تعرف على المشروع الاسرائيلي الامريكي الذي افشله صدام حسين!!
القدس / سوا / لم تكتف إسرائيل بتوقيع اتفاق سلام مع مصر الذي تصادف ذكرى توقيعه غدا الأحد، حيث تم بمثل هذا اليوم قبل 38 عاما، ورغبت بعد ست سنوات بضم العراق والأردن لبناء محور إقليمي، لكن الرئيس الراحل صدام حسين رفض مقترحات أمريكية – إسرائيلية رغم حاجته للدعم خلال الحرب المكلفة مع إيران.
هذا ما كشفته مصادر إسرائيلية وأمريكية لملحق صحيفة (هآرتس) الأسبوعي، وعادت للأزمة الاقتصادية الحادة التي ألمت بالعراق نتيجة تدهور إنتاج النفط وقتذاك وحاولت إسرائيل استغلالها واستثمارها.
وحسب الصحيفة الإسرائيلية فقد اقترح نائب مدير عام الخارجية في إسرائيل في حينها حنان بار أون (إحياء الأموات) من خلال إعادة بناء خط النفط التاريخي بين كركوك وبين ميناء حيفا داخل أراضي 48 عن طريق الأردن الذي عمل في أربعينيات القرن الماضي، وتوقف ضخ النفط غداة النكبة الفلسطينية عام 1948، وتم استبداله بخط آخر عن طريق سوريا حتى ميناء صيدا اللبناني، واليوم هو الآخر غير مستعمل نتيجة عدة أسباب وحوادث. وظن المسؤول الإسرائيلي، بار أون، أنه بالإمكان تقديم اقتراحات للعراق منها تجديد ضخ النفط عبر خط كركوك – حيفا أو إطالته وتغيير مساره بحيث يصل لخليج العقبة ومنه لشمال سيناء، على أن تلتزم إسرائيل بعدم المساس به وبذلك يتم بناء مصالح مشتركة للدول الأربع المذكورة.
وتوضح هآرتس أن بار أون أدرك عمق العلاقات الوثيقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيغن وبين الرئيس المصري أنور السادات فطرح عليه مقترحاته في نهاية ولايته، ثم اقترحها على خليفته اسحق شامير الذي بارك ووافق على البدء بالاتصالات لإخراج الأفكار لحيز التنفيذ. ولهذا الغرض سافر بار أون للولايات المتحدة وعرض على السفير الإسرائيلي في واشنطن مئير روزين الذي سارع لعقد لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي جورج شولتز.
وبحسب هآرتس أبدى شولتز حماس ا للفكرة وقال إنها ت فتح نافذة لتحول كبير في العلاقات مع ألد أعداء إسرائيل، العراق.
وقالت الصحيفة إن الفكرة القائمة على مصالح اقتصادية مشتركة وتشكل خطوة نحو السلام، انسجمت مع السياسات الأمريكية التي رغبت بتعزيز قوة العراق مقابل إيران بعد ثورة الخميني والإطاحة بالشاه. وألقى شولتز على مستشار الرئيس للأمن القومي روبيرت مكفارلين مهمة دراسة الفكرة المقترحة ومنح مساعده هوارد تايشر صلاحية متابعتها .ومبكرا أي في 1984 بدأ تايشر يتحرك، وأظهر الفحص أنه يمكن إعادة صيانة وتفعيل وحماية خط النفط من كركوك إلى حيفا. ووفق التقديرات الإسرائيلية – الأمريكية فإن خط النفط هذا يمكن أن يضخ نفطا تقدر قيمته بعشرين مليون دولار يوميا.
وتشير الصحيفة إلى أن كل شيء كان جاهزا عدا موافقة العراق الذي حذرت تقارير استخباراتية وقتها من أن تنديد واشنطن بالعراق لاستخدامه سلاحا كيميائيا ضد إيران من شأنه هدم العلاقات الدبلومسية بينهما. وتزعم الصحيفة الإسرائيلية أن العراق الذي استنكر تنديد واشنطن واتهمها بالنفاق، واظب فعليا على تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة. وفي 12 مارس/آ ذار وصل العاصمة الأمريكية نائب وزير الخارجية العراقي عصمت كتاني لمنع عملية إسرائيلية – أمريكية محتملة ضد منشآت كيميائية في العراق.
وعلى خلفية قرار الأمم المتحدة إدانة العراق لاستخدامه سلاحا كيميائيا رجح البيت الأبيض بقيادة الرئيس رونالد ريغان أن المقترحات الإسرائيلية بتجديد خط النفط من شأنها أن تدفع الرئيس صدام حسين لإبداء مواقف أكثر ليونة واعتدالا.
وأوكل شولتز مبعوثه الخاص للشرق الأوسط دونالد رامسفيلد مهمة الاتصال مع القيادة العراقية لاستطلاع رأيهم حيال الفكرة لكنه التقى أولا رئيس حكومة الاحتلال شامير الذي اقترح عليه ضخ النفط العراقي لحيفا سرا.
في مذكراته يقول شولتز بهذا الخصوص إن رامسفيلد سمع من رئيس مكتب المصالح الأمريكية الذي عمل من السفارة البلجيكية في بغداد أن الرئيس صدام لن يلتقيه كما كان مقررا، وأناب عنه وزير الخارجية طارق عزيز. ودام هذا اللقاء عشر دقائق فقط حيث نقل رامسفيلد رسالة من شامير بخصوص خط النفط المذكور، ويقول تايشر حول ذلك: «على الفور بدا وجه طارق عزيز شاحبا وهو يحدق بسقف الغرفة ثم ينقل ناظريه نحو المائدة وهو يحرك رأسه طالبا من رامسفيلد سحب رسالته».
كيف سيرد صدام حسين على ذلك حسب تقديراتك؟ سئل طارق عزيز من قبل رامسفيلد فقال: «سيعدمني على الفور» . فرد رامسفيلد بالقول» اعتقد أنه بمقدورنا القول: علينا أن ننسى الموضوع».
وتستذكر الصحيفة خطة واشنطن بأن يقوم العراق وإيران بتدمير بعضهما البعض على مبدأ «بطيخ يكسر بعضه» بالإشارة إلى تقرير استخباراتي أمريكي يفيد بأن الرئيس ريغان أمر بتزويد بغداد بمعلومات استخباراتية محدودة فقط تحول دون انهياره الاقتصادي في الحرب مع إيران.
ولاحقا وافق العراق على بناء خط للنفط يصله بميناء العقبة بعدما وافقت إسرائيل خطيا وبتوقيع رئيس حكومتها وقتذاك شمعون بيريس خليفة اسحق شامير وفق اتفاق تناوب السلطة، بوساطة أمريكية الالتزام بعدم المساس بالخط مقابل تأمين حصة من الأرباح لها بطريقة غير مباشرة (70 مليون دولار سنويا لمدة عشرين عاما).
وتم تجميد المشروع مع انتهاء ولاية ريغان، وهناك وفق الصحيفة الإسرائيلية عدة تفسيرات منها أن بغداد لم تكن جادة فعلا بل رغبت بالمناورة بعلاقاتها مع واشنطن.
وتنقل عن شامير قوله «اتضح أن العراق لم ينو للحظة واحدة إقامة علاقات أيا كانت مع إسرائيل ورغب بإرضاء الجانب الأمريكي فقط».
كما تشير الصحيفة لنشر بعض الصحف الأمريكية شبهات بأن بيريس رغب بتحويل قسم من أرباح إسرائيل من المشروع كرشوى لحزبه (العمل) مما أربكه وكاد يورطه بفضيحة خطيرة مما دفع به لوقف المشروع.