الرئيس عباس: السلطة قد تنهار لعدة أسباب
رام الله /سوا/ قال الرئيس محمود عباس ، إنّه لن يترشّح للانتخابات القادمة، مبديًا في الوقت ذاته استعداده التامّ لإجراء الانتخابات في أيّ وقت، مشيراً إلى وجود مفاوضات في الدوحة مع حركة حماس ، لتشكيل حكومة وحدة وطنيّة، وفي حال الاتفاق يمكن إجراء تلك الانتخابات.
وتحدّث الرئيس عباس خلال مقابلة مع صحيفة "دير شبيغل" الألمانية عن أن "انهيار السلطة الوطنية أمر وارد في هذه الفترة"، نظراً لاستمرار الممارسات الإسرائيلية في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة (مناطق أ)، لافتًا إلى أن هذه الأعمال الإسرائيلية "تسبب عناءً للسلطة"، وهي بمثابة انتهاك لكافة الاتفاقيات، واستمرار إسرائيل في خرق هذه التفاهمات يعني "تغييب دور السلطة والدفع باتجاه انهيارها".
ودعا الرئيس خلال المقابلة المستشارة الألمانية بحكم علاقاتها الجيدة مع إسرائيل، إلى بذل جهود لدفع عملية السلام إلى الأمام مرة أخرى، وجدد إدانته لعمليات الطعن.
وجاءت المقابلة الصحافية أثناء الزيارة التي قام بها الرئيس عباس إلى ألمانيا، يوم أمس الثلاثاء، والتقى خلالها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وفيما يلي الترجمة الكاملة للمقابلة الصحفية:
في ظل الحرب الدائرة في سوريا واليمن وكذلك التهديد المستمر على الإرهاب من قبل تنظيم الدولة "داعش"، أصبحت بؤر التوتر لا تعد ولا تحصى في منطقة الشرق الأوسط، هذا عدا عن الصراع الدائر بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ ما يقارب العامين. يأمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، بوضع الأزمة الفلسطينية على جدول الأعمال خلال لقائه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم الثلاثاء.
س: السيد الرئيس، إن عملية السلام ميتة، والكثير من أعضاء الحكومة اليمينية يعارضون بشكل علني حل الدولتين.. هل يجب أن تغيِّر ألمانيا سياستها في الشرق الأوسط؟
ج: نحن نعرف التاريخ، ونحن لن نطالب ألمانيا بممارسة المزيد من الضغوطات على إسرائيل، ولكننا نعلم أن ألمانيا تدعم قيام دولة فلسطينية، ولهذا السبب يجب على المستشارة ميركل استخدام علاقاتها الجيدة مع إسرائيل بهدف تعزيز السلام في المنطقة.
س: في ضوء الحرب الأهلية في سورية والهجمات الإرهابية التي تحدث في أوروبا، العديد من السياسيين يشعرون أن هناك قضايا سياسة خارجية أكثر إلحاحاً في الوقت الحالي من الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.. هل تخشى أن تُنسى؟
ج: طبعاً نلاحظ أن هناك حالة من عدم الاستقرار في المنطقة بأسرها، وهذا يؤثر بشكل واضح على الاهتمام بالقضية الفلسطينية، ولكن يجب على العالم ألا ينسانا، ويجب حلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أولاً. هناك الكثير من الإرهابيين يستخدمون الصراع القائم بيننا كغطاء، وهم يدعون أنهم يؤيدون نضالنا، ولكن هذا ليس صحيحاً، إننا ندين أعمالهم وإذا لم نتمكن من العثور على حل لهذا الصراع في أقرب وقت، أخشى أن عنف تلك الجماعات الإرهابية ينتشر ويؤثر علينا في أراضينا الفلسطينية ويصل إسرائيل أيضاً.
س: في الواقع إسرائيل تعاني منذ شهور من موجة "العنف الفلسطينية" "والجناة" في معظمهم شباب بعمر صغير جدًا، ويتصرف من تلقاء نفسه وكثير من الأحداث ضمن انتفاضة السكاكين.
ج: هذه ليست انتفاضة، علينا أن نفهم لماذا يرتكب شباب بعمر صغير مثل هذه الهجمات، هذا الجيل يواجه العنف والإذلال من قبل الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي وهناك الكثير من المستوطنين يأتون إلى أراضيهم بشكل مستمر، إذا أوقفت إسرائيل كل ذلك فلن يقدم أي طفل فلسطيني على أخذ سكينه ومهاجمة الإسرائيليين.
س: حكومة نتنياهو اتهمتكم بالتحريض على العنف.. كيف تردون على ذلك؟
ج: أنا ضد هذه الهجمات ولقد قلت هذا مراراً وتكراراً.
س: لذلك لم يكن لديك تأثير على جيل الشباب؟
ج: إذا كان الشاب فاقد للأمل، إذاً هو أو هي لن يهمهم إذا قمت بإدانة أعمالهم.
س: ولكن اجتماعك بأقارب المهاجمين وإرسال رسائل تعزية لهم.. ألا تعتقد أنك قمت بإرسال إشارة خاطئة من خلال ذلك؟
ج : إذا مات فلسطيني، فنحن من نعيل عائلته اجتماعيًا، وهذا لا يعني أننا نؤيد ما فعلوه.
س: تسمية المهاجمين الذين نفذوا عمليات ضد إسرائيلي بالشهداء.. ألا تشير ضمنًا أن ما فعلوه نوعاً من البطولة؟
ج: نحن لا نشجع شبابنا على ارتكاب العنف، ولكن في حالة وفاة شخص على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية فإننا ندعو هذا الشخص شهيدًا وهذا من ضمن تقاليدنا.
س: لقد اتهمت الحكومة الإسرائيلية بالتخطيط لتغيير الوضع القائم في الحرم القدس ي الشريف، هذه مسألة حساسة للغاية.. ألا يمكنك تسخين الصراع بمثل هذه التصريحات؟
ج: هذه ليست تصريحات حساسة تمس الدين، المشكلة هي أن إسرائيل تحتل أرضنا وتهاجم الأماكن المقدسة لدينا، والمسجد الأقصى لنا، وهو جزء من عاصمتنا التي احتلت منذ عام 1967. إسرائيل يجب أن تبقى بعيدة عن المسجد الأقصى، بدلا من ذلك فهي تقوم باستفزازنا بشكل يومي وانتهاك مقدساتنا والصلاة فيها.
س: ولكن ما نتعامل معه هنا هو أعمال متطرفين وليس الحكومة الإسرائيلية؟
ج: من بين زوار المسجد الأقصى بعض أعضاء الكنيست ، والحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية وإيقاف المتطرفين، وعليهم أن يحترموا التزاماتهم بشأن الوضع الراهن.
س: لقد فشلت العديد من فرص السلام على مدى السنوات الـ 20 الأخيرة من يتحمل المسؤولية ومن المخطئ؟
ج: أنا أسأل باستمرار الأميركيين والأوروبيين: ما هي أخطائي؟ ويؤكدون أنني لم أرتكب أخطاء. الجانب الإسرائيلي هو من يفشل كل فرص السلام.
س: بدلا من التفاوض مع الحكومة الإسرائيلية، تقوم الآن باتخاذ إجراءات من جانب واحد، فضلا عن اللجوء إلى المجتمع الدولي بشكل مباشر.. هل تعتقد أن تلك استراتيجية جيدة؟
ج: نحن نؤيد المبادرة الفرنسية التي تطالب بمفاوضات متعددة الأطراف بدلا من النهج الثنائي، نريد عقد مؤتمر دولي وتشكيل مجموعة من الدعم الدولية التي تقام من أجل تحقيق السلام، سوف نتحدث مع الأوروبيين والأميركيين، والشركاء في آسيا والدول العربية المعتدلة، ونود أيضا أن تنضم إسرائيل، لكنهم يرفضون هذا النهج الدولي.
س: ما هو طرح الجانب الفلسطيني لمثل هذه المحادثات؟
ج: سوف نؤكد مجددا على تقديرنا لدولة إسرائيل لتعيشان جنبا إلى جنب مع دولة فلسطين في سلام وأمن. أنا أطالب نتنياهو بالجلوس معي على طاولة والتفاوض، وليس لدي أي شروط مسبقة، نريد فقط وقفًا مؤقتًا للبناء في المستوطنات في الوقت الذي تكون فيه هذه المحادثات تجري، الإسرائيليون يقولون لنا أن الوقت ليس مناسب للتوصل إلى حل الدولتين. ولكن الوقت المناسب هو الآن وليس غدًا أو في أي وقت في المستقبل، نريد التعايش معهم، ولكن الإسرائيليين لا يريدون ذلك، إنهم يريدون فصل أنفسهم عنا.
س: هل أنت مستعد للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية؟
ج: نحن معترفون بها كدولة إسرائيلية منذ عام 1993، ونحن على استعداد لإعادة تأكيد تقديرنا لدولة إسرائيل على أساس حل الدولتين، ولكن نريد منهم الرد بالمثل أيضاً.
س: إسرائيل قلقة جدًا من الجماعات المتطرفة وإمكانية كسبها للمزيد من النفوذ في الضفة الغربية، حماس تحظى بشعبية وخاصة بين الشباب، كما أظهرت الانتخابات في الجامعات؟
ج: كانت هذه النتائج حالات فردية.
س: وفقا لاستطلاعات الرأي، فإنك لا تحظى بشعبية كبيرة بين الناس على الإطلاق، وحكومتكم تفتقد للشرعية بالإضافة إلى عدم عقد أي انتخابات بالضفة الغربية منذ 10 سنوات.. هل تخشى من أن يكون فوز حماس في الانتخابات أمر ممكن؟
ج: أنا على استعداد لإجراء انتخابات في أي وقت، ولكن حماس ترفض ذلك حاليًا، نحن نتفاوض على تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حماس في قطر، ويمكننا إجراء الانتخابات في أقرب وقت ويصبح لدينا حكومة وحدة وطنية.
س: هل تسعى لفترة رئاسية قادمة؟
ج: لا أريد الترشح من جديد.
س: في الضفة الغربية، هناك عدد متزايد لخلايا حركة حماس النشطة، بالإضافة إلى بعض التخطيط لشن هجمات إرهابية ضد إسرائيل، هل لا تزال لديك سيطرة على الوضع؟
ج : إن قوات الامن لدينا تعمل بكفاءة عالية لمنع الإرهاب، قبل بضعة أيام قمنا بتتبع ثلاثة شبان وتم القبض عليهم، لقد كانوا يخططون لتنفيذ هجوم في هذا السياق، تعاوننا الأمني مع إسرائيل يسير بشكل جيد.. حماس تسعى لتخريب الأوضاع، ولكن لدينا الوضع تحت السيطرة.
س: أنت ذكرت مؤخراً أن السلطة الفلسطينية على شفا الانهيار؟
ج: إنه واقع الأمر: إذا كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل في مدننا في المنطقة (أ)، وهذا ما يسبب عناءً لنا وانتهاكًا لكافة الاتفاقيات، هذه المناطق من المفترض أن تكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية وحدها. إذا استمرت إسرائيل في هذا سوف تنهار السلطة الوطنية ولن يكون لها أي احتياج أو أهمية.