هل نجحت زيارة وفد حماس الى القاهرة أم فشلت؟ نعم نجحت, بل فشلت!.
بين مؤيد ومعارض, متفائل ومتشائم, انقسم الشارع الفلسطيني في تقييم نتائج الزيارة. لا هذا لديه دليل ولا ذاك يملك يقينا. وما زاد الامر غموضا صمت القاهرة وبيان يتيم محدد الكلمات ومنتقاة بعناية فائقة تلاه الدكتور خليل الحية الذي فتح المجال للتخمين حيناً والقراءة التعسفية حيناً أخر. فيما اعتبر مراقبون أن مجرد حدوث الزيارة وتوقيتها نجاح في حد ذاته, بالمقارنة بما يمكن أن يترتب على عدم حدوثها من تبعات على الحركة الفلسطينية وادخال ملفها دوائر القضاء المصري والحاقها بحزب الله اللبناني.
لا أحد من المنقسمين على الارض وفي زاوية النظر إلى الزيارة يملك معياراً محدداً ولا مؤشرات تدعم رؤيته. وحده المواطن العادي الذي لا يعنيه مستوى الوفد ولا عدد اعضائه ولا محطات رحلته بعد القاهرة وقبلها, يستند في قياسه للنجاح أو الفشل على عاملين: فتح معبر رفح بصورة طبيعية يومية وتحسين الوضع المعيشي الذي بات يوصف بالكارثي وأضافت اليه الضرائب المتعددة مأساوية.
أيا كانت التقديرات, تكتسب الزيارة أهمية وحساسية من حيث توقيتها, كونها جاءت بعد اتهام وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار بضلوع حماس في اغتيال النائب العام المصري هشام بركات.
بعض الاعلاميين المصريين تساءل لماذا لم يطلب الوزير عبد الغفار من القضاء اعتقال قيادة الحركة طالما أنها متهمة بالتورط في الاغتيال؟ ألا يشير الامر إلى تباين في الاجراءات والرؤى بين جهازي المخابرات والامن الوطني تجاه مسألة في غاية الخطورة أم أنها حكمة أصحاب الدعوة بعدم استعجال الأسوأ؟.
القاهرة ابلغت حماس أنها لا تنظر إلى الحركة من الزاوية التي يراها الاحتلال الاسرائيلي, بل على العكس ترى أن حماس قوة اقليمية مهمة ورقم صعب لا يمكن تجاهله وتأثيره سواء في الملف الفلسطيني أو الملف الامني الذي يقلق المصريين في سيناء والعمق المصري. لذلك لا بد من محاورتها, لكن صمت القاهرة رسميا وإعلامياً يشير إلى أحد أمرين: إما أن هناك اتفاقات سرية أو أن الزيارة لم تحقق ما كانت تطمح إليها.
إيران تريد سحب حماس إلى محورها, والمملكة العربية السعودية وتركيا ومعها مصر تريدها ضمن المحور السني. في كل ذلك باتت ورقة حماس "الجوكر" الذي تراهن عليه عواصم عدة سيتوجه إليها وفد حماس وفي جعبته ملفات ومطالب, ربما اثرت القاهرة عدم الافصاح عن نتائج مباحثات الوفد قبل انتهاء جولته وتحديد موقع الحركة على الخارطة, إما أن تفتح أبواب معبر رفح والعاصمة المصرية وملف المصالحة الوطنية وانهاء الانقسام وإما تسليم ملف الحركة الى القضاء.
الوضع لا يتعلق بالنوايا والامنيات ولكن بترجمة ما تم الاتفاق عليه, بعدما بات الانتماء التنظيمي والاداري لجماعة الاخوان المسلمين خلف الظهر ولو مؤقتا, مع أن حماس يمكن لها المساعدة في حلحلة العلاقة بين الجماعة والنظام لاحقا.
حركة حماس تسير على خيط شديد التوتر والحساسية, فهي مطالبة باجابات واضحة ل غزة أولا ومعها رام الله ثم مصر والمحور السني, دونها المطاردة والملاحقة إسوة بالجماعة, واستمرار الحصار, ولا عزاء للمحاصرين, عندها سنجد أنفسنا نردد ما قاله الزعيم سعد زغلول: "غطيني يا صفية مفيش فايدة"!.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية