"ذاهب الى القدس لئلا تتهود. ألا تريدون المحافظة على أرضنا المقدسة وعدم تهويدها ؟ ألا تريدون دعم القضية الفلسطينية؟.. سنذهب لنقول هذه أرضنا والقدس مدينتنا. كفى مزايدات. هذا عيب".

يهذه الكلمات واجه غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رأس الكنيسة المارونية معارضيه في لبنان ولقاء البابا فرنسيس عندما يقوم بزيارة الأراضي المقدسة نهاية الشهر الحالي. "ذاهب الي بيت لحم وسأقول للرئيس محمود عباس فلسطين لكم وبيت لحم لكم".

 قال غبطته وأضاف بحزم:" لدي قضية وأعرف كيف احملها. أنا ذاهب الى شعبي. القدس مدينتنا كمسيحيين قبل كل الناس. ذاهب للقول إنها مدينتنا هي القدس العربية. لدي رعية في القدس وشعب. وأنا ذاهب عند شعبي والى بيتي.

 الراعي هو بطريرك لبنان وسائر المشرق ورسالته السماوية والانسانية والوطنية تحتم عليه الإمساك بمفتاح الشرق الذي يبدأ من الأرض المقدسة, وهي بهذا المعنى فضيلة دينية وضرورة سياسية تحتمها شراسة الهجمة الاستيطانية التي تتعرض لها المدينة المقدسة. ثم, أن الزيارة ستؤكد شراكة المسيحيين والمسلمين في الدفاع عن مسرى النبي عليه السلام وعن مهد المسيح عليه السلام. وهي بهذا المعنى, ايضا, تشكل تحديا وإغاظة للاحتلال الذي يسعى لافراغ المسجد من زائريه العرب والمسلمين. قبل وصوله طمأن البطريرك منتقديه الذين يبحثون عن ذريعة لتغطية عجزهم وقصورهم بحجة التطبيع قائلا: "ليس لدي أي علاقة مع اسرائيل, بل أنا ذاهب إلى القدس والأراضي المقدسة في زيارة رعوية.

 لذلك طلبت أن لا أقابل أي مسؤول سياسي". نشير هنا الى أن مفتي مصر الشيخ علي جمعه والداعية الحبيب علي الجفري سبقا غبطته في زيارة الاماكن المقدسة واطلعوا على مستوى الارهاب والمصادرة والاستيطان الذي يتعرض له الانسان والارض في القدس. المواطنون المقدسيون استشعروا الآمان في الزيارة وفهموا أن العرب والمسلمين معهم.

وكأن غبطنه واصحاب الفضيلة اردوا القول ان الوقوف مع المقدسيين عن بعد لا يكفي, وأن كل بيانات الادانة والاستنكار للارهاب الاسرائيلي لن تردعه, وأن النظر من ثقب الباب يتيح رؤية غير واضحة لبعض زوايا البيت بقدر ما يسمح الثقب للعين أن تتجول فيه. لكن فتح الابواب والنوافذ كفيل برؤية ما يحدث في الداخل عن كثب, وبالتالي تصويب الرؤية واتخاذ موقف عملي يتجاوز الموقف اللفظي.

 من هنا تأتي أهمية أول فتوى فقهية ذات مرجعية متفق عليها اصدرها علماء مسلمون خلال مؤتمرهم في عمان بعنوان (الطريق الى القدس) لتشكل غطاء لمن يرغب في زيارة القدس, وتدعو المسيحيين في كافة أرجاء العالم لنصرة مقدساتهم والحفاظ عليها. بعض المراقبين يتوقعون أن يخرج قداسة البابا المعروف أنه لا يتدخل في الشؤون السياسية, عن المألوف و يطلق خلال الزيارة مبادرة مسيحية دولية تدعو مسيحيي العالم لزيارة مقدساتهم.

في المقابل, فان الشيخ القرضاوي الذي أطلق في السابق فتوى تحريم زيارة القدس والمقدسات الاسلامية تحت الاحتلال بحجة عدم التطبيع أعلن عن مؤتمر سيعقد في الدوحة غدا الأحد حول القدس والاقصى, دون أن تلوح في الافق بوادر أن يعدل عن فتواه , كما أن مشاركة قيادات الاخوان المسلمين ستحول المؤتمر الى منبر للهجوم على النظام المصري. عشرات المؤتمرات عقدت في السابق حول القدس وأهلها ولم يصدر عنها غير الدعم اللفظي .

هنا تثار شكوك كثيرة حول البراءة والقصد من بعض المؤتمرات والفتاوى الدينية لا يتعدى كونها تسليم بالأمر الواقع في القدس, دون أن يدرك المشاركون فيها أن الخطأ عندما يتراكم يصبح خطرا, فيما المقدسيون وأرضهم يتقلبون على نار الاحتلال وجرائمه.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد