعودة الى القرار 181 ، أي قرار التقسيم او ربما المطالبة بالدولة الواحدة . نظريا كل شيء ممكن ، غير ان ذلك لا يصنع سياسة تجد لنفسها ركائز وسندا في المحافل الدولية والمجتمع الدولي ، الذي يدعو الى حل الدولتين على اساس حدود الرابع من حزيران 1967 والى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين . وعلى هذا الاساس ينبغي ان نرسم للشعب الفلسطيني صورة مستقبله بسياسة وطنية اجمعنا عليها في برنامج منظمة التحرير الفلسطينية وبمواقف وخطوات سياسية اتفقنا عليها في الدورة الاخيرة للمجلس المركزي الفلسطيني تتصل بالشأن الداخلي باستعادة وجدة النظام السياسي الفلسطيني وبالشأن التفاوضي بعيدا عن أخطاء الماضي وبالشأن الخارجي بمواصلة انضمام دولة فلسطين الى هيئات ووكالات ومؤسسات الامم المتحدة وبما يمكننا من مساءلة وملاحقة ومحاسبة اسرائيل باعتبارها دولة احتلال كولونيالي استيطاني ودولة ابارتهايد وتمييز عنصري.
وحمل خالد في تصريح صحفي تلقت (سوا) نسخه عنه الاثنين اسرائيل المسؤولية الكاملة عن تهجير الفلسطينيين من ارض وطنهم بالقوة العسكرية الغاشمة عام 1948 وقال : نحن في هذه الايام نعبر الى الذكرى السادسة والستين للنكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948 وما رافقها من جرائم وسياسة تهجير جماعي وتطهير عرقي على ايدي دولة اسرائيل والمنظمات العسكرية المسلحة ، التي رافقت قيامها وكانت مسؤولة عن سلسلة من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية ، التي ارتكبتها بشهادة منظمات دولية ضد الشعب الفلسطيني ، بما فيها بعثة الصليب الاحمر الدولي التي كانت تعمل في فلسطين تحت الانتداب ، تلك البعثة التي وثق رئيسها السيد جاك رينير تلك الجرائم وخاصة جريمة دير ياسين على نحو لا يترك مجالا للشك بأن اسرائيل ارتكبت في حينه جرائم حرب ، عملت دول وقوى ومنظمات سياسية واعلامية على ابقائها طي النسيان تحت تأثير جرائم النازية ضد اليهود في الحرب العالمية الثانية ، حتى لا تبني جسر تواصل وتشابه بين جرائم النازية وجرائم الحركة الصهيونية .
وأضاف : ذكرى النكبة ، وما تختزنه الذاكرة الوطنية الفلسطينية عن هذه الذكرى على امتداد هذه الاعوام يعني الشيء الكثير للشعب الفلسطيني . انها تعني التهجير والتشريد والمعاناة وفي الوقت نفسه الحنين الدائم الى الوطن والديار، كما تعني ستة وستين عاما من النضال المتواصل من أجل العودة ، قدم فيها الشعب الفلسطيني خيرة ابنائه من الشهداء وفي المقدمة منهم القائد التاريخي الكبير، الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وتابع : يجب الاعتراف أننا مقصرون في تقديم الرواية الفلسطينية عن النكبة من خلال التركيز على جانبها السياسي والقانوني ارتباطا بالقرار الاممي 194 ، وإهمال توثيق المخططات التي ترتب عليها جرائم دفعت الفلسطينيين الى النزوح واللجوء وتقديمها للرأي العام الدولي ، حتى لا يبقى اسيرا للرواية الاسرائيلية حول اسباب النكبة . فقد شاعت افكار خاطئة في اوساط الرأي العام العالمي، روجتها الدعاية الاسرائيلية حول اسباب النكبة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني . ومن جانبنا لم نحاول جلاء الحقيقة وتسليط الضوء على مسؤولية اسرائيل السياسية والقانونية والاخلاقية عنها ، كسياسة الترانسفير، او التهجير القسري، او التطهير العرقي ، التي لا تستطيع اسرائيل أمام احداثها وحقائقها التهرب من مسؤولياتها السياسية والقانونية والاخلاقية عن النكبة – المأساة، التي تزامنت مع قيام تلك الدولة .
وأشار خالد الى أن هذه السياسة كان لها اساس في مصدرين: الاول هو الانتداب البريطاني والثاني هو الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية . ففي مجرى احداث ثورة العام 1936 شكلت سلطات الانتداب البريطاني لجنة تحقيق عرفت باسم " لجنة بيل ". هذه اللجنة قدمت في العام 1937 توصية بتقسيم فلسطين الى دولتين، واحدة عربية واخرى يهودية وطلبت في الوقت نفسه اجراء تبادل سكاني بين الدولتين بحيث يجري تهجير 225 الف فلسطيني من اراضي ما سمي بالدولة اليهودية الى اراضي الدولة الفلسطينية ونحو 1250 يهودي من اراضي الدولة الفلسطينية الى اراضي الدولة اليهودية . وقد رحبت الترويكا القيادية للحركة الصهيونية والوكالة اليهودية المشكلة آنذاك من حاييم وايزمان، وموشي شاريت ودافيد بن غوريون بالفكرة وكتب في حينه دافيد بن غوريون في يومياته الخاصة بتاريخ 12 تموز 1937 يقول: " ان الطرد الاجباري للعرب من الاودية التي اقترحت للدولة اليهودية يعطينا ما لم نكن نملكه حتى في ايام الهيكلين الاول والثاني، انه يعطينا الجليل خاليا من السكان العرب ".
وأكد أنه على خلفية هذه الافكار السوداء كانت سياسة الترانسفير، والتطهير العرقي، التي وجدت ترجمتها الفعلية في ماسمي في الايام الاخيرة من عهد الانتداب على فلسطين بالخطة " دالت "، التي اعتمدتها قيادة الوكالة اليهودية في العاشر من آذار 1948 سياسة رسمية اوكلت تنفيذها للوحدات العسكرية للهاجاناه ، بتوجيهات تفصيلية لترجمتها، كاثارة الرعب بين السكان ومحاصرة القرى والبلدات والاحياء الفلسطينية وقصفها وحرق المنازل والاملاك والبضائع وهدم البيوت والمنشآت وزرع الالغام وسط الانقاض لمنع السكان من العودة الى قراهم وبلداتهم واحيائهم . خطة " دالت " تلك تواصلت على امتداد ستة أشهر ارتكبت فيها اسرائيل 28 مجزرة اشدها هولاً وقسوة مجزرة دير ياسين ، التي وقها في تقرير تفصيلي يثير الفزع رئيس بعثة الصليب الاحمر الدولي في حينه في فلسطين تحت الانتداب السيد جاك رينير . وقد ترتب على خطة دالت تلك تدمير 531 بلدة وقرية فلسطينية واخلاء نحو احد عشر حيا سكنيا في عدد من المدن الفلسطينية، مثلما ترتب عليها تهجير 800 ألف فلسطيني، تحولوا الى لاجئين في وطنهم ولاجئين في البلدان العربية المجاورة.
وحيا صمود فلسطينيي الداخل وفلسطينيي مخيمات الجوء والشتات وارادة التحدي ، التي يتحلون بها وأضاف أن ما نشاهده كل عام ، وفي هذا العام كذلك أن ابناء الشعب الفلسطيني ، لاجئين وغير لاجئين وهم يحيون هذه الذكرى على النحو ، الذي يؤكدون فيه تمسكهم بحقهم في العودة الى ديارهم التي هجروا منها مثلما يؤكدون فيه ردهم على محاولة اسرائيل تزوير تاريخ هذه البلاد بروايات مستمدة من الاساطير تنفي الارتباط الابدي بين الشعب الفلسطيني ووطنه فلسطين . وفي الداخل الفلسطيني ( 48 ) يجري إحياء الذكرى بمشهد من ارادة الصمود وارادة التحدي تعبر اصدق تعبير عن الارتباط بين الشعب والارض والتاريخ والهوية ، ففي الوقت الذي يحتفل فيه اليهود بما يسمونه يوم الاستقلال ، ينظم فلسطينيو الداخل ( اللاجئون في وطنهم ) مسيرات الى قراهم المدمرة ، كالمسيرة الى قرية لوبيه ، التي شارك فيها عشرات الاف الفلسطينينن تأكيدا لهذا الارتباط الابدي .
وحول ما تسرب من افكار ومقترحات تقدم بها وزير الخارجية الاميركي وفريقه لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين قال تيسير خالد : نعم تغير المشهد نوعاً ما هذا العام بفعل ما رافق المفاوضات التي استؤنفت في تموز من العام الماضي من حلول لقضية اللاجئين ، هي في جوهرها حلول تصفوية . فقد عادت الادارة الاميركية تعرض على الجانب الفلسطيني صيغ حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لما جاء في اقتراحات الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون في طابا عام 2000 بوضع اللاجيء الفلسطيني أمام خيارات اربعة ، تتنكر جميعها من حيث المبدأ لحقهم في العودة الى ديارهم التي هجروا منها وتتجاهل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بقضية اللاجئين الفلسطينيين . صيغ الحل هذه تعتمد ليس فقط الرواية الاسرائيلية لأصل المشكلة ، بل وكذلك الرؤية الاسرائيلية لحل قضية اللاجئين ، والتي بحجة الحفاظ على يهودية دولة اسرائيل ، على نقائها " العرقي " ، وبحجة عدم المسؤولية السياسية او الاخلاقية عن قضية اللاجئين الفلسطينيين ، لا تشترط للحل شطب حق العودة وجسب ، بل وتضمين كل اتفاق فلسطيني – اسرائيلي للتسوية السياسية بندا ينص بوضوح على انهاء المطالب ، أي التخلي عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ، التي هجروا منها بالقوة العسكرية الغاشمة . في هذا الصدد من المؤسف ان تصدر مواقف عن اطراف فلسطينية تضع الحفاظ على يهوية دولة اسرائيل في مرتبة سياسية وقانونية واخلاقية ارقى من حق اللاجئين في العودة الى ديارهم وهو حق تكفله قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة أولا ، وحق لا يموت بالتقادم ثانيا ، وحق نبنيه على تحميل اسرائيل المسؤولية الكاملة عن الجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني عام 1948 وكانت سببا لنزوحهم ولجوئهم وهجرتهم القسرية .
وأضاف : طبعا أمام انسداد الافق السياسي وغلق الطريق امام فرص التسوية السياسية بفعل السياسة العدوانية الاستيطانية التوسعية لدولة اسرائيل وممارساتها ، التي تفضي كما هو واضح الى الترانسفير والتطهير والعرقي والتهجير بوسائل وادوات تختلف عن تلك التي مارستها عام 1948 ، يجب على الجانب الفلسطيني أن يسحب من على طاولة المفاوضات كل الايحاءات او التلميح بالاستعداد لحل لقضية اللاجئين الفلسطينيين لا تقوم على اساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، والتي تستند بالأساس الى الاعتراف بحق العودة .
وأكد خالد ان الموقف الاساس الذي ينبغي أن يحكم سياستنا على هذا الصعيد يجب أن يأخذ بالاعتبار أن الجانب الفلسطيني لن يوقع على اية تسوية للصراع تنطوي على انهاء المطالب قبل حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وفي المقدمة منها القرار 194 أو تنطوي على حل وتصفية أعمال وكالة الغوث الدولية أو نقل اللاجيء الفلسطيني الى ولاية غير ولايتها كالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة أو تنطوي على المس بالمكانة السياسية والقانونية للمخيمات الفلسطينية او تنطوي على الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل كما تطالب بذلك حكومة نتنياهو باعتبار ذلك مؤشرا على نوايا ترانسفير وتهجير جديد ونكبة جديدة لأهلنا في اراضي 1948 ومدخلا لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين .
وتطرق تيسير خالد الى الاستيطان ومقترحات الحلول التي حاول جون كيري وفريقه تسويقها في المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية الأخيرة قال تيسير خالد : الاستيطان هو السرطان ، الذي يواصل الانتشار في جسد الارض الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 . في سياسة حكومات اسرائيل يوجد ما هو ثابت وما هو متغير او متحول ، ويبدو ان الاستيطان قد اخذ يتحول مع الوقت الى ثابت من الثوابت بغلاف ايدولوجي . كنا في السابق نسمع من احزاب حاكمة في اسرائيل مواقف عن الاستيطان تميز مثلا بين ما هو استيطان سياسي وما هو استيطان أمني ، هكذا كان رئيس الحكومة الاسرائيلية الاسبق اسحق رابين يصف الاستيطان في اشارة الى الاستعداد بتفكيك ما كان يسميه المستوطنات السياسية ، أي تلك التي تقع في عمق الضفة الغربية وبين المركز السكانية الفلسطينية . هذه الايام لا نسمع شيئا من هذا ، فليس هناك استيطان سياسي واخر امني بل استيطان ايدولوجي في ( يهودا والسامرة ) أي استيطان غير قابل للتفكيك في أية تسوية سياسية ، ففي التسوية السياسية ، او الحل الدائم كما تدعو حكومة اليمين واليمين المتطرف في اسرائيل ، لن يتم تفكيك اية مستوطنة او بؤرة استيطانية ، بل سوف يتم تجميع المستوطنات وليس المستوطنين في كتل استيطانية ، بحيث يتم التعامل مع كل مستوطنة كبيرة ( معاليه ادوميم ، موديعين ، افرات ، ارئيل وغيرها ) باعتبارها كنلة استيطانية ، وسيتم التعامل مع كل مستوطنتين متجاورتين أيضا باعتبارها كتل استيطانية ، وهذه جميعها يتم تسوية اوضاعها في الحل بضمها الى دولة اسرائيل ، وما هو خارج هذا التصنيف يمكن ان يبحث عن ترتيب خاص به ، إذا ما دعت الضرورة الى بقائه في المناطق التي تخضع للسيادة الفلسطينية . هذا يعني بوضوح أن على الجانب الفلسطيني أن يتعامل مع الاستيطان باعتباره حقائق على الارض يجري الاعتراف بها والبحث عن حلول بشأنها خارج سياق ما تقر به الشرعية الدولية وما يقر به القانون الدولي .
وأكد أن الاستيطان تحول فعلا الى سرطان في جسم الارض الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 ، وقد نما بصورة مذهلة حقا في ظل اتفاقيات اوسلو الظالمة والمجحفة ، مع أن تلك الاتفاقيات كانت تدعو الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي الى الامتناع عن اية اعمال أحادية الجانب تجحف بمفاوضات الوضع الدائم . عدد المستوطنين قفز في ظل اوسلو من 110 الاف مستوطن عام 1993 الى 650 الف مستوطن ، ولم يحرك الجانب الفلسطيني ساكنا . لقد وقع الجانب الفلسطيني في سلسلة من الاخطاء الفادحة والقاتلة عندما لم يتحرك في المحافل الدولية ضد الاستيطان باعتباره جريمة حرب كما ينص على ذلك نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية في الفقرة الثامنة من مادته الثامنه ، ووقع الجانب الفلسطيني في الخطأ الفادح والقائل عندما وافق على فكرة تبادل الاراضي في اشارة الى التبادل مع الكتل الاستيطانية ، ووقع في الخطأ عندما صمت على رسالة الضمانات ، التي قدمها الرئيس الاميركي السابق جورج بوش لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون في نيسان من العام 2004 ، ووقع في الخطأ عندما ابدى الاستعداد للعودة الى المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان .
وأضاف خالد ردا على سؤال بشأن العودة الى قرارات سابقة للأمم المتحدة كقرار التقسيم 181 في ظل مواصلة اسرائيل سياستها الاستيطانية وتنكرها لمسؤوليتها عن النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني : الآن هذا هو وضع الاستيطان ، وهذا هو وضع قضية اللاجئين الفلسطينيين ، وإذا أضفنا لهما قضية القدس ، فهل على الجانب الفلسطيني امام انسداد افاق التسوية السياسية ودخول المفاوضات في مأزق ونفق مظلم ، أن يراجع استرتيجيته بالعودة الى القرار 181 ، أي قرار التقسيم او ربما المطالبة بالدولة الواحدة . نظريا كل شيء ممكن ، غير ان ذلك لا يصنع سياسة تجد لنفسها ركائز وسندا في المحافل الدولية والمجتمع الدولي ، الذي يدعو الى حل الدولتين على اساس حدود الرابع من حزيران 1967 والى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين . وعلى هذا الاساس ينبغي ان نرسم للشعب الفلسطيني صورة مستقبله بسياسة وطنية اجمعنا عليها في برنامج منظمة التحرير الفلسطينية وبمواقف وخطوات سياسية اتفقنا عليها في الدورة الاخيرة للمجلس المركزي الفلسطيني تتصل بالشأن الداخلي باستعادة وجدة النظام السياسي الفلسطيني وبالشأن التفاوضي بعيدا عن أخطاء الماضي وبالشأن الخارجي بمواصلة انضمام دولة فلسطين الى هيئات ووكالات ومؤسسات الامم المتحدة وبما يمكننا من مساءلة وملاحقة ومحاسبة اسرائيل باعتبارها دولة احتلال كولونيالي استيطاني ودولة ابارتهايد وتمييز عنصري.