(شاهد الصور) المرسم.. غرفة صغيرة تزين ملامح غزة

جانب من فعاليات المرسم

غزة /خاص سوا/صبا الجعفراوي/ ما أن تطأ قدماك المكان، تستقبلك أصوات الموسيقى العذبة ورائحة الألوان المنبعثة من داخل غرفة صغيرة، يتواجد داخلها مجموعة من الفتيات اليافعات يحيطون بمعلمتهن ويراقبن بشغف حركات ريشتها وهي تلّون وترسم على اللوحة المتواجدة أمامها.

مركز "المرسم atelier" المتخصص لتعليم الرسم والفنون الجميلة استطاع أن يجمع بين جدرانه مواهب غزة رغم صغر مساحته، حيث تعكف الفنانة التشكيلية الفلسطينية رشا أبو زايد على تدريب وتعليم عدداً من المواهب من مختلف الفئات العمرية، بعد أن قررت خوض تجربة تأسيس المركز قبل 4 أعوام بمشاركة مديره زوجها سيد العميري.

تقول الفنانة أبو زايد، وهي مدربة ومعلمة في المركز، لمراسلة وكالة "سوا" إن مركز "المرسم" يعتبر الأول المتخصص لتعليم وتطوير المواهب الفنية وخاصة الرسم بأنواعه وأشكاله وأساليبه، فقطاع غزة يفتقر بشكل كبير لمكان متخصص في تعليم الرسم والاهتمام بهذه الموهبة بشكل خاص.

"نعمل على تنمية المواهب العديدة الموجودة والمدفونة في غزة، وفكرة انشاء المركز جاءت نتيجة لقلة الاهتمام بالثقافة الفنية، لذلك سعينا لتعليم الرسم والموسيقى على مدار السنة وبشكل دائم لكافة الفئات العمرية من سن 5 أعوام فما فوق ".تقول أبو زايد

وواجه "المرسم" في بداية تأسيسه تحديات عديدة وانتقادات من المجتمع في غزة، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة والوضع السياسي الراهن.

توضّح أبو زايد أن اهتمامات الناس كانت بعيدة عن ثقافة الفن والرسم إلا أن "المرسم" جازف في فكرته واقتحم كل الصعوبات وأصبح لدى الناس معرفة عن الفن وبدأوا بالتوافد لتعليم ابنائهم فنون الرسم.

وإلى جانب التحديات المجتمعية، يواجه المركز صعوبة في التمويل حيث يعتمد على تمويل ذاتي ما أدى لصعوبة توفير متطلبات المركز من مواد خام والامكانيات اللازمة التي تساهم في تطوير المواهب اضافة إلى قاعات تدريبية تستوعب المتدربين.

وتأتي فكرة "المرسم" بقطاع غزة في ظل ظروف سياسية واقتصادية صعبة، أدت إلى حدوث اضطرابات نفسية لدى نسبة كبيرة لدى الاطفال نتيجة للحروب التي شنتها اسرائيل ضد القطاع.

تؤكد الفنانة أبو زايد أن الرسم يعتبر علاج نفسي فعال للتخلص من أي ذاكرة سلبية في أذهان الأطفال والكبار، وهو ما تعمل عليه في مركزها حيث تسعى، إلى جانب تنمية الموهبة، تنمية الجوانب الايجابية لدى المتدربين واضفاء الاستقرار على حياتهم من خلال الفن.

وفي دراسة أجراها برنامج غزة للصحة النفسية بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2012 وجد أن نتائج هذه الدراسة تؤكد أن ما يقرب 30% من الأطفال ممن تعرضوا لمستويات عالية من الصدمات النفسية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، قد طوروا اضطراب ما بعد الصدمة.

وتسعى فئة قليلة من الأهالي إلى تطوير مواهب أطفالهم الفنية، فموهبة الطفلة تالين -7 أعوام- منذ صغرها دفعت والدها محمد مهنا إلى تسجيلها في "المرسم"، لتطوير شغفها وحبها للرسم والألوان.

"لاحظت مدى حبها لمسك الأقلام والألوان منذ أن كانت في سن 3 أعوام، وحبها للرسم بصورة غير طبيعية، بحثت كثيراً عن مكان مناسب لتطوير موهبتها ولكن غزة تفتقر لأماكن فنية متخصصة، وعندما سمعت عن "المرسم" سارعت في تسجيلها واغتنمت تلك الفرصة" يقول مهنا لوكالة "سوا".

ويعتبر مهنا تعليم الفن والرسم شيء أساسي في إشغال وقت الطفل، وإبعاده عن العنف والمشاكل وأجواء الحروب وسلبياتها خاصة أطفال غزة، متابعاً "الرسم يساعد في تفريغ الكبت الداخلي لدى الطفل، وأتمنى أن تتوفر أماكن مناسبة لتعليم كافة فئات المجتمع وخاصة البسيطة، فليست كل العائلات مقتدرة لتعليم أبناءهم الفن".

وتنهمك الطفلة دينا بوشناق -14 عام- وهي جالسة أمام لوحتها بين جدران غرفة "المرسم" في خلط الألوان وتعديل رسمتها، حتى تلاقي استحسان من معلمتها.

وتقول بوشناق لوكالة "سوا" "حبي للرسم والاهتمام بتطوير موهبتي دفعني للتسجيل في المركز، وواظبت على القدوم للدروس منذ 3 شهور".

وتتابع وملامح السعادة على وجهها " سعيدة جداً لأنني خلال فترة قصيرة تمكنّت من تطوير موهبتي وصقل مهارتي، زادت ثقتي بنفسي وأشعر دوماً أنني مميزة عن باقي صديقاتي في المدرسة".

وتطمح الطفلة بوشناق إلى المشاركة في مسابقات للرسم ومعارض على مستوى قطاع غزة وفلسطين، والسفر لمنافسة فنانين من الخارج لتصبح فنانة مشهورة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد