معبر رفح ..صرخات ومآسي بانتظار بصيص أمل

252-TRIAL- غزة / صبا الجعفراوي / سوا / تنتظر الفتاة أسماء الجبور صاحبة العشرين عاما  منذ ساعات الفجر في صالة معبر رفح البرى للسماح  لها بالسفر بعد أن أنهكها طول الانتظار بلا فائدة بين آلاف المسافرين العالقين، وذلك بعد أن سمحت السلطات المصرية لأول مرة منذ بداية العدوان على غزة بخروج أصحاب الاقامات والتأشيرات للدول العربية والأجنبية.  
ويعتبر معبر رفح المتنفس الوحيد أمام سكان قطاع غزة، والبوابة التي تغلق وت فتح استثنائيا لفئات معينة فقط، من مرضى وطلاب وأصحاب الجوازات والتأشيرات والاقامات للدول الأخرى.
 أسماء بحاجة ماسة للسفر لحاجتها الضرورية للخضوع لفحوصات طبية دورية كل 6 شهور كمقدمة لاجرائها عملية جراحية في رأسها، ولكن أزمة معبر رفح المستمرة حالت دون ذلك، ومنعتها من الخضوع لتلك الفحوصات منذ سنتين، مما أثر بالسلب وبشكل كبير على حالتها الصحية.
 وتتخوف أسماء من عدم تمكنها من السفر خلال فترة التهدئة المتفق عليها لمدة 72 ساعة، خاصة أن العدوان على غزة وأصوات الانفجارات الضخمة التي تحدثها صواريخ الاحتلال تؤثر جدا على حالتها الصحية.
وقالت إنها تشعر بألم وصداع  بسبب أصوات الصواريخ وحجم الانفجارات التي لا تحتمل، مضيفةً انها كانت تضطر الى النوم طوال الوقت حتى لا تتردى حالتي الصحية نتيجة هذه الأصوات المرعبة .
 ولم يختلف حال الأخ الأصغر للشاب ماهر مصبح، الذي يعاني هو الآخر من مشاكل في الأذن، فأزمة المعبر قد تحرمه نعمة السمع إذا لم يسافر لتلقي العلاج في الخارج والخضوع لعملية جراحية عاجلة قبل فوات الأوان!.
 ويقول لـ "سوا": معبر رفح هو المنفذ الوحيد لنا، إسرائيل تغلق المعابر أمامنا، مستهجناً سبب عدم مراعاة المصريين لمعاناة المرضى في غزة، وعدم التفات شعوب العالم لحجم تلك المعاناة.
 وأبدى الشاب مصبح تشاؤمه من إمكانية إنهاء معاناة إغلاق معبر رفح للأبد، متوقعا أنه لو تم التوصل لحل أزمة المعبر ستعود المشكلة إلى أدراجها بعد شهر أو شهرين فقط، وستعود المعاناة كما كانت، قائلا "لا أحد يريد أن تعيش غزة بحرية".
فمقاعد صالة انتظار السفر لم تفرغ من المسافرين خاصة النساء والاطفال والمسنين العالقين بانتظار السماح لهم بالمغادرة والسفر من قبل السلطات المصرية , فالنوم وافتراش الارض هو المشهد الابرز لعوائل تعد الدقائق حتى يسمح لها بالسفر، لكن الكارثة تكمن بانتهاء اليوم ولا يتسنى لهم السفر فيضروا بالعودة الى البيوت وانتظار الصباح للعودة من جديد الى بوابة المعبر.
 وفي الصالة الداخلية للمعبر، يقف أحد رجال الأمن ينادي على أسماء المسافرين ليستلموا جوازات سفرهم، حيث يقف مئات العالقين بفارغ الصبر لسماع أسمائهم، متشبثين بأمل ضعيف يمكنهم من إنهاء معاناتهم والسفر للعالم الخارجي. 
وعلى إحدى مقاعد الصالة تجلس المواطنة نجوى تمراز هي وابنتها كغيرها من العالقين تنتظر مناداة اسمها، وتقول تمراز إنها تعاني منذ 4 شهور من عدم تمكنها من السفر للسعودية بعد حصولها على تأشيرة الدخول، مشيرا إلى أن مستقبل أولادها وعائلتها مرتبط بإقامتها في السعودية التي شارفت على الانتهاء.
 وتأمل تمراز أن تتمكن من السفر قبل انتهاء فترة التهدئة المتفق عليها، فالوصول لمنطقة المعبر سيكون خطر جدا في ظل عدم وجود تهدئة، متمنيةً أن تنتهي معاناة الغزيين قريبا من خلال التوصل لاتفاق شامل ضمن المباحثات التي تجري في القاهرة لحل أزمة غزة وإنهاء العدوان. 
وعلى بوابة المعبر الموصدة تجمهر العشرات من المواطنين بانتظار دخولهم لصالة المغادرة على الجانب الآخر.
وفي إحدى سيارات الإسعاف يرقد الجريح فايز القصاص منتظراً السماح له بالسفر للقاهرة لتلقي العلاج بإحدى مستشفياتها. 
الجريح القصاص تحدث لـ "سوا" وهو منهك جدا بفعل غارة إسرائيلية أصابته بمحافظة خانيونس ارتقى فيها شهيدين من جيرانه وأصيب ثمانية آخرين بصوت متعب للغاية عن إصابته الحرجة والكسور المتعددة في قدمه  إضافة لإصابة في الكلى ومنطقة البطن، متمنياً أن يتعافى سريعا ليعود لزوجته وطفليه.
وحول آلية العمل في معبر رفح خلال فترة العدوان، أكد المدير العام لمعبر رفح البري خالد الشاعر أنه في ظل خطورة الوضع تم السماح لكل مواطن استطاع الوصول للمعبر بالسفر، نظرا لصعوبة الوصول والوضع الأمني السيء وقلة الأعداد التي توفد للمعبر، حيث لم يتجاوز عدد المسافرين في اليوم الواحد عن مائة مسافر.
وأوضح الشاعر أنه مع دخول الهدنة حيز التنفيذ لمدة 72 ساعة توافدت أعداد كبيرة من المواطنين للمعبر، بسبب توسيع السلطات المصرية من دائرة الفئات المسموح لها بالسفر بعد ان كانت مقتصرة فقط على أصحاب الجوازات المصرية والأجنبية، والسماح لحملة التأشيرات بالسفر لأول مرة منذ بداية العدوان.
وطالب الشاعر السلطات المصرية بالتخلي عن سياسة تحديد فئات ونوعية وأعداد المواطنين المسموح لها بالسفر، والسماح لجميع فئات الشعب بالسفر، مناشدا مصر بفتح المعبر طوال الوقت لإنهاء معاناة العديد من المواطنين في غزة.
وتستضيف القاهرة حاليا مفاوضات تجريها المخابرات المصرية مع وفدين فلسطيني وإسرائيلي، كل على حدا لبحث تثبيت وقف إطلاق النار والوصول إلى اتفاق تهدئة شامل ودائم، يتضمن وبشكل أساسي رفع الحصار وفتح المعابر في ظل وضع معيشي صعب يعيشه سكان القطاع نتيجة الحصار المفروض منذ ثمانية أعوام.
188
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد