رويترز:انزعاج بين خصوم عباس وقوى بالمنطقة إزاء الرئيس الفلسطيني
رام الله / رويترز / تمارس السعودية ومصر ودول عربية أخرى ضغوطا على الرئيس الفلسطيني محمود عباس لحل الخلافات داخل حركة فتح التي يتزعمها ومع حركة حماس المنافسة وسط مخاوف متزايدة بشأن ما إذا كانت الديمقراطية الفلسطينية تواجه تهديدا.
وتخشى دول مجاورة ودبلوماسيون وبعض من كبار المانحين من أن تؤدي الانقسامات المتزايدة إلى صراع ويقولون إن الافتقار إلى عملية انتقال سياسي واضحة يثير تساؤلات عما سيحدث إذا توفي عباس (81 عاما) الذي تولى السلطة عام 2005 وهو في منصبه. وانتهت ولاية عباس بالفعل.
وفي بيان جرى تداوله الشهر الماضي أوصت السعودية ومصر والأردن والإمارات بمعالجة الخلافات التي تعمقت في العام الأخير مع تقوية القيادة الفلسطينية ومحاولة الحفاظ على استمرارية عملية السلام المتعثرة حاليا مع إسرائيل
وأضاف بيان الرباعية العربية حول فتح "إن العمل على توحيد حركة فتح يهدف إلى إعادة التوازن إلى الساحة الفلسطينية وهي مسؤولية الرئيس محمود عباس."
ومن بين التوصيات إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية "حرة ونزيهة" بحلول يوليو تموز 2017 على الرغم من أنه لا توجد مؤشرات على إجرائها. وستكون هذه أول انتخابات برلمانية تجري منذ يناير كانون الثاني 2006.
وقال معين رباني الباحث بالمؤسسة الفلسطينية للدراسات "الأسباب الرئيسية هي سوء الإدارة الممنهج من جانب عباس لهذه العلاقات وضعف القيادة الذي أتاح فرصا أكبر للتدخل العربي والأجنبي في الشؤون الداخلية الفلسطينية."
وتسهم السعودية بنحو 20 مليون دولار شهريا في الميزانية الفلسطينية لكن الموقع الإلكتروني لوزارة المالية الفلسطينية ذكر أنها لم تقدم أي مبالغ منذ أبريل نيسان وهو ما يمثل علامة واضحة على تزايد غضبها.
ويقول مسؤولون فلسطينيون إن الرياض تحجز الأموال لأنها تريد أن ترى أولا تقدما على صعيد الوحدة داخل فتح ومع حماس التي تدير قطاع غزة .
وبعد أن أوقفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول منفردة من أعضاء الاتحاد مساهماتها تواجه الميزانية الفلسطينية عجزا حادا هذا العام يقدر البنك الدولي أنه يبلغ نحو 600 مليون دولار.
وحين سئل نبيل أبو ردينة المتحدث باسم عباس عن الضغوط التي تمارسها الدول العربية أحجم عن التعقيب مباشرة لكنه قال إن حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية التي يرأسها عباس أيضا ركزتا دائما على الوحدة الفلسطينية.
وقال "أي محاولة للتدخل في استقلالية القرار الوطني سيكون مصيرها الفشل كما حدث خلال السنوات الأربعين الماضية." ولم يدل عباس بأي تصريحات عن العملية السياسية منذ شهور.
صراع سياسي
قال رباني إنه بات واضحا أن السباق لخلافة عباس قد بدأ إذ يعد عدد من خصومه أنفسهم لليوم الذي سيرحل فيه.
ويواجه عباس عدة تحديات. تشير استطلاعات للرأي إلى أن الفلسطينيين فقدوا الثقة في قيادته وإذا أجريت انتخابات برلمانية غدا فإن من المحتمل أن تفوز بها حماس في كل من غزة والضفة الغربية حيث فتح وعباس أقوى تقليديا.
كان محمد دحلان مسؤولا سابقا عن الأمن الفلسطيني لكن خلافا دب بينه وبين عباس ويعيش حاليا في الإمارات العربية المتحدة. ودحلان من أشد منتقدي عباس ويحتفظ بنفوذ داخل المجلس الثوري واللجنة المركزية لحركة فتح.
وتريد شخصيات كبيرة في فتح مصالحة بين عباس ودخلان لكن الرئيس لا يظهر ميلا لذلك. ويتوقع أن يسعى عباس خلال مؤتمر حركة فتح لإجراء انتخابات جديدة للجنة المركزية والمجلس الثوري - الذي يعتبر برلمان الحركة - تخلو من الموالين لدحلان.
وقال دحلان (55 عاما) إن إذا حاول عباس إجراء مثل هذه التغييرات فإنها ستكون غير شرعية.
وأضاف في تصريحات مكتوبة لرويترز "مؤتمر عباس القادم إذا عقد وفقا للقيود و الإقصاءات المخططة فسيكون أخطر انشقاق في تاريخ فتح وبمثابة انقلاب القصر الذي قد ينفذه عباس من أجل تقزيم و إفناء حركة فتح وتحويلها إلى كتلة طائعة و مطيعة وذلك لن يحدث لأن فتح قادرة على النهوض و التجديد رغم كل الظروف و المخططات" مشيرا إلى أن هناك أسبابا مشروعة للقلق بشأن انهيار العملية الديمقراطية.
وأضاف "لقد آن الأوان لتنفيذ إرادة الشعب والقانون بانتخاب قيادة جديدة و ليس زعيما جديدا. هناك حاجة تاريخية ووطنية لانتخابات برلمانية ورئاسية جديدة."
وفي تحليل الأسبوع الماضي وصف مركز كارنيجي للشرق الأوسط حركة فتح التي هيمنت على الساحة السياسية الفلسطينية لأكثر من 50 عاما بأنها "تتمزق" وتواجه تداعيات مثيرة للقلق في المستقبل.
وقالت كارنيجي في التحليل "من المحتمل أن يتعمق الشرخ والانقسام داخل حركة فتح في حال تثبيت إقصاء دحلان عن مواقع القيادة داخل حركة فتح."
وأضافت "زد على ذلك أن الخلافات بين تياري دحلان وأبو مازن يمكن أن تتطور إلى مواجهات وصدامات ميدانية مفتوحة وخاصة في قطاع غزة شمال الضفة الغربية ومخيمات لبنان التي يحظى دحلان فيها بوزن سياسي وأمني لا يستهان به."
وشهد الأسبوع الحالي اضطرابات في مخيمات للاجئين بالضفة الغربية حيث لدحلان الكثير من المؤيدين.
ويقول دبلوماسيون إن دحلان يتمتع بعلاقات جيدة مع مصر وأيضا دول الخليج. وتعتبره القاهرة وسيطا مفيدا لدى حماس في غزة التي ينتمي لها دحلان وتنظر إليه على أنه شخصية تتمتع بالطاقة والقوة اللازمتين لإحداث تغيير على الساحة السياسية الفلسطينية.
ويرى آخرون أن دحلان سيلعب دورا من وراء الكواليس. ويعتقد مسؤولون قابلوه أنه سيكون إحدى القوى التي ستأتي بالرئيس الفلسطيني القادم لكنه لن يكون الرئيس المستقبلي بحيث يلقي بثقله وراء شخصية كبيرة أخرى من حركة فتح لتولي القيادة.
ويظهر عدد من الأسماء في التقديرات الفلسطينية والإسرائيلية منها ناصر القدوة ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات وجبريل الرجوب الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي الذي يرأس حاليا الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم و ماجد فرج رئيس المخابرات الفلسطينية.
لكن استطلاعات الرأي تظهر أن السياسي الفلسطيني الأكثر شعبية لا يزال مروان البرغوثي أحد قادة الانتفاضتين الأولى والثانية الذي أدانته محكمة إسرائيلية بالقتل عام 2004 ويقضي خمس عقوبات بالسجن المؤبد.