افتتاح اعمال مؤتمر التوعية والتعليم البيئي في بيت لحم
بيت لحم / سوا / افتتح مركز التعليم البيئي التابع للكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة اليوم الاثنين، أعمال المؤتمر الفلسطيني السابع للتوعية والتعليم البيئي: آليات تعزيز التوعية والتربية والتعليم والقانون والإعلام البيئي في فلسطين.
وعقد المؤتمر في بيت لحم، تحت رعاية وبحضور رئيس الكنيسة الإنجيلية اللوثرية والاتحاد اللوثري العالمي المطران منيب يونان، وشمل 21 ورقة ومبادرة في مجالات: التربية والتوعية والقانون والإعلام البيئي.
وشارك في الافتتاح 400 من المسؤولين والمختصين والناشطين البيئيين والمجلس الكنسي، وبحضور رئيس سلطة جودة البيئة عدالة الأتيرة ممثلة رئيس الوزراء رامي الحمد الله، وشخصيات رسمية واعتبارية.
مبادرات ودعوات
وقال المطران يونان إن الكنيسة المسيحية العربية الفلسطينية تولي اهتمامًا بالغاً بالشأن البيئي، وتحرص على أن تكون فلسطين خضراء نظيفة جميلة حرة، مشيرًا إلى خمس سنوات من الشراكة مع "جودة البيئة" أثمرت العديد من النتائج، ومشيرًا إلى مسيرة مركز التعليم البيئي وتوجهاته خلال 30 عاماً.
وأطلق المطران ست مبادرات، أولها الإعلان عن 100 شارع صديق للبيئة في محافظات الوطن حتى عام 2018، وتكثيف حملات تشجيرها ونظافتها، وتكريم الهيئات المحلية والناشطين والمتطوعين خلالها، امتدادًا لحملات فلسطين نظيفة وخضراء لعامي 2016 و2017.
ودعا إلى مسح شامل لعناصر التنوع الحيوي في فلسطين كمساهمة في حمايته، وحث على صون الحياة البرية وبخاصة ما يتعرض له طائر الحجل، والغزال الفلسطيني، والنسر الذهبي من صيد جائر، ووجه نداء للحكومة الفلسطينية بتخصيص أرض لتدشين غابة الحرية، وغرسها بالأشجار الأصيلة والمهددة.
وحث وسائل الإعلام على تبني دقيقة خضراء يومية في برامجها لتطوير الوعي البيئي. وأنهى المطران مبادراته بالدعوة إلى تدشين الأسواق الخضراء من خلال تجنب استخدام وإنتاج الأكياس البلاستيكية والتوجه نحو القماش والورق.
وقال محمد الجعفري ممثل محافظ بيت لحم، إن الاحتلال يستنزف عناصر البيئة الفلسطينية، ويستهدف الأرض، ويدفن نفاياته الخطرة ونفايات مستوطناته فيها، وينهب المياه، ويستهدف البنية التحتية للبيئة.
وأضاف: إن الواقع الحالي يهدد بتدمير البيئة، ويحد من مشاريع تطويرها، كمنع الوصول إلى المكبات الصحية، وتدمير أو تأخير مشاريع الصرف الصحي، عدا عن أخطار أبراج شبكات الاتصالات الخليوية التي تنتشر، ومعها الكثير من الأخطار الصحية والبيئية، داعيًا إلى ضوابط لتنظيمها.
وحث الجعفري وسائل الإعلام على منح البيئة المزيد من الاهتمام، لما تمثله التوعية البيئية من أهمية كبيرة، تساهم في تغيير التوجهات وتصويب الممارسات الخاطئة بحق البيئة. ونوه إلى استطلاع للرأي أجرى عام 2008 وبين أن 78 % من المواطنين عبروا عن قلقهم من حال بيئتنا.
اهتمام رسمي
فيما أشادت الأتيرة بجهود "التعليم البيئي"، الذي يحتفل بمرور 30 عاماً، ويعمل بصمت في تطوير الواقع البيئي.
وقالت إن الاحتلال يشكل أكبر عائق أمام البيئة الفلسطينية، إذ يسيطر على 62% من المناطق المسماة (ج)، ويستهدف الأرض والمياه، ويلاحق المواطنين في برية القدس تمهيدًا لإطلاق اليد لمشاريع تهويدها.
وأوضحت انضمام فلسطين إلى الاتفاقات الدولية البيئية لم يكن سهلاً، إذ واجه صعوبات وضغوطات دولية، لكن القيادة أصرت على المضي فيه، لما يمثله من أهمية. مؤكدة أن البيئة لا تنفصل عن النضال الوطني لما تعكسه من ارتباط روحي بالأرض وعناصرها.
وبينت أن البيئة واستدامتها تحظى باهتمام رسمي كبير تطرق إليه الرئيس في خطابه الأخير، وبرنامج حركة "فتح"، وعبر عنه مجلس الوزراء بالعديد من المشاريع والسياسات كالإستراتيجية البيئية العبر قطاعية، وإستراتيجية الحد من تغير المناخ، والتنوع البيولوجي، ومكافحة التصحر، والتنمية المستدامة، والخطة الوطنية للإنتاج والاستهلاك المستدامين.
ودعت الأتيرة إلى التوقيع على ميثاق العهد البيئي، الذي أطلقته سلطة جودة البيئة وشبكة المنظمات الأهلية البيئية، وبينت الجهود الإعلامية التي تنفذها "جودة البيئة" بالشراكة مع هيئة الإذاعة والتلفزيون، وأضحت أهمية إدماج البيئة في المدارس الحكومية، ومشيدة بجهود الجيل الصاعد عبر الائتلاف الشبابي من أجل التغير المناخي والحد من تداعياته.
وقال المدير التنفيذي لـ "التعليم البيئي" سيمون عوض: إن المركز أستطاع خلال 30 سنة أن يؤسس للوعي الأخضر، وصار اليوم يجمع بين التوعية والتنمية والضغط والمناصرة والأبحاث والإعلام، وواصل انفراده بمراقبة الطيور وتحجيلها التي بدأها منذ عام 1998، وانتشر من مدينة القدس والمهد و رام الله إلى معظم محافظات الوطن.
وأضاف: في رصيدنا اليوم عشرات البرامج كالهوية الوطنية والمنتديات النسوية والشبابية والمجتمعية والمعلمين والنوادي البيئية والزيارات الصفية، والروضة الصديقة للبيئة، والمهرجانات السنوية: الربيع والزيتون ونهاية العام الدراسي، وغيرها
ووفق عوض، فإن المؤتمر "يُشكل فرصة لمراجعة توجهاتنا الخضراء، ودعوة للعمل والمبادرة لتغيير الواقع البيئي. كما يجمع بين قضيتين هامتين في المجال البيئي هما: التوعية والتربية والتعليم البيئيين، ومراجعة ما تحتويانه من سياسات وإجراءات ونقاش سبل التفعيل من جهة، والقانون والتشريعات السائدة والقدرة على تطويرها وتفعيلها واستكمال لوائحها التنفيذية، والإعلام باعتباره وسيلة لتعزيز التوعية والتشجيع على التوجهات الخضراء ومراعاتها من جهة أخرى".
وأضاف: يُعنى المؤتمر بتوفير فرصة مزدوجة لمراجعة النظم والممارسات والخطط والتوجهات السائدة، والمساهمة في بناء نماذج قابلة للتطبيق والتعميم على أساس التغيير الإيجابي، وعدم الاكتفاء بإعادة تدوير الأزمات والتحديات البيئية، والانطلاق للعمل والمبادرة وخلق نماذج تساهم في تغيير الحال البيئي المتراجع.
ثلاثون سنة خضراء
وأعقب الافتتاح احتفالية بمرور 30 عامًا على انطلاق "التعليم البيئي"، وعرضت أفلام ومنشورات وملصقات وصوتيات ومرئيات تتبعت حكاية المركز وتطوره، وسلطت الضوء على برامجه، التي انطلقت ببيت لحم وصارت تضم اليوم عدة محافظات، عبر مشاريع وبرامج تستهدف الأطفال والشباب والنساء والمعلمين.
وقدم أساتذة وطلبة وناشطون بيئيون شهادات لخصت بداياتهم مع المركز، والتغيير الذي ساهم "التعليم البيئي" في تحقيقه، من بينهم عبير البطمة وسهيل دقماق وعايدة اليتم، وريما الحايك، وطلبة النوادي البيئية، والهوية الوطنية، والروضة الخضراء.
تربية ومناهج
وشملت الجلسات الأولى ورقة عمل حول أثر مقرر الصحة والبيئة في المنهاج الفلسطيني على سلوك الطلبة البيئي، أكدت خلالها آلاء الهشلمون من مديرية التربية والتعليم بالخليل أن الوعي البيئي المرتبط بالتربية البيئية يمثل أحد وسائل تخفيف حماية البيئة وأهدافها؛ لأنه يعمل على غرس السلوك الإيجابي وتنميته نحو البيئة، ويسعى إلى إيجاد وعي وطني بأهمية البيئة لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بحيث تؤدي إلى إشراك السكان طوعاً لا إكراهاً، وبطريقة مسؤولة وفعّالة في صياغة القرارات التي تحسن نوعية البيئة بجميع مكوناتها.
وراجع المحاضر في جامعة النجاح الوطنية عماد دوّاس برامج كليات الهندسة في الجامعات التي تقدم برامج بكالوريوس في الضفة الغربية و غزة ، وعددها 11 جامعة؛ لتقييم مدى احتواء هذه البرامج على مساقات تتعلق بالبيئة والطبيعة، ولتقييم محتوى وطريقة تدريس هذه المساقات.
وسلطت مدير دائرة التعليم البيئي بسلطة جودة البيئة، سائدة شعيبات الضوء على الإستراتيجية الوطنية للتوعية والتعليم البيئي الهادفة في جوهرها إلى استخدام أكثر الوسائل تفاعلاً، والتي تلامس تحويل الوعي إلى سلوك، وتظهر السياحة البيئية كأحد المدخلات والأنشطة التي تحقق هذه الغاية بشكل صريح، من خلال الإستراتيجية، وبشكل غير مباشر كذلك. وأشارت إلى أن العمل في السياحة البيئية، من خلال شروط بيئية تحافظ على الطبيعة، يعتبر وسيلة هامة لرفع مستوى الوعي البيئي، والحفاظ على المصادر الطبيعية.
واستعرضت إيمان عبيد من بلدية رام الله مشاريع البلدية للتوعية البيئية، وقالت: تستهدف المشاريع سكان المدينة وبشكل خاص طلبة المدارس، وتأتي ضمن الخطط التنفيذية لمشروع "رام الله مدينة صحية"، الذي يهدف إلى الارتقاء بالمدينة صحية وصديقة للبيئة، وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية. إضافة إلى إكساب الطلبة مهارات حياتية عديدة خلال العملية التعليمية، وتحويل هذه المهارات إلى سلوكيات إيجابية.
وعرضت مديرة مدرسة الحرية بتقوع سميرة الشاعر تجربة مدرسة مميزة بيئياً، لبنات الجرمق الأساسية، التي عملت على تعزيز الوعي الصحي والبيئي لدى مجتمع المدرسة، والرقي بصحة الطالبات والمعلمات وجميع العاملات في المدرسة جسديًا، وعقليًا، ونفسيًا، واجتماعياً، من خلال تفعيل مشاركة الطالبات في التخطيط والتنفيذ لمجموعة من الأنشطة، التي من شأنها تعزيز المعارف والمهارات والسلوكيات الايجابية لديهن.
قوانين بيئية
وفي الجلسة القانونية قدم هاشم أشقر وآية ياسين من وزارة التربية والتعليم العالي وجامعة الاستقلال دراسة تحليلية نقدية مقارنة لنصوص قانون البيئة رقم (7) لسنة 1999، ووضحت النواقص في بعض نصوصه، بالإضافة إلى بيان محل الحماية الجزائية للبيئة في القانون محل الدراسة.
وتتبعت المحامية يسرى حسونة القضاء البيئي المتخصص، وبينت الأهمية الكبرى التي يحتلها القانون والقضاء في مواجهة المشاكل البيئية الحديثة والمتزايدة يومًا بعد يوم. وقالت إن ووجود القضاء كسلطة ثالثة في الدولة يعزز من دوره الفعال في توفير حياة أفضل للأجيال الحالية والقادمة، وكما غيرها فالبيئة النظيفة والصحية والملائمة هي إحدى متطلبات الحياة الكريمة للإنسان، وصون البيئة يعني صون الأرض التي ستحمل البشرية لملايين السنين القادمة.
ولاحقت المحاضرة في جامعة النجاح نور عدس الشرطة الخضراء كضرورة ملحة لتطبيق النصوص القانونية البيئية في فلسطين. واقترحت نصوصًا قانونية لترسيخ فكرة الشرطة الخضراء في فلسطين؛ لوضع الأساس لظهور هذا النوع من الشرطة ضمن أفراد الأمن الفلسطيني.
إعلام أخضر
وناقشت الجلسة الثالثة المشهد الإعلام الأخضر، وقدم علاء كنعان من دائرة العلاقات العامة في سلطة جودة البيئة تشخيصُا لدور الإعلام في تطوير الوعي البيئي. وقال: تركز الصحافة الفلسطينية في تغطيتها للمواضيع الخضراء على الخبر والوصف والتوعية ونقل التصريحات من مسؤولي الحدث، كخبر اعتيادي، دون التعامل معها كقضية. ويقتصر العمل الاستقصائي على بعض المعالجات التي قد تكون أحيانًا مكررة في الإعلام. ويصنفه البعض كـ "إعلام موسمي" لحدث أو مناسبة، ولا يراعي الاستمرارية أو التراكمية في طرح القضايا، ويقدم اهتمامًا أكبر بالواقع السياسي والاجتماعي والحياة اليومية، التي يعيشها المواطن.
واستعرضت آلاء كراجة الإعلامية في قناة "الفلسطينية" واقع البيئة في الإعلام الفلسطيني من خلال فضائية "الفلسطينية" كنموذج. وبينت إن إيجاد إعلام متحسس للبيئة مسؤولية وطنية، يشكل ركيزة من ركائز العمل المؤسساتي لخلق وعي بيئي، والعمل على البحث في القضايا البيئية وتمحيصها، وطرحها من مختلف الزوايا، وعدم الاكتفاء بمجرد المرور الإخباري عليها، إلى جانب السعي في إشراك الجمهور كطرف مسؤول أو حتى متضرر، ومحاولة البحث عن حلول، والخروج باقتراحات في الشق القانوني والتنفيذي.
وعرضت عبير قنيبي، ومحمد أبو ذريع، وهيام أبو ميالة من مديرية التربية والتعليم في الخليل ورقة حول القانون والإعلام البيئي المدرسي المقترح، وأثره على البيئة والسلوك والقيّم من وجهة نظر الطلبة، وتكونت عينة الدراسة من (166) طالب وطالبة من طلبة الأندية البيئية في (14) مدرسة من مدارس مديرية التربية والتعليم وسط الخليل، وأوصت بتشكيل أندية بيئية في جميع المدارس بحيث تؤكد على سياسة المحافظة على البيئة، وتنفيذ دورات تدريبية للمعلمين لتمكينهم من المهارات الحياتية اللازمة لتعزيز السلوك البيئي السليم والقيّم التربوية لحماية البيئة، وتشجيع المبادرات الشبابية والمجتمعية البيئية، وتفعيل دور الإعلام البيئي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والإذاعات المحلية والمدرسية.
وقدمت مؤسسة عُمّار الأرض مبادرة بيئتي أجمل بسلوكي: "إحمِ شجرة بتدويرك ورقة". قالت وتقول: إن احتياج المجتمع المحلي للتوعية البيئية، وفرصة إنشاء جيل واعٍ بأهمية الحفاظ على البيئة، يعطي أملًا في تغيير العادات والأساليب الخاطئة في الحياة العامة. وتستند المبادرة إلى دراسة أجريت عام 2015 من قبل جهاز الإحصاء الفلسطيني، تفيد أن المنشآت الاقتصادية تنتج حوالي 20 ألف طن من النفايات الصلبة شهرياً، وكانت الكمية المنتجة من منطقة الضفة الغربية حوالي 15.3 ألف طن شهريا، ً في حين أن الكمية من قطاع غزة بلغت حوالي 4.9 ألف طن شهرياً. وتبين أن المكون الأول لمعظم النفايات المنشآت الاقتصادية هو الورق والكرتون بنسبة 91.5% .
أمن بيئي
وبحسب المدير التنفيذي لـ" التعليم البيئي" سيمون عوض، فإن اليوم الثاني سيناقش الأمن البيئي في محافظة سلفيت، وحماية الطبيعة والمحميات البيئية في فلسطين، وتدوير عبوات البلاستيك المستخدمة في تعبئة المياه، ومبادرة ترشيد استهلاك المياه في المدارس، وإطلاق الخط الأخضر والصناديق الخضراء من أجل حماية البيئة لشبكة المنظمات الأهلية البيئية، ومخاوف التغير المناخي والاستعداد للدفع من أجل حماية البيئة، والنادي الأخضر للجنة الأولمبية الفلسطينية، ومبادرة إعادة تدوير أكياس البلاستيك، وحملة (معاً لتغريم ملقي النفايات).
وتضم لجان المؤتمر التحضيرية والعلمية 25 مختصًا وخبيرًا وأكاديميًا، يمثلون مؤسسات رسمية وأهلية وجامعات وحقوقيين وإعلاميين وتربويين وناشطين في مجال البيئة.