مدرسة "القبس" بالضفة الغربية تُنير درب المكفوفين

طلاب مدرسة "القبس"

رام الله /سوا/ داخل غرفة الصف العاشر بمدرسة القبس للإعاقة البصرية التابعة لجمعية المكفوفين، في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، تجلس الطالبة الكفيفة "رهف مروان" متحمسة في قراءة مقرراتها، تتحدى إعاقتها وتصبو لأن تصبح مترجمة لغات.

وفي تقرير لوكالة "الأناضول" التركية تقول "رهف": بينما كانت تطالع مقررها المدرسي والمطبوع بطريقة "بريل":" المدرسة بيتنا الثاني، المعلمات هنَّ أمهاتنا، لقد حولنَّ عتمة حياتنا لنور".

وتحتضن المدرسة 60 طالباً وطالبة من الصف التمهيدي (رياض الأطفال) حتى العاشر؛ ويقيم 25 آخرون في سكن خاص بها، فيما يغادر الآخرون إلى بيوتهم بشكل يومي.

وبكلمات تتجاوز حدّ الإعاقة، تضيف الطالبة: " لا أواجه أيَّة صعوبات في الدراسة، أطمح أن أنهي الثانوية العامة ، وإكمال دراستي الجامعية، سأصبح مترجمة للغتين الإنجليزية والفرنسية".

بعد انتهاء دوام المدرسة تعيش "رهف" مع زميلاتها في سكن خاص، تشاطرهن الحديث واللهو، وسرعان ما تتفرغ لحل الواجبات المدرسية والمطالعة.

إعاقة "رهف" البصرية، لا تقف حاجزاً أمام مشوارها الطويل كما قالت "المدرسة حولتنا لمبصرين".

في درس اللغة العربية للصف العاشر، كانت الطالبة الكفيفة تصغي جيداً لمعلمتها "زكية بدحة"، تجيب عن الأسئلة وتطبع الإجابات على "بريل".

و"بريل" عبارة عن آلة معدنية يستخدمها الكفيف للطباعة فتخرج الحروف على شكل نقاط بارزة على الورق، وهو ما يعرف بطريقة بريل التي ابتكرها الفرنسي "لويس بريل" عام 1821، لمساعدة غير المبصرين على القراءة والكتابة.

"بدحة" هي الأخرى من ذوي الإعاقة البصرية، وتخرجت من مدرسة القبس، ودرست اللغة العربية ب جامعة بيرزيت القريبة من رام الله، وحملها طموحها لتأليف كتاب يعد الأول في العالم العربي لتعليم الحاسوب للطلبة المكفوفين.

كما حصلت العام الجاري 2016 على جائزة "إلهام فلسطين" (جائزة تمنح لأصحاب مبادرات تربوية، مقدمة من مؤسسات رسمية وغير رسمية في الضفة).

تقول "بدحة" للأناضول:"لم تكن الإعاقة يوماً حاجزاً أمام الإنجاز، أُعلّم طلابي اللغة العربية والتكنولوجيا، وأعددت أول منهاج للمكفوفين لتعلم الحاسوب".

ويقوم منهاج المعلمة على تعليم الطلبة المكفوفين كيفية استخدام الحاسوب بتطبيقات عديدة تتيح للطالب تقديم بحث كامل عبر الكمبيوتر، ويعتمد النظام على شاشة ناطقة، ولوحة مفاتيح بنظام بريل.

وتشير "بدجة" إلى أن الطالب يتخرج من مدرسة القبس متقنا استخدام الحاسوب.

وتعتبر المعلمة مدرستها بأنها "حياتها"، منها تخرجت وعادت للعمل فيها، وتسعى لخدمة الطلبة المكفوفين.

ويتلقى الطلبة المنهاج المقرر في مدارس وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ولكنه مطبوع بنظام بريل.

إلى جوار "بدحة" ثلاث معلمات من ذوي الإعاقة البصرية، من طاقم تدريس قوامه 13 معلمة، بحسب مديرة المدرسة "سهى عفونة".

وتشير "عفونة" في حديثها للأناضول إلى وجود قسم خاص بطباعة الكتب بنظام بريل، وقسم خاصة بتصليح الطابعات.

في فسحة المدرسة طلبة يلهون ويركضون، منهم من يتجول كأنهم مبصرون، فقد باتوا يحفظون تفاصيل مدرستهم، يتنقلون من مكان إلى آخر.

ويعتمد غير المبصرين كذلك، على حاسة السمع، ففي ساحة المدرسة تقوم مدربة بمساعدة طفلة على الاستجابة للصوت من خلال رمي قطعة نقود معدنية في مكان ما على الأرض، لتلحق بها وتلتقطها.

وتأسست مدرسة "القبس" عام 1978، وكانت الوحيدة بتخصصها في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى العام 1995، قبل أن تتأسس أخرى في القطاع وهي "النور".

ويتلقى الطلبة تعليمهم حتى الصف العاشر، ثم يندمجون في المدارس الحكومية بقرار من وزارة التربية والتعليم عام 2002.

عزيمة الطلبة المكفوفين، وما يُزرع في نفوسهم على مقاعد الدراسة في مدرسة القبس، تُشعرهم بأنهم باتوا مبصرين، بحسب ما قالته مديرة المدرسة.

وتختتم عفونة حديثها بالقول "طلابنا متفوقون، يحصلون على علامات عالية في الثانوية العامة والتعليم الجامعي، لكنهم يصطدمون بمعيق البطالة بعد التخرج، وهي مشكلة عامة ولا تقتصر على المكفوفين فقط".

ووفق أحدث التقارير الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي) بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 43.2%، مقابل 19.6% في الضفة الغربية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد