تفاءلنا لدى مقاطعة خطاب وزيرة المرأة أكثر من مرة في اجتماع لجنة وضعية المرأة في الأمم المتحدة الأخير. وخاب رجاؤنا ولم نعثر على مقاربة ما للتصفيق، معادِلة له في النوع والدرجة، إلا أن  وباء الازدواجية والانفصام السياسي يقف خلف جميع أبواب الأمم المتحدة.
لا زلت عالقة في دورة لجنة المرأة ومخرجاتها، كيف لا؛ وكنا نطمح إلى حدوث تطورُ ما على الفقرة الخاصة بحالة المرأة الفلسطينية، ليس بسبب اعتوارها أو عدم انسجامها وانطباق مضامينها مع واقع المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال، بل لكونها فقرة مكرورة تعيد اجترار حروفها كل عام، تكرر ربط إعاقة الاحتلال لوصول المرأة للموارد المادية بالبعد الخيري وتقديم المساعدات، ولعدم ربطها مبتدأ تحميل الاحتلال المسؤولية عن الواقع المأساوي لها ومسؤولية حمايتها منه، بخبر المطالبة بإنهائه ليستقيم وضع النساء الفلسطينيات.
بالتأكيد أن المعارك في بُنى الأمم المتحدة تجري على النصوص، نص مقابل نص، ضمن مداولات وآليات توافقية يتحكم بصياغتها ممثلوا الدول المتنفذة في الدهاليز السياسية، حيث لا يُشهر "الفيتو" المنحصر استخدامه في مجلس الأمن.
لا بد أن الحفاظ على صدور فقرة عن حالة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال على الرغم من مراوحتها حول نفسها أفضل من تآكلها، حيث عمل الوفد الاسرائيلي جهده من أجل عدم صدور الفقرة، من هنا يكتسب التخطيط الجدي للاجتماع السنوي للجنة وضعية المرأة بالتعاون مع مكتب بعثتنا الديبلوماسية في الأمم المتحدة بهدف التنسيق والتعاون من مختلف الزوايا، تنظيم الفعاليات ونسج العلاقات والتحالفات للتأثير على نتائج التصويت، عدد المؤيدين والممتنعين والمعترضين؛ في اللجنة المشكلة من خمس واربعين دولة يتم اختيارهم وفق أسس محددة تعتمد على أساس تمثيل القارات. 
يعتبر الاجتماع السنوي للجنة وضعية المراة أحد حجارة الزاوية المهمة، فمخرجاته تعتبر نقطة التوافق الدولي التي يتم التحضير لها على مدار العام من خلال مراقبة المجريات المتصلة بواقع المراة، ومن خلال رصد المتغيرات والأولويات. وبالتالي فان الاستناجات والتوصيات الصادرة عن اللجنة تعتبر بمثابة المرجعية للتوجهات والأولويات التي سيتم التركيز عليها من قبل مؤسسات وبعثات الأمم المتحدة، كما ستقوم باستثمار الموارد وتخصيص الميزانيات واقتراح المشاريع وفقا للرؤية التي تمثلها المخرجات.  
 في الاستنتاجات، برزت محورية التنمية المستدامة في الأجندة العالمية، تحت شعار "أولوية تمكين المرأة المرتبط بالتنمية المستدامة"، ضمن الأهداف المرصود تحقيقها حتى عام 2030 (SDGs). كما طرحت اللجنة على المجلس الاقتصادي أربعة مشاريع قرارات للعمل عليها خلال السنوات حول التصدي لتأثير فيروس نقص المناعة البشرية والعمل على قضية الرهائن من النساء والأطفال خلال الصراعات المسلحة وحول حالة النساء الفلسطينيات. 
لا شك ان التوجه نحو التنمية المستدامة بمشاركة النساء وضمن منهج النوع الاجتماعي، كما يشكِّل خطوة جديدة على طريق كسر السقف الزجاجي. لقد أصابت لجنة وضعية المرأة جوهر مشاكل النساء، فلا تمكين بل تنمية ولا تنمية دون تمكين. فتحقيق استدامة التنمية يفكِّك الحلقات المترابطة المؤسِسة لعبودية المرأة وتبعيتها وإضعافها. فما أن يتحقق فكّ أحد حلقاتها حتى تنعكس بآثارها على الحلقة التي تليها، فاستقلال المرأة الاقتصادي يسهم في تقوية شخصية المرأة واستقلالها وقدرتها على اخذ القرار في الحيِّز الخاص، كما سيفعِّل ويزيد من فرص مشاركتها العامة، وكذلك يسهم في فكّ بعض حلقات العنف الممارس ضدها، فأشكال العبودية والسيطرة والاستلاب والتحكم، تتأسس وتترعرع على التبعية الاقتصادية. 
لا بد من التوقف أمام لجنة وضعية المرأة في الأمم المتحدة، أهمية اجتماعات الهيئة الدولية النسوية، ومهماتنا وتوجهاتنا السياسية بوجهها النسوي، تدويل حالة المرأة الفلسطينية وحمايتها من الاحتلال وتفعيل دور مؤسسات المراة السياسي بالمحافل النسوية، في هذا المقام. تطوير الدور النسوي لجهة التحضير المبكر والمسبق بهدف تعزيز آليات الضغط والمناصرة الدولية على خلفية خطة القرار 1325 ببعديها الرسمي والأهلي، وإحداث اختراقات هامة على صعيد العلاقات النسوية في كل مكان، دول الشمال والجنوب والشرق والغرب، للوصول بهم الى مكان يُستنهض فيه البعد الاخلاقي وتوظيفه لاحداث توازن في لجنة وضعية المرأة والحصول على قرارات أكثر قوة، وصولا لمربع المساهمة في إخراج القرارات الدولية، لصالح شعبنا وقضيتنا، من الثلاجات.  
معركتنا السياسية ضد الاحتلال طويلة وتزداد تعقيدا على تعقيدٍ في ظل التشوُّه الذي أصاب العالم، وبسبب الضبابية التي أحدثها الصراع الجاري في المنطقة العربية، وأفراز وقائع وانشغالات وأولويات جديدة. كما أنشأ قوى نسوية جديدة بعد التغييرات الاجتماعية والسياسية ذات فعالية وزخم قويين مطلوب نسج العلاقات معها لكونها أصبحت أحد اللاعبين الرئيسيين في الميدان السياسي والاجتماعي.
 فلا يجب المشاركة بسلّة شبه فارغة..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد