مجد نمرود الاشورية يرقد في التراب بعد تدميره على يد "داعش"
بغداد/ وكالات/ في حقل خارج قصر تاريخي في مدينة نمرود الآشورية بالعراق، تتناثر بقايا محطمة لمنحوتات معقدة في التراب.
وتعيد بقايا تلك اللوحات الجدارية المتقنة، والتماثيل الضخمة للثيران المجنحة التي ظلت موجودة في هذا المكان منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة إلى الأذهان إمبراطورية قوية امتدت عبر الشرق الأوسط.
وعند الطرف الشمالي من تلك المدينة القديمة، تعلو زقورة أو برج مدرج فوق القصر ومعابد قريبة.
وقبل نحو عامين اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" شمال العراق، وقام بتخريب مدن أثرية ومواقع دينية وقصور يعتبرها التنظيم رموزا وثنية.
وتم هدم الزقورة لتتحول إلى كومة من التراب، بعد أن سوتها جرافات على ما يبدو بالأرض خلال الشهرين الماضيين، قبل طرد القوات العراقية مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من المكان يوم الأحد.
وجُردت جدران القصر من الواجهات المنحوتة التي كانت تزينها. ولم يبق في المكان سوى بضع قطع، في حين تناثرت بقايا تماثيل الثيران المجنحة التي كانت موجودة عند أحد مداخل القصر في حقل بالخارج.
وكان لا يزال يمكن رؤية ريش نُحت بإتقان على أحد هذه التماثيل التي كانت ملقاة قرب ما يبدو أنها قدم لمخلوق أسطوري منحوت. وتحوي بقايا ألواح فيما يبدو رموزا من المسمارية وهي لغة سامية قديمة.
وقال اللواء ركن ضياء كاظم الساعدي للصحفيين خلال زيارة للموقع اليوم الأربعاء بعد ثلاثة أيام من استعادة المدينة، إنه كان هناك نحو 200 لوحة أثرية، وقام تنظيم "داعش" بسرقة بعضها وتدمير الباقي.
وقال مقاتل من العشائر من المنطقة، إن مقاتلي التنظيم دمروا الزقورة خلال الشهرين الماضيين مع تقدم الجيش العراقي صوب نمرود، مؤكدا أدلة من صور الأقمار الصناعية تثبت تدمير التنظيم لها بشكل متواصل منذ سبتمبر/ أيلول.
وشمل تسجيل مصور بثه أنصار الدولة الإسلامية في 2014 صورا للمسلحين وهم يستخدمون جرافات وحفارات كهربائية لتدمير الجداريات والتماثيل. كما أظهرتهم يجهزون براميل مليئة بالمتفجرات التي فجروها في الموقع على ما يبدو.
وقال الساعدي، إنه تم إبعاد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" نحو 3.5 كيلومتر عن نمرود، لكن المنطقة لم تُطهر بعد من القنابل والشراك الخداعية المحتملة.
طريق الدمار
تقع نمرود على الضفة الشرقية من نهر دجلة، على بعد 30 كيلومترا جنوبي الموصل حيث تقاتل القوات العراقية لسحق تنظيم الدولة الإسلامية. والموصل هي أكبر مدينة يسيطر عليها المتشددون في العراق وسوريا.
وحملة استعادة المدينة التي بدأت في 17 أكتوبر تشرين الأول هي أكبر عملية عسكرية في العراق في أكثر من عشرة أعوام من الاضطرابات التي أطلقها الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
واخترقت قوات مكافحة الإرهاب دفاعات الدولة الإسلامية في شرق المدينة قبل أسبوعين، لكنها تواجه مقاومة من المسلحين الذين ينشرون انتحاريين في سيارات ملغومة وقناصة ويشنون هجمات مضادة.
ولا تزال الدولة الإسلامية تسيطر على معالم أثرية آشورية، بما في ذلك أطلال نينوى وخورسباد، وكذلك مدينة الحضر الصحراوية التي تعود لألفي عام وتشتهر بمعبدها ذي الأعمدة الذي يمزج بين العمارة اليونانية والرومانية والشرقية.
ونددت منظمة التربية والعلم والثقافة (يونسكو) التابعة للأمم المتحدة بالدمار في مدينة نمرود ووصفته بأنه جريمة حرب وهجوم على التراث العالمي المشترك، مشيرة إلى دور بلاد ما بين النهرين القديمة كمهد للحضارة، حيث ازدهرت المراكز الحضرية المبكرة وتطورت الكتابة المسمارية على الصلصال.
وفي سوريا طُردت الدولة الإسلامية من مدينة تدمر قبل نحو ثمانية أشهر، بعدما فجرت آثارها بما في ذلك معبدان وقوس النصر المهيب.
واستخدم الجيش طائرات من دون طيار في مطلع الأسبوع لمراقبة موقع نمرود بعد استعادته من الدولة الإسلامية.
وقالت هيئة الآثار العراقية، إنها مازالت تعمل لتشكيل فرق ميدانية لتقييم الأضرار التي لحقت بالموقع، لكنها تقول إنها تأمل في إمكانية إنقاذ بعض من الآثار.
وقال قيس حسين رشيد وكيل وزير الثقافة العراقي "رغم الدمار الهائل الذي لحق بالمدينة الأثرية وما فقدناه من تفاصيل معمارية تعود للقصور والمعابد والزقورة إلا أننا واثقون بأننا- ومعنا كل العالم المتحضر والمنظمات الدولية- قادرون على ترميم وصيانة ما تم تخريبه وإعادة الحياة لهذا الموقع الأثري المتميز."