عندما نتحدث عن الدور المصرى فى عملية السلام فى الشرق الأوسط فإننا نتحدث عن دولة تمتلك كافة المقومات المطلوبة للقيام بدور مميز قادر على التأثير فى الأحداث بل توجيهها لمصلحة استقرار المنطقة, ويظل هذا الدور فاعلاً ومطلوباً بصورة دائمة حتى فى أصعب الظروف المحلية والإقليمية والدولية , وليس لى إلا أن أؤكد مرة أخرى أن مصر لم ولن تبحث عن دور تلعبه فى القضايا الإقليمية بل إن الدور هو الذى يبحث حثيثاً عن مصر حتى يزداد قوة وتأثيراً ، من المؤكد أن هناك مجموعة من المحاور والأسس التى تعطى الدور المصرى عناصر قوته ومقومات نجاحه وهى فى مجملها محاور متكاملة تتفاعل مع بعضها البعض لتجعل من هذا الدور ضرورة لا غنى عنها، بالتالى سوف أحدد هنا عشرة محاور رئيسية تمثل إطار وجوهر مقومات الدور المصرى فى القضية الفلسطينية. 

المحور الأول: أن القضية الفلسطينية بكل مكوناتها تعتبر قضية أمن قومى مصرى ولا يمكن أن نتعامل معها إلا من هذا المنطلق وإلا نكون مقصرين فى حق التعامل الصحيح مع قضايا أمننا القومى حيث إن الجبهة الشرقية هى إحدى دوائر الأمن المباشر لمصر. 

المحور الثاني: أن مصر تعاملت مع هذه القضية منذ بدايتها وحتى الآن بكل شفافية وجدية ومصداقية وتفان وجهد لا حدود له وقدمت كل التضحيات البشرية والمادية والدعم السياسي, وهو ما يعد أمراً طبيعياً ما دمنا سلمنا أننا نتعامل مع قضية أمن قومى مصرى ( الدور المصرى لإتمام الإنسحاب الإسرائيلى من غزة عام 2005 ) . 

المحور الثالث: أن مصر لم تتوان فى يوم من الأيام عن تقديم كل المساعدة والمشورة فى مراحل التفاوض السياسى بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى نظراً لما تمتلكه من خبراء وخبرات واعية متفهمة مهنية حرفية وطنية قادرة على أن تقوم بهذا الدور بلا أى مقابل . 

المحور الرابع: أن القضية الفلسطينية تعد إحدي أولويات السياسة الخارجية المصرية مهما تعددت وتشابكت القضايا الأخرى وصعد بعضها إلى السطح لفترة , ولا شك أن هذا البعد هو الذى يعطى الزخم المطلوب لهذه القضية التى تحاول إسرائيل وبعض القوى الدولية إبعادها عن دائرة الضوء. 

المحور الخامس: أن مصر التى وقعت معاهدة السلام مع إسرائيل منذ ما يزيد على 37 عاماً حرصت منذ الخطوة الأولى على أن تكون القضية الفلسطينية جزءا لا يتجزأ من منظومة التحرك السياسى والدبلوماسى المصرى ولكن الظروف الإقليمية فى هذا الوقت أثرت بشكل واضح على القرار الفلسطينى الذى لم يتعامل مع هذا المتغير الإستراتيجى بالشكل المطلوب . 

المحور السادس: أن مصر ترتبط بعلاقات مميزة مع كافة الأطراف المباشرة والمعنية فى هذه القضية استناداً على ثقة هذه الأطراف المطلقة فى قدرات الدور المصرى ومدى تأثيره على معطيات القضية , وحتى فى ظل وجود بعض مظاهر التوتر بين مصر وبعض الأطراف فى فترات زمنية متفاوتة إلا أن هذا الأمر لم يعق التحرك المصري. 

المحور السابع: أن مصر لديها علاقات وثيقة مع كافة الفصائل والتنظيمات الفلسطينية على مختلف توجهاتهم السياسية وتقف بكل موضوعية على مسافة واحدة من الجميع, بل إن مصر نجحت فى إقامة علاقات وطيدة مع فصائل المقاومة الفلسطينية ممن لا يملكون أية أجندات سياسية ونجحت فى استثمار هذه العلاقة بالصورة التى تعود بالإيجاب على الموقف الفلسطينى ككل . 

المحور الثامن: أن مصر حريصة دائماً على أن تكون تحركاتها معلنة وأن تتم من خلال منظومة تنسيق جيدة مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة حتى لا يتم التحرك المصرى بمعزل عن أية تحركات أخرى أو يتعارض معها مما قد يعرضه للفشل , فمصر تتحرك دائماً فى هذه القضية من منطلق وطنى وعربى وبوعى وفهم ورؤية وتكامل وليس من أجل السبق أو تحقيق إنجاز وهمى ( تفويض الجامعة العربية لمصر فى موضوع المصالحة ) . 

المحور التاسع: أن مصر وهى تتعامل بمصداقية وقناعة مع القيادة الفلسطينية الشرعية ممثلة فى الرئيس أبو مازن لم تفقد قنوات الإتصال مع كافة القوى الفلسطينية الأخرى مادام الأمر سوف يصب فى النهاية لمصلحة الشعب الفلسطينى . 

المحور العاشر: أن مصر يقع على أرضها المعبر (العربي) الوحيد الذى يربط قطاع غزة بالعالم الخارجى وهو معبر رفح وهو ما يعنى أن مصر تمثل بحق العمق العربى لفلسطين , وإذا كنا متفقين على أهمية فتح المعبر لإعتبارات إنسانية على فترات متقاربة تخفيفاً على سكان القطاع ودون الإخلال بمتطلبات أمننا إلا أننا نرفض تماماً إختصار القضية الفلسطينية فى قضية معبر رفح فقط فهناك قضايا أهم وأجدر وأعمق ينبغى التركيز عليها مثل قضايا القدس واللاجئين والأرض. 

الخلاصة كما أراها أن مصر قادرة على إعطاء الزخم الحقيقى للقضية الفلسطينية التى يجب أن نسعى إلى تنشيطها باستمرار وإعطائها الأولوية التى تستحقها فى سياستنا الخارجية وبلورة رؤية واقعية ومتكاملة لهذا التحرك وصولاً للهدف الأسمى. 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد