2014/08/31
153-TRIAL-
توقفت المعارك، وفي اسرائيل ما زالت طبول المعركة الداخلية تقرع فقد وجد نتنياهو نفسه في وسط المعركة الداخلية المستمرة منذ بداية العدوان ليحارب على اكثر من جبهة للدفاع عن مستقبله السياسي وصراع البقاء.
فالمعركة الداخلية لنتنياهو بدأت مع العدوان في مواجهة اعضاء من حزبه الليكود والذي اضطر ان يفصل احدهم وهو داني دانون الذي كان يشغل نائب وير الامن، ومن شركاؤه في الحكومة الذين عبروا عن مواقف اكثر تشدداً وهم وزير الخارجية افيغدور ليبرمان ووزير الاقتصاد نفتالي بينت، اللذين لم يتوقفا طيلة ايام العدوان عن المطالبة والتحريض بالدخول إلى عمق غزة ، واحتلالها. ووصل الامر بان ليبرمان اجتمع مع مجموعة من ضباط الاحتياط في الجيش الاسرائيلي وطلب منهم تقديم خطة حول كيفية الدخول في قطاع غزة من اجل احتلالها. ليبرمان وبينت دشنا المعركة الانتخابية مبكراً، و اتخذا مواقف يمينية متشددة وأكثر تطرفاً من نتنياهو لإدراكهما المسبق ان المعركة الانتخابية على الابواب.
المعركة لم تتوقف عند ليبرمان وبينت، فالغضب في صفوف حزب الليكود ضد نتنياهو مستمر ووجهت له اتهامات بعدم قدرته على القيام بمهامه بشكل جيد، وسيواجه مجموعة من المتشددين و أكثر يمينيه منه امثال جدعون ساعر وغيره. فالغضب في صفوف الليكود يتزايد ضد نتنياهو لكن حتى الان لا يوجد بديل قوي في صفوف الليكود لنتنياهو و ايضاً لم يفقد السيطرة لكن أمامه مشوار كبير من الدفاع عن نفسه.
الساحة الحزبية و السياسية الاسرائيلية تغلي على اثر نتائج العدوان الاسرائيلي على غزة وعدم تحقيق نتنياهو وحكومته اي من الأهداف المعلنة، إلا انه وعلى الرغم من الغضب إلا أن الساحة السياسية لم تشتعل بشكل كبير جداً ولم تحسم الامور في داخل الائتلاف الحاكم، وواضح انه من السابق لأوانه الحديث عن مستقبل اسود لنتنياهو، والأحزاب الإسرائيلية تنتظر و تفاضل ما بين التعديل الوزاري في ظل الخلافات التي كانت قائمة بينهم خلال العدوان، وما بين الذهاب للانتخابات المبكرة، حتى الان لم تتضح الامور بالرغم من الصراخ والغضب الكبير، فما زال هناك وقت لشحذ السكاكين وستكون فرصة لنتنياهو وائتلافه الحاكم و حتى الأحزاب الاخرى والكتل البرلمانية الى ما بعد اجازة دورة الكنيست الصيفية التي تستمر لمدة شهرين.
خلال العدوان انقسم المجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر "الكابينيت" الى معسكرين، نتنياهو وزير المالية يائير لبيد و وزيرة القضاء تسيفي لفني من جهة وليبرمان وبينت من جهة اخرى، وظلت العلاقات جيدة مع ليفني ولبيد، إلا انها تدهورت حد القطيعة مع ليبرمان وبينت، ومع ذلك نتنياهو وأطراف الائتلاف الحكومي لم يصلوا بعد الى حد القطيعة والذهاب الى حل الحكومة والدعوة الى انتخابات مبكرة، نتنياهو تربطه علاقة جيدة مع تسيفي ليفني، و لبيد و ليبرمان غير معني الان بفرط الحكومة، ربما يحاول الذهاب في تحالف مع بينت زعيم البيت اليهودي، لكن يبقى الخلاف بينهما على قيادة المعسكر اليميني المتطرف.
لكن الجديد هو استطلاعات الرأي الأخيرة التي اوضحت مدى الهبوط في شعبية نتنياهو بعد أن حصل على رضا 82% قبل الدخول في المعركة البرية وهبط بعدها بأسبوعين الى نسبة 63% وبعدها بأسبوعين آخرين هبط الى 55%، وهذا الأسبوع وصلت نسبة رضا الجمهور من أداء نتنياهو إلى 38% وهي الأدنى منذ بداية الحرب.
استطلاعات الرأي منحت الليكود تقدم وأظهر التدهور الكبير في اصوات حزب العمل وحزب يوجد مستقبل بقيادة لبيد، لكنه أظهر ان بينت هو الأقوى بين المتطرفين، وفي حال اجريت الانتخابات سيحصل بينت على ١٧ مقعدا، ما يعني ان التوجه العام هو التوجه اكثر نحو يمين اليمين والأكثر تطرفا. وستختفي احزاب من الساحة السياسية والحزبية الاسرائيلية مثل كاديما والحركة التي تتزعمه ليفني، كما ان حزب يوجد مستقبل الذي يتزعمه لبيد هبط من 19 صوت الى 9 اصوات .
و من المعروف في اسرائيل ان ما يسمى تيار الوسط يحصد عدد كبير من الأصوات ما ين 25 او 30 صوت وهذه الاصوات عادة ما تكون عائمة، وهذا يرتبط دائماً بما يسمى النجم السياسي، وهذا ما حدث في السنوات الماضية مع تومي لبيد زعيم شينوي ووالد يائير لبيد زعيم حزب يوجد مستقبل، وشارون عندما شكل كاديما. هذه الأصوات تنتظر النجم السياسي القادم، يتوقع ان يحل كحلون ويشكل حزب وسط جديد او ان بعض هذه الاصوات ستذهب لحزب ليكود. الأشهر القادمة او الأسابيع ستوضح مصير الحكومة و طبيعة وقوة الأحزاب مع ان الواقع يقول ان اليمين سيحصد أصوات اكثر، فاليمين ارتفعت اصواته الى نحو 70 صوت، و المعركة ستكون في صفوف اليمين.
استطلاعات الرأي دقت جرس الانذار لنتنياهو وسيعمل على تدارك ما خسره من شعبية لذا قام بعقد مؤتمر صحافي مع ياعلون ومن ثم قام بحملة اعلامية والظهور على القنوات التلفزيون الثلاثة وتحدث عن الانتصار وتوجيه ضربة قاسية ل حماس وانها لم تحقق أي انجاز، وسيتخذ نتنياهو مواقف اكثر صرامة وتشددا في المفاوضات التي ستجري خلال الايام القادمة كي يعيد بعض من شعبيته.
معارك نتنياهو لم تنتهي، فمعركة الميزانية على الابواب وتكلفة الحرب الكبيرة قفزت الى اكثر من الـ 10 مليارات شاقل و ستكون على حساب الميزانية القادمة للعام 2015، وسيتم التصويت عليها في شهر تشرين أول (اكتوبر) القادم بعد عودة الكنيست من العطلة الصيفية. بالاضافة الى المطالبات التي لم تتوقف ب فتح تحقيق في إخفاق الجيش والحكومة في تحقيق اهداف العدوان وضرورة مساءلة متخذي القرارات على المستوى السياسي والعسكري.
ما يميز الساحة الاسرائيلية هو لن الصراع سيبقى داخل صفوف اليمين اكبر من أي صراع اخر، في ظل غياب وضعف ما يسمى احزاب اليسار الصهيوني حزب العمل و ميرتس، وسيظل نتنياهو قلقا يصارع على مستقبله السياسي والحزبي، لكن في ظل غياب البديل القوي عنه من المتوقع ان يدير نتنياهو معاركه في صفوف اليمين والعمل على بقاء الحكومة اطول فترة ممكنة، او يفشل في اقناع اليمين المتلهف للحصول على حصة اكبر في أي حكومة قادمة في ظل ازدياد التطرف ضد الفلسطينيين و الانزياح نحو اليمين اكثر وهو الطريق الاقرب للحكم في اسرائيل. 76
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية