أهم التطورات القادمة في المنطقة حسب مركز دراسات أمريكي
واشنطن / سوا / توقع مركز دراسات استراتيجية رفيع المستوى في الولايات المتحدة أن تنسحب الإمارات من اليمن خلال الشهور القليلة المقبلة، وأن ينحسر نفوذ السلطات الدينية في السعودية، وأن تزداد حدة الحرب في سوريا ودمويتها، وأن تشهد إيران صراعا على السلطة، على أن هذه التوقعات جاءت في إطار تقرير خاص يستعرض التطورات المتعلقة في منطقة الشرق الأوسط خلال الربع الثالث من العام الحالي 2016، أي خلال الفترة من بداية تموز/ يوليو حتى نهاية أيلول/ سبتمبر.
وقال التقرير الصادر عن مركز "ستراتفور" الأمريكي المتخصص في الدراسات الأمنية والعسكرية والاستراتيجية إن دولة الإمارات ستسحب نفسها ببطء من العمليات العسكرية في اليمن، بعد أن نجحت بشكل كبير في طرد المسلحين من المراكز السكانية الجنوبية، ولكنها ستواصل العمليات الأمنية هناك؛ لتجنب تعافي تنظيم "القاعدة". ومع تواجد محدود لها في شمال اليمن، المنطقة الأكثر أهمية بالنسبة إلى السعودية، فإن الإمارات من المرجح أن تتجنب التورط المباشر في العمليات البرية المتجهة صوب العاصمة صنعاء.
ويعدّ مركز "ستراتفور" للتوقعات الاستراتيجية واحدا من أهم مراكز الدراسات المتخصصة في العالم حاليا، وقد تأسس في العام 1996، ويتخذ من ولاية تكساس مقرا رئيسيا له، أما التقرير فهو تقرير فصلي يرصد التوقعات بشأن مجريات الأحداث الرئيسية في المنطقة.
اليمن.. استمرار التفاوض
وقال المركز في تقريره إن "مشاورات السلام اليمنية سيتم استئنافها في الكويت، وسيكون الحوثيون أكثر قابلية لتقديم تنازلات في هذه المرحلة من الصراع والحوار.
وأضاف: "على الرغم من إمكانية الوصول إلى تسوية خلال هذا الربع في اليمن، إلا أن العنف سيبقى قائما في ساحات القتال في المناطق الوسطى من مأرب وشبوة وتعز، بغض النظر عما يقوم به المفاوضون".
سوريا.. مزيد من العنف
أما فيما يتعلق بالملف السوري، فيقول التقرير إن الحرب الأهلية السورية سوف تستمر؛ لتكون السمة المميزة لمنطقة الشرق الأوسط خلال الربع الثالث من العام، لتربط ما بين طموحات تركيا الآخذة في الارتفاع والصراعات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران بشأن موازين القوى في المنطقة وأزمة الهجرة في أوروبا والمواجهات بين روسيا والغرب.
وبحسب التقرير، فسوف تركز الولايات المتحدة خلال هذا الربع على حشد المزيد من الدعم لتحالفها الذي يهدف إلى مواجهة "الدولة الإسلامية"، وقد حاولت روسيا شق طريقها داخل هذه الحرب، التي تقودها الولايات المتحدة، في سوريا، على أمل إجبار البيت الأبيض على التفاوض على القضايا الأوسع نطاقا، خاصة تخفيف العقوبات على روسيا؛ بسبب أنشطتها في شرق أوكرانيا.
وأضاف التقرير: "استجابت روسيا مؤخرا لمطالبات واشنطن بإعادة الانخراط مع تركيا؛ من أجل تقليل فرص حدوث صدامات على أرض المعركة في سوريا، كما أعادت الولايات المتحدة تقديم طرحها بشأن تنسيق جهود الولايات المتحدة وروسيا في هذا البلد العربي، ومن المنتظر أن نشهد قصفا أمريكيا روسيا مشتركا للفصائل الجهادية في سوريا، إضافة إلى فرض مناطق حظر للقصف، وتسعى الولايات المتحدة من خلال ذلك إلى إزالة الغموض في المشهد المعارض، والذي تحتج به روسيا في تبرير توسيع قصفها للفصائل المعارضة المعتدلة المدعومة من قبل الولايات المتحدة .ولكن القول بذلك أسهل كثيرا من القيام به، لاسيما بالنظر إلى الوجود المتأصل لبعض هذه الجماعات مثل جبهة النصرة.
وقال التقرير إن روسيا ستتعاون بما فيه الكفاية للحفاظ على حوارها مع الولايات المتحدة، ولكنها ستستخدم ورقة التصعيد في سوريا من قبل القوات الموالية لها، وقصف المعارضة المدعومة أمريكيا في بعض الأحيان لتعزيز مواقفها في مواجهة واشنطن.
ويتوقع المركز أيضا أن "نشهد تطورا للقتال في محافظة حلب المحورية. ففي جنوب حلب، سيواصل تحالف "جيش الفتح" جهوده لدفع القوات الموالية، التي يقودها في الغالب الحرس الثوري الإيراني من المنطقة. وبينما يواصل المجتمع الدولي جهوده لمد وقف إطلاق النار إلى حلب، والمناطق المحيطة بها، فإن المقاتلين في المنطقة سوف يسعون إلى تعزيز مواقفهم قبل أي محادثات محتملة".
وفي الشمال السوري، ستستمر "الدولة الإسلامية" في فقدان الأراضي، وستستفيد "قوات سوريا الديمقراطية" (ذات الغالبية التركية)، والقوات الموالية، وبعض فصائل المعارضة الأخرى، من هذا التراجع.
صراع في إيران
ويتابع التقرير الذي نشره موقع عربي 21: "سوف تبدأ الاستعدادات الجدية للسباق الرئاسي في عام 2017 خلال هذا الربع. وسيتركز اهتمام الجنرال في الحرس الثوري قاسم سليماني ، ورئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد على الترويج لخطاب يقلل من أهمية الفرص الاقتصادية التي أتاحها الوضع الحالي (بعد توقيع الاتفاق النووي)".
ويتابع المركز: "مع المزيد من الانفتاح الاقتصادي، فإن الصراع بين قادة إيران سيتكثف. وسيسعى الحرس الثوري لحماية مصالحه التجارية، وتوجيه سياسة خارجية أكثر عدوانية في المنطقة ضد خصومه من السنة في دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية".
ومن المتوقع -بحسب التقرير- أن تركز قوى الأمن الداخلي في إيران على احتواء التزايد في نشاط المتشددين في جميع أنحاء البلاد. وهذا يشمل الجماعات الكردية في شمال غرب البلاد، وعرب الأهواز في جنوب غرب البلاد، والانفصاليين البلوش في جنوب شرق البلاد قرب باكستان، وكذلك المؤامرات "الجهادية" في وسط البلاد. وسيبقى نشاط المتشددين عند مستوى يمكن السيطرة عليه، ولكن طهران ستكون على أهبة الاستعداد للتدخل من قبل القوى السنية مع اشتداد المنافسة الإقليمية.
دول الخليج تتعافى
يقول التقرير إن السعودية وحلفاءها من دول مجلس التعاون الخليجي ستواصل التعافي الاقتصادي، ومن المرجح أن يرتفع إجمالي إنتاج منظمة "أوبك" من النفط خلال فصل الصيف بسبب مكيفات الهواء والأنشطة الأخرى التي تحتاج إلى الكهرباء.
وربما تشهد اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بعض الارتياح خلال هذا الربع؛ وذلك بفضل الانتعاش التدريجي في أسعار النفط؛ ما سيسمح أيضا باستئناف بعض المشروعات العملاقة.
وستستمر دول مجلس التعاون الخليجي في السحب من احتياطاتها من النقد الأجنبي؛ للحفاظ على ربط عملاتها بالدولار أو بسلة العملات كما في حالة الكويت.
ومن المرجح أن تصدر السعودية وسلطنة عمان سندات سيادية أو سندات الدين الحكومي من أجل زيادة رأس المال خلال الربع الثالث؛ لحماية احتياطياتها من الانخفاض أكثر مع استمرار تراجع أسعار النفط بشكل عام. وقد أصدرت كل من قطر والإمارات سندات سيادية خلال الربع الثاني.
ومن المرجح أن تبدأ خطة الإصلاح التي تم الإعلان عنها في السعودية في التحول إلى توجيهات تكتيكية للوزارات. ومع ذلك، فإن العبء الأكبر خلال هذا الربع سيقع على عاتق شركات القطاع الخاص؛ إذ سيكون على هذه الشركات التشبث بأصولها؛ تحسبا لمبادرات ربما تتسبب في زعزعة استقرارها قبل نهاية العام، وقد تشمل إحلال السعوديين محل الأجانب في بعض القطاعات الهامة. وستستمر مشكلات العمال وموجات التسريح في القطاعات الأكثر تأثرا، وعلى رأسها النفط والغاز الطبيعي والمقاولات.
السعودية.. والمؤسسة الدينية
يقول التقرير إن السعودية ستبدأ في الحد تدريجيا من نفوذ المؤسسة الدينية؛ من أجل خفض الضغوط الاجتماعية، ولكنها ستكون حريصة في ذلك؛ بسبب حاجتها إلى دعم هذه المؤسسة في مواجهة تزايد النشاط الجهادي.
وستواصل الرياض دعم حملة البحرين في مواجهة المعارضة الشيعية، التي بدأت خلال احتجاجات عام 2011. ولكن البحرين لن تكون قادرة على تجاوز الاضطرابات كلية.
إيران، في الوقت ذاته، ستواصل استخدام علاقاتها مع المجتمعات الشيعية في البحرين والمنطقة الشرقية في السعودية؛ لإثارة المزيد من التوترات.