تتميز الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وتتفوق عن باقي فصائل العمل السياسي الفلسطيني على أنها:  
أولاً: صاحبة مبادرة دائمة ومتعددة، عبر تقديم رؤى سياسية خلاقة، تستهدف توجيه النضال الوطني الفلسطيني، ومعالجة الاستعصاءات التي تواجه الحركة الوطنية الفلسطينية، في ذروة اشتباكاتها المتواصلة في مواجهة العدو الإسرائيلي ومشروعه الاستعماري التوسعي، وفي طرح الشعارات المعبرة عن اللحظة المباشرة، انعكاساً للرؤية وللبرنامج، تكاد تُلبي تطلعات الإجماع الوطني الفلسطيني والالتزام به .
ثانياً: امتلاكها للقدرة التحليلية، سياسياً وفكرياً، فتقدم وصفة واقعية لأصحاب الفكر، من الكتاب والمحللين ولقادة الرأي ولعموم الشعب الفلسطيني سواء اتفقوا معها أو اختلفوا، ولكنها تنجح في فرض صيغ برامجية ذات طابع تشاركي جبهوي وحدوي، انعكاساً لبرنامج وطني واسع تلتف حوله ومعه أكبر قطاع من الفلسطينيين، ومن أشقائهم العرب للعمل على تحقيقه.
ثالثاً: الانحياز الدائم لبرنامج الإجماع الوطني والعمل على توسيع قاعدة الشراكة في المؤسسات التمثيلية والانخراط فيها وجعلها عنواناً للعمل الجماعي، فكانت الجبهة دائماً، وفي كل المراحل عنواناً للحفاظ على شرعية مؤسسات منظمة التحرير التمثيلية، وبرنامجها الوطني، والتمسك بالأدوات الكفاحية المتفق عليها . 
في التقرير السياسي المقدم عن أعمال اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، ينفرد التقرير عبر نوعية قراءاته للوضع السياسي السائد عن باقي تقارير الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية في تناولها لأضلاع المثلث الفلسطيني الذين يُكونون بمجموعهم الشعب العربي الفلسطيني، حيث لا يستطيع أحد القفز عن وجود هذه الأضلاع المثلثة، وبرامجها المختلفة المتنوعة، والموحدة في في إطار تكاملي، ذلك البرنامج الذي يوحد نضالات الشعب العربي الفلسطيني كما يقول التقرير عن كل مكون من المكونات الثلاثة كما يلي : 
1- في الـ 48 ضد سياسات التمييز العنصري، ولأجل تفكيك منظومة القوانين الصهيونية، ودفاعاً عن المساواة في المواطنة، والتصدي لمحاولات الأسرلة وحفظ الحقوق القومية والديمقراطية والاجتماعية لأبناء الشعب الفلسطيني .
2- في الـ 67 من أجل رحيل الاحتلال وتفكيك الاستيطان، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية بحدود الرابع من حزيران (يونيو) 67. 
3- في الشتات، عبر النضال دفاعاً من حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجر منها اللاجئون منذ العام 1948 .
في كل محطة من محطات انعقاد اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية تتوفر فرصة تقييمية قل نظيرها للرأي العام الفلسطيني، ولذلك تسعى بشكل حثيث لتقديم وجبة فكرية سياسية دسمة، ومؤشر عقلاني، وأداة رؤية، تسهل للمهتم اختزال الجهد لمتابعة تعقيد الأوضاع لدى التجمعات الفلسطينية الثلاثة في مناطق 48، ومناطق 67، وفي مناطق اللجوء والشتات، والاطلاع عليها، وبهذا تكون الجبهة ليس فقط في الموقع المسؤول في كيفية التعامل مع المكونات الثلاثة، بل والمرشد الريادي للعديد من المنخرطين في متابعة هموم الفلسطينيين وانشغالاتهم، وبناء أولويات العمل البرنامجي الواقعي المفيد لقادة هذا المجتمع وإزاحة ما يواجهه من متاعب، والتفرغ لمواجهة العدو الواحد : المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وانتصار الجامع الواحد الموحد : المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، وإنجاز أهدافه الثلاثة المتكاملة المكملة، حق المساواة لفلسطينيي مناطق 48، والاستقلال لفلسطينيي مناطق 67، وعودة اللاجئين إلى اللد ويافا وعكا وحيفا وصفد وبئر السبع، وسائر المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها . 
وسواء اختلف المتابع أو المدقق أو صاحب الاختصاص في الشأن الفلسطيني، أو اتفق مع رؤية الجبهة الديمقراطية، فإنه يجد في وثائقها وخلاصة عمل مؤسساتها ومنظماتها القيادية، ما يستحق الاهتمام، والقبول أو النقد من موقع المطل والمستفيد، وكما تقول الحكمة "عدو عاقل خير من صديق جاهل" فكيف يكون الحال حينما يكون الصديق الممثل بالجبهة الديمقراطية هو العاقل المتزن المتجدد دائماً وفق المعطيات والوقائع والمستجدات ؟؟ لا شك أنه يقدم للشعب العربي الفلسطيني ما يفيده ويُغني ثقافته وانعكاس ذلك على يومياته وبرنامجه الكفاحي، وتطلعاته نحو تحقيق طموحات شعبه على طريق انتصاره، وهزيمة عدوه الذي لا عدو له غيره، وهو المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي يحتل أرض الفلسطينيين، ويصادر حقوقهم، ويمس كرامتهم. 


h.faraneh@yahoo.com

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد