2014/08/28
210-TRIAL-
تركت هذه الحرب جروحاً عميقة في نفوس الفلسطينيين في قطاع غزة ، فهم قاتلوا وصمدوا وحدهم، ومع كل الجروح التي ادمت نفوسهم و أجسادهم وممتلكاتهم، إلا أنهم ما زالوا يفتخروا بصمودهم وبسالة مقاومتهم ورجالها الأشداء في رد العدوان و إيلام دولة الاحتلال المتغطرسة بفجور القوة ومحاولاتها كي وعي الفلسطينيين وكسر إرادتهم.
لا حرب بدون الم وفقدان، خاصة عند مقاومة الاحتلال من شعب يعاني القهر والظلم والحصار، فهذه الجروح ثمن الدفاع عن الكرامة والحرية، هذه الحرب خاضتها اسرائيل العدوانية منذ البداية و قررت أن تدمي الفلسطينيين ومحاولة إخضاعهم، الحرب أدمتهم في العمق بفقدان العائلة والمأوى، وهذا ما يطرح الأسئلة أمام القيادة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية خاصة حركة حماس .
الأسئلة تتعلق بتضميد الجراح ولملمة أحزان وأوجاع الناس المكلومة بالفقدان والبيوت المدمرة والنازحين والمشردين، وهذا يتطلب العمل بسرعة على إغاثة هؤلاء الناس والوقوف الى جانبهم ليس باحتفالات النصر والمسيرات والمظاهرات وتوزيع الحلوى، وإن كان يجب إن يكون احتفالات النصر فهي بسرعة مد هؤلاء الناس بالأمل وأن تضحياتهم ودمائهم لم تذهب هدراً.
احتفالات النصر يجب أن تكون بالوقوف الى جانبهم والتخفيف من آلامهم ومعاناتهم، والعدالة في توزيع المساعدات وطبيعة تلك المساعدات ونوعيتها والعمل بشكل وطني من خلال هيئة وطنية تشرف على المساعدات، وعدم الاستفراد والسيطرة على المساعدات وتفضيل جماعة على اخرى، والعمل يتطلب عقد اجتماع عاجل لكل الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني للعمل بشكل مشترك في انقاذ ما يمكن انقاذه من فوضى وحمى المساعدات الدولية والمحلية وحرمان كثر من الحصول عليها.
حتى الآن تدخل مساعدات عاجلة وهي مساعدات غذائية طارئة، ولم يتم حتى الآن إغاثة المشردين الموجودين في المدارس بالحاجات الاساسية من مكان يؤويهم يشعروا بخصوصيتهم وآدميتهم وحفظ كرامتهم.
لملمة الجراح ومد الناس بالأمل لا يتطلب انتظار اعمار غزة وروتين وخلافات الحكومة من خلال العمل بمبادرات محلية فيما يتعلق بالأمور الحياتية اليومية والعمل على سرعة اصلاح شبكة الكهرباء والمياه والصرف الصحي ونظافة المدن ومخلفات الدمار وهذا يتطلب شراكة حقيقية لإعادة الاعتبار للناس في خلق شراكة حقيقية والتخلص من عقلية الاستئثار والتفرد بحياة الناس ومصيرهم.
فالقضية هي قضية شعب وليس قضية حزب او حركة او سلطة و حكومة غائبة ووزراء لا يملكون من انفسهم شيئ، فالناس التفت حول المقاومة دفاعا عن حقها في حياة حرة وكريمة والتخلص من الظلم و الحصار، واثبتوا كما كل مرة قدرتهم على الصمود والتضحية الكبيرة من اجل تحقيق مطالبهم في الطريق الى التحرير.
فهم اثبتوا على مدار خمسين يوما صمود اسطوري من قلة الحيلة ومئات الالاف من العاطلين عن العمل والفقراء والموظفين الذين لا يتلقوا رواتبهم ومن توقفوا عن العمل، وفي ظل هجوم شرس وحرب نفسية شرسة من التخويف والتهويل والمبالغة والكذب ونشر الشائعات في محاولة للنيل من صمودهم، ولم تنجح في كي وعيهم وزحزحتهم عن التخلي عن موقفهم من المقاومة بل دافعوا عن انفسهم وعن المقاومة ببسالة لا تقل عن بسالة المقاومين.
ومع ذلك كان هناك ثغرات كبيرة تغلب عليها الناس والمقاومة من خلال تجاربهم السابقة ما متن الجبهة الداخلية ولم تتصدع برغم كل ذلك، وهذا ما يتطلب من كل المسؤولين في جميع الفصائل والقوى والقيادة استثمار هذه التضحية والصمود سياسياً وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية والقيام بالمراجعات الوطنية والسياسية والوحدة الوطنية وتجسيدها بشكل عملي و حقيقي لمعرفة نوايا اسرائيل وتعاطيها مع نتائج العدوان ومخططاتها في التعامل مع القضية التي اصبحت بعد العدوان ليس كما كانت قبله.
الاسئلة المطروحة كيف يتم استثمار هذا الصمود الاسطوري ورد العدوان وقدرة الفلسطينيين على مواجهة الاحتلال وإحباط مشاريعه ومخططاته؟ ومن الذي سيقود هذا الاستثمار؟ وما دور القيادة الفلسطينية في ترجمة ذلك هل سنعيد الاعتبار لمؤسسات السلطة ومنظمة التحرير والهيئات والبعثات الدبلوماسية؟ هل ستكون للفلسطينيين رؤية سياسية وبرنامج سياسي واحد؟ وهل ستعود للمفاوضات؟ أم ستؤجل الذهاب الى الامم المتحدة والانضمام الى ميثاق روما ومحكمة الجنايات الدولية والبدء بملاحقة مجرمي دولة الاحتلال؟
عدوان غزة والتجربة القاسية وصمود الناس والمقاومة وحدهم من دون تغطية انما كانت مؤامرة واضحة في عدم تحقيق المقاومة أي انجاز سياسي، درس يجب عدم الانتظار طويلا في اخذ العبر منه وعدم الارتهان الى الخارج والمحاور والتحالفات الاقليمية وتحرير الارادة والعقل، وسد الذرائع والقيام بمراجعات للمشروع الوطني واليات عمله والتحالفات المضرة بقضيتنا. 228
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية