56-TRIAL- ها هي القاهرة تعود من جديد، لكي تلعب دورها المؤكد في قيادة دفة الخروج من تبعات الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة ، بعد أن ظن البعض أن التحالف الأميركي التركي القطري، قد صادر هذا الدور، تعود القاهرة لكي تصبح ملتقى اهتمامات المتابعين والمنتظرين بعد نجاحها في مواجهة تبعات حالة الاستقطاب العربي والإقليمي الذي جسده مؤتمر باريس بقيادة الولايات المتحدة للالتفاف على القاهرة ومبادرتها بشأن حقن دماء الفلسطينيين، هذا المؤتمر الذي نجح فقط في تأكيد الدور المصري الذي لا بديل عنه، بالنظر إلى جملة من العناصر يأتي في طليعتها تقاطع الأمن القومي المصري مع الأمن الفلسطيني، ودور مصر التاريخي في حمل لواء الدفاع عن القضية الفلسطينية ومناصرة الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال وقيام دولته المستقلة. ظلت القاهرة متمسكة بمبادرتها رغم أجواء الاتهامات المدروسة والخبيثة بموازاة جهد إعلامي قل نظيره للهجوم على مصر ومبادرتها وقيادتها، غير أن القيادة المصرية تعاملت بهدوء ورباطة جأش وثقة بدورها الطليعي رغم كل التشوهات التي أحاطت بهذا الدور، وربما شخصية الرئيس السيسي، الهادئة والواثقة هي التي أكسبت هذا الدور كل الثقة والهدوء الذي مارسته القاهرة وهي تتعاطى مع هذه الأزمة بالغة التعقيد، تعاملت بحذر شديد ولكن بثقة عالية مع حالة الاستقطاب التي أراد البعض استثمار دماء الفلسطينيين لصالح أهدافهم الخبيثة. بعض الأصوات المصرية، مذيعين وإعلاميين على وجه الخصوص، لعبت دوراً مشبوهاً عندما تشفّت بالدم الفلسطيني والوقوف مع العدوان الإسرائيلي تحت ذرائع واهمة، أصوات العار تلك التي صدرت من القاهرة، تعتبر خيانة لمصر قبل أن تكون خيانة للشعب الفلسطيني، وشوهت دون نجاح يذكر التاريخ الوطني والقومي للشعب المصري، غير أن هذه الأصوات على قلتها وانعدام تأثيرها نجحت بحدود معينة في تغذية نوازع الحرب على مصر ودورها، واتخذها البعض مثلاً ودليلاً لتشويه دور القاهرة في حقن الدم الفلسطيني. لقد نجحت القاهرة، بمساعيها لإنجاح مبادرتها في توحيد الصف الفلسطيني من جديد، وها هو الفريق الفلسطيني الموحد، يعقد اجتماعاته في العاصمة المصرية، ويتوصل إلى موقف فلسطيني موحد، ما كان للقاهرة إلاّ أن تتبناه وتتفهمه، باعتبار أن جملة الاستحقاقات "المطالب" الفلسطينية، هي مطالب إنسانية لا بد من توفيرها لكي يعيش أهالي غزة حياة كريمة حتى بحدودها الدنيا، هي مطالب كان يجب أن تتوفر دائماً، بصرف النظر عن الحروب الثلاث التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، وهي استحقاقات كان يجب أن تكون مكفولة بالنظر إلى ما يفرضه القانون الدولي على إسرائيل باعتبارها دولة تحتل دولة فلسطين وشعبها. كان من الصحيح أن يصر الموقف الفلسطيني الموحد على ضمانات لتنفيذ كل ما يتم الاتفاق عليه، إذ ان التجربة مع الاحتلال الإسرائيلي لا توحي بأي ثقة، ذلك أن اتفاق الهدنة الموقع برعاية مصرية عام 2012، أثناء حكم مرسي، لم يتم تنفيذه من قبل إسرائيل، خاصة بشأن المعابر التي تصل قطاع غزة بالضفة الغربية، تنقلاً وتجارة، ولا بانسحاب إسرائيل من الشريط الحدودي ولا من المياه الإقليمية لقطاع غزة على ساحل المتوسط، كما أن إسرائيل، لم تف ِبتعهداتها حتى لصديقها الأميركي بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين وفقاً لتفاهمات إعادة الحياة للعملية السياسية برعاية أميركية.. من هنا، فإن استمرار الجانب الفلسطيني بالدعوة إلى ضمانات جدية لتنفيذ كل ما يتم الاتفاق عليه، أمر ضروري إذا ما أرادت مختلف الأطراف استمراراً للهدوء والتهدئة والهدنة. لا نعتقد أن نتائج هذه الحرب ستتوقف فقط عند تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة، وهي كما أسلفنا احتياجات إنسانية بالدرجة الأولى، بل إن بنتائج هذه الحرب، هناك إمكانية واقعية لإعادة فتح ملف القضية الفلسطينية بالمعنى السياسي، إعادة الحياة لجهد سياسي عربي إقليمي ودولي، من أجل مفاوضات تهدف إلى إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، إن ذلك فقط، هو الذي يجعل قيام حرب رابعة صعباً إذا لم يكن مستحيلاً، الفلسطينيون لا يتطلعون فقط إلى الإغاثة والتنمية، بل إلى الحرية والاستقلال، وفي حال تعذّر الوصول إليهما، فإن رياح الحرب ستظل تطل من جديد، وإذا كان المجتمع الدولي حريصا على استقرار المنطقة ووقف العدوان، فإن توفير هذا المتطلب الجوهري والأساسي للشعب الفلسطيني، هو وحده الكفيل بعدم نشوب حرب أو حروب أخرى، ذلك أن الاحتلال الإسرائيلي، هو بحد ذاته حرب دائمة. ونحن نرنو إلى القاهرة، فإننا نعتقد أنه قد آن الأوان لإزالة كل أسباب الاستقطاب والاستحواذ على الصعيد العربي والإقليمي، حتى لا تظل الدماء الفلسطينية استثماراً لقوى تعمل لصالح مخططاتها الخبيثة!! Hanihabib272@hotmail.com 281

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد