غزة: "نُزلاء" ينسخون القرآن يدوياً بالرسم العثماني
غزة /سوا/ "مهارة تُخفيها الظلمة وراء القضبان تتحول فيها العتمة إلى أشعة ذوق وفن"، حيث شرع مجموعة من النزلاء في مركز الإصلاح والتأهيل الرئيسي غرب مدينة غزة "مركز الكتيبة" في نسخ القرآن الكريم يدوياً بالرسم العثماني برعاية من جمعية دار القرآن الكريم والسنة.
المشروع الذي يهدف لصقل مهارة الرسم العثماني للقرآن الكريم لدى عدد من النزلاء في مركز الكتيبة هو الأول من نوعه على مستوى قطاع غزة، بحسب القائمين عليه، وفقا لما ما نشر الموقع الالكتروني لوزارة الداخلية في غزة
تجارب سابقة
المساعد أول مسعود أبو راس – المشرف على البرنامج – أوضح أن فكرة المشروع نبعت من خلال بحثنا عن نزلاء يُتقنون الرسم والتخطيط داخل مركز الكتيبة.
وقال أبو راس "أطلقنا المشروع بطاقم مكون من سبعة نزلاء لهم تجارب سابقة في موهبة الفن والرسم"، مشيراً إلى أن المشروع لاقى تأييداً ودعماً واسعاً من قبل إدارة المركز ودار القرآن باعتباره فكرة جديدة.
وبيَّن أن النزلاء تمكنوا من نسخ جزأين ونصف من القرآن الكريم خلال فترة أسبوعين من انطلاق العمل، منوهاً إلى أن العمل يمتد لأربع ساعات يومياً.
ويستغرق نسخ الصفحة الواحدة يدوياً بالرسم العثماني وعملية تدقيقها ومراجعتها النهائية وتشكيلها قرابة ساعة كاملة، بحسب المشرف على المشروع.
دورات متقدمة
ويُشرف قسم القراءات التابع لجمعية دار القرآن الكريم والسنة على المشروع، ويعمل لديهم مختصون حاصلون على دورات علمية مُتقدمة في كيفية الرسم العثماني.
ولفت أبو راس إلى عقدهم سلسلة لقاءات قبل انطلاقهم مطلع شهر أكتوبر، مضيفاً "حصل النزلاء المشاركون في المشروع على سلسلة دورات في أحكام التلاوة والتجويد، كما تم تأهيل عدد منهم من خلال تدريبهم على فنون الخط العربي والرسم العثماني".
وتابع "هناك نزيلين مهمتهما التخطيط والرسم ونزيل ثالث يعمل على تشكيل الحروف ورابع يُنظم الإطار الخارجي للصفحات، ونزيل خامس يقوم برسم علامات الترقيم، فيما يضع نزيل سادس اللمسات الأخيرة على الصفحات، بينما يُتابع مشرف المشروع تدقيق ومراجعة الصفحات بعد إتمام نسخها".
وتوقع أبو راس أن يستغرق إتمام المشروع ستة أشهر وقد يمتد في مراحله النهائية إلى عام كامل، مستطرداً "تم توزيع الأدوار على النزلاء بحيث تصب جميع المهام في عمل واحد وهو نسخ القرآن يدوياً بالرسم العثماني ليخرج بأبهى صورة".
فرصة إيجابية
النزيل (مصطفى 37 عاماً) أشار إلى أنه يعمل في هذا المشروع ضمن مجموعة متكاملة لكل نزيل دور معين منوط به، موضحاً أن هذا البرنامج فرصة له ليُعزز الجانب الإيجابي لديه.
وقال "مصطفى" وهو نزيل أمني يقضي حكماً بالسجن 15 عاماً قضى منها ثماني سنوات "هذا العمل فخر وشرف عظيم لي لأنني أكون فيه قريب من كتاب الله .. وأهلي وزوجتي وأمي سعداء بهذا الأمر".
أما "رامز" وهو نزيل يقضي محكوميته على قضايا ذمم مالية يرى أن المشروع فرصة لتعزيز النظرة الإيجابية من المجتمع تجاه النزلاء.
وتمكن رامز من حفظ ستة أجزاء من القرآن داخل المركز، كما حصل على دورة عليا في أحكام التلاوة والتجويد وحالياً يتلقى دورة سند متصل إلى الرسول "صلى الله عليه وسلم".
وعدَّ العمل ضمن مشروع نسخ القرآن يدوياً بالرسم العثماني شرف له، مضيفاً "رسالتي للمجتمع بأن يغيرا النظرة السلبية تجاهنا .. نحن أخطأنا لكن يجب أن نتجاوز اليأس ون فتح صفحة جديدة".
أنشطة نوعية
النقيب محمد حجيلة مدير العلاقات العامة في مركز إصلاح وتأهيل "الكتيبة" أوضح أن فكرة المشروع جاءت انطلاقاً من مبادرة المركز في ابتكار أنشطة نوعية بهدف استثمار أوقات النزلاء.
وأشار النقيب حجيلة إلى أن المشروع يُحقق نتائج مهمة تكمن في حفظ النزلاء للقرآن وتعلم أحكامه وفهم معانيه، مطالباً الجهات المعنية بضرورة الاهتمام بهذه الفئة واعتماد المشروع ودعمه.
بدوره، وصف العقيد فؤاد أبو بطيحان مدير عام مراكز الإصلاح والتأهيل بوزارة الداخلية المشروع بأنه "مشروع رائد ومميز" باعتباره الأول من نوعه على مستوى مراكز الإصلاح والتأهيل وخارجها.
وحثَّ العقيد أبو بطيحان النزلاء للاستفادة من البرامج المقدمة لهم داخل مركز الإصلاح والتأهيل لأنها تعود بالنفع عليهم، مضيفاً "هذا مشروع مهم يُعزز الدور الإيجابي للنزلاء، وهو فرصة ليظهروا الطاقات الإيجابية لديهم".