اللواء عطا الله: لا جريمة منظمة في فلسطين
رام الله /سوا/ قال مدير عام الشرطة الفلسطينية، اللواء حازم عطا الله، إن فلسطين خالية من الجريمة المنظمة، مُشيرا إلى أن بنية وكينونة المجتمع الفلسطيني النضالية القائمة على الأخلاق الحميدة تُشكل رافدا هاما لتوفير الحماية والأمن للمواطنين، على الرغم من معيقات الاحتلال الاسرائيلي اليومية التي تحول دون تحقيق العدالة الناجزة في فلسطين.
وشدد على أن أجهزة الأمن وظيفتها الأساسية توفير الحماية للمواطنين، وتحقيق الأمن في المجتمع، وما حدث في الآونة الأخيرة وخصوصا من جرائم وأحداث في محافظتي نابلس وجنين كان سببه مشاجرات وخلافات شخصية، وأن انتشار الأسلحة غير المرخصة فاقمت من هذه النتائج.
ونوه اللواء إلى أن أجهزة الأمن قامت بمصادرة أكثر من 100 قطعة سلاح حقيقية ومصنعة من سلاح الفلتان منذ بدء هذه الأحداث، مؤكدا أن وجود هذا السلاح غير المرخص في أيدي أشخاص غير مخولين لحمله موجه ضد المواطنين ويهدف للنيل من أمنهم وزعزعة المجتمع.
ودعا اللواء لتبني الموضوعية وتحري الدقة تجاه الاشاعات والأحداث، حيث إن الكثير من الأحكام السلبية تأتي نتيجة لمعلومات غير دقيقة.
وأوضح اللواء عطا الله أن أجهزة الأمن الفلسطينية تعمل على رفع مستوى أدائها لتلبية المتطلبات الأمنية للمجتمع الفلسطيني وتحسين مستوى الخدمات التي تقدمها للمواطنين، عبر تأهيل وتدريب طواقمها واستقدام التجهيزات التي يتيح الاحتلال امتلاكها لمواكبة العصر الذي يشهد تطورا على مستوى الجريمة، بالإضافة الى سعيها الدائم لتذليل العقبات التي تعترض عملها.
وأشار إلى العقبات التي يفرضها الاحتلال بحكم التقسيمات للمناطق الفلسطينية التي تتطلب وجود تنسيق مسبق لتحريك القوات، وهو ما من شأنه ان يضعف من قدرتها على الاستجابة السريعة للحالات التي تتطلب تدخلا سريعا لفرض النظام.
جاءت تصريحات اللواء خلال مشاركته في طاولة أوراد المستديرة التي يعقدها مركز أوراد بعنوان "العنف المجتمعي والسلم الأهلي ودور المؤسسة الأمنية الفلسطينية: مؤشرات ودلالات نتائج استطلاع أوراد" التي شارك فيها مجموعة من الخبراء والأكاديميين القانونيين، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين وممثلات عن مؤسسات حقوقية وإنسانية وأمنية وخبراء في علم الجريمة.
وافتتح نادر سعيد مدير عام أوراد اجتماع الطاولة المستديرة باستعراضه نتائج الاستطلاع الأخير، الذي تطرق للواقع الأمني الداخلي بعد أحداث العنف الأخيرة، وتنامي تهديدات السلم الأهلي الفلسطيني.
حيث أكد في تحليله الشمولي لنتائج الاستطلاع أن ظاهرة (اللامعيارية) تصف الواقع الفلسطيني، وهي حالة من الارتباك والتراجع في دور المؤسسات المجتمعية والقيم العامة كمرجعية موثوقة ومعتمدة للجهات والأفراد.
وأشار إلى أن النزعة الذكورية المبالغ بها هي أحد أسباب العنف المجتمعي، حيث إن غالبية جرائم القتل تأتي على خلفية مشاجرات (ذكورية) أو قتل على خلفية ما يسمى بالشرف.
كما أكد أن الغالبية تؤيد فرض الأجهزة الأمنية لإجراءات مشددة في التصرف مع حائزي الأسلحة غير المرخصة، وتصل نسبة التأييد الى 84% في الضفة الغربية بحسب الاستطلاع.
وأوضح أن نتائج الاستطلاع تظهر انقساما في تقيم الرأي العام لأداء الاجهزة الامنية تجاه أحداث العنف الأخيرة.
بدوره عبر شعوان جبارين مدير مؤسسة الحق عن تخوفه من تصاعد هذه الأحداث مقارنة مع السنوات الماضية، مدللا على ذلك بالنسب والمعدلات الأخيرة التي أفصح عنها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، حول احصاءات الشباب ومعدلات الفقر والبطالة في صفوف الخريجين تحديدا.
وأضاف أن النظرة العامة حول الأحداث الأخيرة مرتبطة بالنظر لأداء القيادة السياسية ومدى الشعور بتوفير الحماية الذاتية للأفراد والمجتمع.
وأكد المحاضر في جامعة بيرزيت رمزي ريحان أهمية وجود بنية أمنية ونظامية قادرة على حماية المجتمع في حال وقوع تدهور نتيجة لأسباب سياسية أو تدخلات خارجية ربما تهدد الشعب الفلسطيني مستقبلا.
وذلك عن طريق تطوير الخبرات التأهيلية والتوعوية والتعليمية التي يحصل عليها رجال الشرطة الفلسطينية، لتكون ملائمة وقادرة على التعامل مع قضايا المجتمع وتنوعاته وطبقاته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
وأكد مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار دويك عمق الشراكة والعمل المشترك بين جهاز الشرطة والهيئة المستقلة في إنفاذ السياسة العدلية والقانونية في الأراضي الفلسطينية، وأن هذا الإنجاز والنجاح قائم على الرغم من التحديات والمعيقات وفي مقدمتها انتشار ظاهرة السلاح غير المرخص في المجتمع والمعيقات الإسرائيلية.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب أن الشفافية والنزاهة والمساءلة لدى أجهزة الأمن وجهاز الشرطة الفلسطينية في محاسبة منتسبيها الذين يتجاوزون القانون، وإيقاع العقوبات بحقهم ونشرها، يساهم في زيادة ثقة المواطنين بأجهزة الامن، ورفع مستوى الاقبال على التوجه اليها كداعمة أساسية لحماية المجتمع وتحقيق العدالة.
ونوهت أمال خريشة المديرة العامة لجمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية إلى أن التطور المستمر في عمل الشرطة الفلسطينية ملحوظ ونوعي، ومن النماذج على ذلك تشكيل وحدة حماية الاسرة والأحداث وغيرها من النماذج التي تعنى بمتابعة القضايا المتعلقة بالعنف ضد الأسرة.
ونوه المفكر والكاتب السياسي بكر أبو بكر أن تدهور الحالة الأمنية يرجع لعدة عوامل منها؛ مفهوم العنف بحسب تفكير المجتمع، وعلاقة ذلك بالعادات والتقاليد والموروث الثقافي، والخلط بين مفهوم القيم والاخلاق وعلاقتها بالفساد السياسي.
ونبه زياد عزت المحاضر في جامعة بيرزيت الى تنامي ثقافة العنف في المؤسسات التربوية وفي ثقافة الشارع والأسرة، مبينا أن النضال الحقيقي من أجل التحرر يتطلب ثقافة مدنية واحتراما متبادلا والتزاما بالنظام والنظافة في الأماكن العامة، وغير ذلك من المظاهر الحضارية.
وفي رده على مداخلات المشاركين، أقر اللواء عطا الله بوقوع مخالفات يرتكبها رجال الأمن أحيانا، مؤكدا أن التعامل مع المخالفين يتم بحسب القانون والأنظمة الداخلية للأجهزة الامنية بكل حزم وهي رادعة، ولا يتم اطلاع الجمهور على جوهرها كونها مسألة داخلية، وفي أحيان كثيرة يتعرض المخالفون لأشد العقوبات التي قد تصل الى الطرد والفصل من الخدمة.
وفي ختام حديثه شدد اللواء عطا الله على أن الفلسطينيين أحوج الى تطبيق نظرية الأمن الشامل، وهذا يستدعي توسيع هذا المفهوم ليبدأ من الأسرة كلبنة أساسية في بنية المجتمع والمدرسة وصولا، لتحمل كافة الجهات والمؤسسات المجتمعية والمدنية والمحلية مسؤوليتها في تعزيز سيادة القانون، وتحقيق الامن المجتمعي والسلم الاهلي على قاعدة كل مواطن شريك في تحقيق الأمن.