صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية على مشروع قانون الأذان، وكان من المفترض، عرضه على الكنيست الإسرائيلي، الاسبوع الماضي للمصادقة عليه، بالقراءة التمهيدية، وذلك في أعقاب التحفظ والمعارضة التي أبداها نائب وزير الصحة، الحاخام يعقوب ليشمان، الذي أبدى مخاوفه، من أن يطال القانون، أصوات البوق التي تطلق قبل بدء يوم السبت، وكذلك مكبرات الصوت للسيارات التابعة لـ"الحريديم"، التي تطوف الشوارع، وتعلو منها أصوات شعائر تلمودية.

قانون الأذان، وما يجري داخل اللجنة الوزارية، ومحاولة تمريره، أو تعديله، هو خطوة سياسية تهدف إلى تحقيق هدف ترجوه وتأمل في حصوله حكومة نتنياهو، ولا علاقة له لا بالمساس بالدين الإسلامي، بقدر تحقيق أهداف سياسية، ضمن حدود زمانية وظروف ومعطيات قائمة.

تدرك إسرائيل، أكثر من غيرها، مخاطر المساس بالشعائر الدينية، ولعلّ أبرزها، وأكثرها وضوحاً، الأذان، وقدسية ذلك، وعمق معانيه بالنسبة للشارع الإسلامي.

تدرك إسرائيل، وتدرك حكومة نتنياهو، ما معنى سن قانون الأذان"، وما سيستجره من ردود فعل عنيفة وشاملة، ومع ذلك تحاول تمريره، ولعلّ أبرز مراميها في ذلك، هو محاولة إعطاء الصراع القائم، فيما بينها وبين الفلسطينيين، والمحيط العربي، بعداً دينياً، وكأن الصراع هو صراع ذو طابع ديني، وليس وطنياً أو قانونياً.

جرّ الصراع إلى أتون الصراع الديني، يعني في الاستراتيجية الإسرائيلية، إعطاء الصراع البعد الديني، ما سيؤدي حتماً، إلى حشد شعبي وراء التيار الديني الإسلاموي.

لا أحد بالطبع يؤيد "قانون الأذان"، والجميع الفلسطيني والعربي والإسلامي، سيقف ضده، كونه مخالفاً لأبسط قواعد القانون الدولي، ويمس المعتقدات والشعائر الدينية. لكن ذلك لا يمنع بذل الجهد للكشف عن جوهر هذا القرار ومراميه.

ما ترمي إليه حكومة نتنياهو، من وراء سن "قانون الأذان"، هو الدخول بمواجهات واسعة مع شرائح المجتمع الفلسطيني كافة، من بوابة الدين، والمساس بالدين، وبالتالي محاولة إظهار الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، والإسرائيلي ـ العربي عموماً، وكأنه صراع أديان، ومحاولة طمس جوهر الصراع الحقيقي، علماً أنه صراع على الأرض، ونيل الحقوق الوطنية الفلسطينية.

علينا أن نميز ما بين الأمور، بين أمر هذا القانون، وما يرمي إليه، وعدم الانجرار وراء ما تريده إسرائيل من إعطاء الصراع بعداً دينياً صرفاً.

لعلّه من نافلة القول، بأن الشروع الإسرائيلي بمحاولة تمرير "قانون الأذان" يأتي في ظروف دقيقة، وعبر معطيات، تعيش فيها إسرائيل مرحلة العزلة، وبها يحاول الفلسطينيون، الخروج من أزمات داخلية جديدة عبر عقد المؤتمر العام لـ "فتح"، ومن ثم عقد المجلس الوطني، ما سيجدد الشرعيات والأدوات القيادية، والخروج إلى فضاءات جديدة، أبرزها إحكام المقاومة المدنية، وفق مناهج وخطى، مدروسة ودقيقة، ومترابطة مع الخطى السياسية والقانونية والدبلوماسية، الهادفة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

ما تهدف إليه إسرائيل، هو خربطة الأوراق، ومنها الأوراق الداخلية الفلسطينية، وكأن الأمور، هي أمور الصراع، على الشعائر الدينية والمساس بها.

علينا كشف الغطاء، عن حقيقة وجوهر "قانون الأذان"، وما يرمي إليه سياسياً، مع أنه يمس بالأديان، وهو مخالفة واضحة وصريحة لقواعد القانون الدولي، وحرية الأديان.

وما تدركه إسرائيل وما تحاول حكومة نتنياهو، جنيه وتحقيقه، من وراء طرحه الآن!!! 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد