نتنياهو: الاتفاق مع تركيا له تأثير هائل
تل أبيب/سوا/ عقد رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو ، اجتماعًا مع وزير الخارجيّة الأميركيّ، جون كيري، في العاصمة الإيطاليّة، روما، ساعات قبل الإعلان الرسمي للتوصل إلى اتفاق مصالحة مع تركيا.
ورغم أن نتنياهو سيعقد مؤتمرًا صحافيًّا عند الواحدة ظهرًا بتوقيت القدس المحتلة سيخصّصه بالكامل للمصالحة مع تركيا، إلا أنه تطرّق للأمر أثناء لقائه بكيري، قائلًا إن للاتفاق 'تأثيرًا هائلًا على الاقتصاد الإسرائيلي'، في إشارة إلى شراكة تركية إسرائيليّة محتملة للتنقيب عن الغاز شرقيَّ البحر الأبيض المتوسّط.
تعاون إقليمي ومحاربة الإرهاب في سيناء
وأضاف نتنياهو أنه بحث مع كيري الأوضاع في الشرق الأوسط، التحديّات والإمكانيّات التي تواجهها إسرائيل، 'لم نتطرق إلى تنسيق عسكري بين الولايات المتحدة وإسرائيل فقط، إنما عن تعاون إقليمي، وعن دفع مسار السلام مع الفلسطينيين مهما كان صعبًا'.
وأشار كيري لأول مرّة إلى أن إسرائيل تحارب الإرهاب في شبه جزيرة سيناء المصريّة، إذ قال 'تباحثنا حول العديد من الأمور، لكننا ركّزنا بالأساس على الجهود الإسرائيليّة لمحاربة الإرهاب في شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان، حيث يتواجد تنظيم داعش وإلى تحدّي العنف في قطاع غزّة والضفة الغربية وعن التقدّم الذي أحرزه نتنياهو في مفاوضاته مع تركيا'، بالإضافة إلى 'التحدّيات الاقتصاديّة والوضع في دول المنطقة، تحديدًا مصر'.
هرتسوغ: من غير المعقول تعويض المعتدين على جنود الجيش
ورغم أن الاتفاق التركي الإسرائيلي يساهم بشكل جدّي في رفع الضغط الذي مارسته تركيا على عدد من الهيئات والتجمّعات العالمية، منها على سبيل المثال، الناتو، إلا أنه لم يلقَ ترحيبًا كبيرًا في الأوساط السياسيّة الإسرائيليّة، فقد قال زعيم المعارضة الإسرائيليّة ورئيس 'المعسكر الصهيوني'، يتسحاك هرتسوغ، إن الاتفاق 'جزء من نمط عمل نتنياهو، الذي يبدأ بتصريحات كبيرة، ومن ثم بوعود، لكنه ينتهي بالخنوع'، وأضاف هرتسوغ أن 'إعادة العلاقات مع تركيا هدف سياسي مهم، لكن دفع تعويضات لمعتدين على جنود الجيش الإسرائيلي أمر غير معقول'، بالإضافة إلى 'اللامبالاة والتجاهل تجاه عوائل المختفين الذين يصرخون (جنود الاحتلال الأسرى في غزّة) من قلبهم لكن صرخاتهم لا تدخل القلوب المغلقة لأعضاء المجلس الأمني الإسرائيلي المصغّر'.
ماذا عن حماس ؟
وقد خصّصت الصحف الإسرائيليّة تغطية واسعة لاتفاق المصالحة التركي الإسرائيلي، حيث ركّزت على أمرين اثنين: مبلغ التعويضات 'الضخم' الذي ستدفعه إسرائيل لتركيا بالإضافة إلى البند المتعلّق بحركة حماس، فقد تساءَلت 'يديعوت أحرونوت' في عنوانها الرئيس: 'مصالحة أم خنوع؟'، وتطرّقت إلى الانتقاد الذي وجّهه عدد من السياسيّين الإسرائيليين والأتراك لاتفاق المصالحة.
أما المحلل السياسي لصحيفة هآرتس، تسفي برئيل، فقد لفت إلى أنه 'من الخطأ أن يتم تقييم ميزان الحسب والخسارة بالتطرق إلى حماس أو التعويضات الماليّة، حيث أن للعلاقة الوطيدة بين إسرائيل وتركيا أهمية إستراتيجيّة عليا'.
أما حول البند المتعلّق بحركة حماس، فقد قال برئيل إن هذا البند 'الذي لا يمكّن حماس من القيام بعمليات عسكريّة ضد إسرائيل يعطي لها الإمكانيّة أن يكون لها مكتب تمثيليّ في تركيا، تدير من خلاله نظام العلاقات السياسية بينها وبين المنظمات والدول الأخرى، ومنها التبرعات التي تتلقاها الحركة'، مشكّكًا في نجاح تركيا بإقناع حماس أن تفصح عن مصير جنود الاحتلال الأسرى لديها، إذ قال برئيل إن حماس ترى قضيّتهم 'ورقة مساومة أمام إسرائيل لا هديّة تقدّمها حماس لتركيا، خصوصًا أمام اتفاق مصالحة مع إسرائيل'.
محلّلون: تحدّيات مشتركة
وحول الظروف التي قادت للاتفاق، قال برئيل إنه 'في الماضي، وحتّى أثناء حكم إردوغان نفسه، احتاجت تركيا إلى إسرائيل جسرًا للولايات المتحدة الأميركيّة، لكنها الآن ليست مضطرّة لذلك، حيث أن وضع إسرائيل غير المستقرّ في الاتحاد الأوروبي وفي العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركيّة لا يعطي إسرائيل الأهميّة التي كانت لها في هذا المجال سابقًا'.
كما تطرّق برئيل للعلاقات التركيّة مع دول المنطقة: قطيعة مع مصر، ريبة سعوديّة من تركيا، بدأت بالخفوت مع بدء حكم الملك سلمان، ولمحاولات روسيا إذلال تركيا بعد إسقاط الأخيرة طائرة عسكريّة روسية، العام الماضي، ما يزيد حاجة البلدين (تركيا وإسرائيل) لأصدقاء جدد في المنطقة، 'لا مركز لإسرائيل تستطيع من خلاله التهدئة بين تركيا ومصر أو روسيا، كما لا تستطيع تركيا التقريب بين إسرائيل والسعوديّة، لكن لكلاهما مصالح مشتركة في بيع الغاز الإسرائيلي لتركيا، خصوصًا وأن تركيا تسعى لتنويع مصادر الغاز لديها والتقليل من الاعتماد على الغاز الروسي'.
وانتهى برئيل بالتطرق إلى الحرب في سورية، وقال 'كلا البلدين مهددين من قبل الحرب في سورية، لكليهما مصلحة في التأثير على مستقبل سورية، كلاهما قريبان بدرجة خطرة من قواعد داعش، ولكليهما يولي الاتحاد الأوروبي وتركيا أولويّة حين يتم الحديث عن الشرق الأوسط... صحيح أنه منه المبكر الحديث عن تنسيق عسكري مشترك، إلا أن تنسيقًا عسكريًا ثنائيًا أو متعدد الأطراف بإشراك الولايات المتحدة والدول المنخرطة في الحرب على داعش هو بالطبع محتمل بل وقريب من ناحية زمنية'.
نتنياهو يشكر بايدن
وفي سياق متّصل، أجرى نتنياهو اتصالًا هاتفيا، بنائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، شكره خلاله على الجهود التي بذلها، من أجل تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل.
وقال بيان صادر عن البيت الأبيض إن 'نتنياهو اتصل هاتفيا بنائب الرئيس، جو بايدن، ليشكره على الدعم الذي قدمه لمفاوضات تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل'.
وأضاف البيان أن بايدن بدوره هنأ نتنياهو، 'على التقدم الذي تم تحقيقه في سبيل التصالح مع تركيا'، مشيرًا إلى أهمية ذلك، من أجل المصالح الاقتصادية، وتوفير الأمن، للبلدين، ولمنطقة شرق البحر المتوسط.