2014/08/19
169-TRIAL-
ما كان لإسرائيل ان تستمر في العدوان على قطاع غزة من دون أن تحصل على ضوء اخضر أوروبي بممارسة مهنتها في القتل و التدمير والخراب والفظائع التي ارتكبتها، ولم تكتفي دول الاتحاد الاوروبي بمنح اسرائيل الضوء الاخضر لسحق غزة، بل تبنت الرواية الاسرائيلية وحقها في الدفاع عن نفسها واتخذت موقف الصمت، وزودت بعض الدول الاوربية اسرائيل بالسلاح والدعم السياسي. و أيضاً حملت الفلسطينيين في القطاع مسؤولية التصعيد وما اسفر عنه من موت وخراب.
الواقع يقول ان دول الاتحاد الاوروبي تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتقاطع منتجات المستوطنات في الضفة الغربية وتعتبرها غير شرعية، إلا ان ذلك هو شعارات من دون تطبيق فعلي و حقيقي، وعلى الرغم من التظاهرات الخجولة التي خرجت في اوروبا خاصة في فرنسا وبريطانيا والتي كانت مواقفهما سيئة للتنديد والاحتجاج على القتل في غزة وبعض الاصوات الضعيفة، إلا انها لم تؤثر كثيرا في مسار العدوان والقتل والدمار وما زالت اوروبا منحازة لإسرائيل.
اعطت دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية الضوء الاخضر لقتل وتدمير الفلسطينيين بطريقة بشعة، ولم تشفع لهم صور الاطفال والدمار والخراب والمجازر التي كانت تبثها وسائل الاعلام العالمية، هذه الدول المنافقة لم تكتفي بتحميل المسؤولية للضحية عن اطلاق الصواريخ التي تعرض امن اسرائيل الدولة الضعيفة والتي تعيش في محيط من "الارهابيين" كما تدعي اوروبا، ويشكلون خطر عليها وسكانها الامنين و تؤثر على الهدوء في المنطقة، أوروبا لم تكتفي بلوم الضحية وتحميلها المسؤولية انما شاركت في قتلها وخراب بيوتها.
الحقيقة التي يجهلها كثيرون ان الولايات المتحدة وأوروبا هي التي تدعم اسرائيل وتؤيد الوضع القائم بفصل القطاع عن الضفة وساهمت في تعزيزه بتأييد الاجراءات التي فرضها اسرائيل من خلال العقاب الجماعي والحصار المفروض على الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يعانون الموت اليومي جراء تلك العقوبات التي تقوم بها اسرائيل بدعم وتأييد تلك الدول، وتغاضوا عن حق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من الحماية وبطش الاحتلال الاسرائيلي.
المجتمع الدولي اختار عقاب الفلسطينيين وتجاهل السبب الرئيس في المشكلة وهو الاحتلال الاسرائيلي، وان الشعب الفلسطيني من حقه اختيار ممثليه و حقه ايضا تقرير مصيره، ومع ذلك استمرت أوروبا في تجاهل الحقيقة الساطعة ان الاحتلال هو المشكلة واستغلت الانقسام الفلسطيني و اتخذت خطوات تعميقه بتعزيز السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية التي لم تستطع تنفيذ ما تم تخطيطه من وضع سيناريوهات وتكتيكات بناء ما يسمى النظام السياسي الفلسطيني ومؤسسات الدولة في الضفة لتحقيق الاستقلال، وفشلت خطة السلطة بمساعدة الاوروبيين الذين ضخوا مليارات الدولارات و تغاضوا عن الفساد المستشري في مؤسساتها وبعض المسؤولين فيها.
مرت سنوات الحصار وما زالت على قطاع غزة ثقيلة توقفت الحياة فيها عن الدوران، و يعيش الناس على المساعدات الانسانية، وتعرض لثلاث حروب وقتل وتدمير وخراب، وكان سلوك السلطة وما يزال يثير الشبهة في كثير من القضايا، وتم تجاهل حقوق الناس في العيش بحرية وكرامة، كما لم تنجح السلطة في الحلول الدبلوماسية ولا في المفاوضات التي ايدتها اوروبا وشجعت السلطة عليها، وفي النهاية لم ينتج عنها سوى استمرار اسرائيل في الاستيطان وفرض مزيد من العقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين.
و الآن في ظل العدوان وما يعانيه قطاع غزة من دمار وخراب، تعيد أوروبا تجربة سنوات الحصار المستمر وما قامت به خلال العدوان السابق في العام 2008، 2009، بضخ مئات الملايين من الدولارات لأعمال الاغاثة الانسانية والتعامل مع القطاع كأنه مجموعة من البشر يفتحون افواههم للطعام فقط من دون النظر الى حقهم في الحياة وان الاحتلال والدعوة لإعادة إعمار غزة ويضعوا الخطط مع السلطة الفلسطينية، ولم يستفيد كل أولئك الخبراء من تجربة السنوات الماضية من الاحتلال و الحصار.
ما يجري الآن من سرعة الاجتماعات والمبادرات الأوروبية بالتنسيق مع اسرائيل المسؤولة عن كل هذا القتل والدمار والخراب واستعداد تلك الدول لضخ مليارات الدولارات لإعادة الاعمار والبحث عن الوسائل والجهات المنفذة وإقامة أجهزة الرقابة التي تضمن أمن اسرائيلي، وكذلك ضخ كل هذه المساعدات الانسانية لم يكن اعتباطاً إنما هو قرار أوروبي واعي وهو نتاج خبرة السنوات الماضية لمعالجة كوارث القطاع الانسانية من دون التفكير انها نتاج الاحتلال الاسرائيلي.
أوروبا والمجتمع الدولي على استعداد للاستمرار في تمويل احتياجات الناس اليومية من خيام و فرشات وأغطية وملابس داخلية للنساء، والمواد الغذائية الاساسية، وإصلاح مضخات المياه والصرف الصحي، من اجل استمرار الحال على ما كان عليه في السنوات الماضية لحفظ الهدوء لإسرائيل لفترة قادمة، في غياب واضح للعدالة واستمرار الاحتلال .
أوروبا تمارس النفاق والكذب وهي داعم كبير ومهم لإسرائيل على حساب شعب يرزح تحت الاحتلال، من دون أي وازع اخلاقي او إنساني، فهي تبحث عن مصالحها وإسرائيل هي الشرطي في المنطقة لحماية مصالحها. 33
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية