سيصل، في غضون هذا الاسبوع المبعوث الفرنسي الخاص، المكلف التحضير لعقد المؤتمر الدولي للسلام، إلى رام الله و القدس ، للقاء مسؤولين فلسطينيين واسرائيليين، وذلك في اطار التحضيرات لعقد المؤتمر الدولي، المزمع عقده في تموز المقبل بباريس. 
وسيلتقي المبعوث الفرنسي، خلال جولته مسؤولين عرباً ودوليين، في اطار المشاورات تحضيراً لعقد المؤتمر الدولي في باريس.
من الجدير ذكره، ان اسرائيل لم تعلن موقفاً رسمياً، ازاء المشاركة او عدمها حتى الآن، علماً أن ما يمكن تلمسه من خلال التصريحات الرسمية وغير الرسمية الاسرائيلية هو التململ من المبادرة الفرنسية، ومحاولة التملص منها.
لعله من المفيد والمجدي، اعادة استذكار، مؤتمر أنابولس الدولي، وما تمخض عنه من مبادرة سلام، كان رئيس الوزراء - آنذاك - يهود اولمرت، الذي أبدى بعض المرونة، للتوصل الى اتفاق شامل فلسطيني - اسرائيلي، وتطبيع العلاقات الاسرائيلية العربية والاسلامية. 
وجد البعض في مؤتمر انابولس، منعطفاً استراتيجياً في العلاقات مع اسرائيل، و«بادرة خير» ستوصل المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، الى بر الأمان. 
مع نهاية مؤتمر انابولس، بدأت الآمال تتبخر رويداً رويداً، وأخذت المواقف الاسرائيلية في التراجع، حتى وصلت درجة التلاشي، مع بروز دور المستوطنين وغلاة اليمين، في التقدم الى الأمام في المجتمع الاسرائيلي، حتى وصلت الامور، إلى محاولة اسرائيل بزعامة نتنياهو، حد الاجراءات العملية والميدانية لاغتيال فكرة الدولتين، التنكر الشامل والكامل، لكل ما تم الاتفاق عليه بين اسرائيل وم.ت.ف.
ترتب على توقف عجلة المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية أزمات متراكمة وعلى الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على حد سواء. 
تحاول اسرائيل العمل منفردة، وفرض الحلول على الفلسطينيين منفردة، غير آبهة بالقانون الدولي - الانساني، ولا اية اعتبارات اخلاقية تتعلق بالمعاهدات والاعراف الدولية. 
وسط تلك الحالة المزرية والخطيرة في آن، جاءت المبادرة الفرنسية، التي رحبت بها دول عديدة، ووجدت فيها م.ت.ف، طريقاً قد يفضي الى الخروج من حالة الاحتقان الخطيرة.
في حقيقة الأمر، فإن اسرائيل ومنذ بدايات فتح القنوات السرية، مع م.ت.ف، وهي تعمل بدأب وجدية كاملة، على حصر المفاوضات مع المنظمة، في اطار فلسطيني - اسرائيلي، وعدم التساهل في هذا الامر، حتى مع الولايات المتحدة الاميركية، ومن خلال ذلك، تمارس نزعتها الانفرادية، بعيدا عن أية تأثيرات دولية.
تبذل الدبلوماسية الفرنسية، جهوداً متواصلة، للاعداد الجدي لمؤتمر دولي، وهي تطمح بوضع جدول اعمال بمشاركة اسرائيل وفلسطين، وهذا ما ستحاول اسرائيل التملص منه، وبأقل الخسائر الممكنة.
ستظهر النتائج الاولية، لعقد هذا المؤتمر، من عدمه، بعد الجولة الاولى، التي سيقوم بها المبعوث الفرنسي الى رام الله والقدس، وفي الاستشراف الاولي، لهذه الجولة فإن اسرائيل ستراوغ، ولن تعطي كلاماً قاطعاً حول حضور هذا المؤتمر من عدمه، ومحاولة الضغط على الولايات المتحدة الاميركية، للحيلولة دون عقد هذا المؤتمر.
اسرائيل، في تكوينها السياسي الراهن، غير مهيأة، للدخول في بوتقة المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، ولها اجندتها الخاصة، فيما يتعلق بمستقبل الضفة الغربية خاصة، ولن يغير في تلك المعادلة، سوى معطيات اقليمية ودولية ذات طابع استراتيجي. 
ولعله من نافلة القول، إن اقوى تلك المعطيات واشدها اهمية، هو العامل الذاتي الفلسطيني، المتمسك بخطوطه الحمراء الواضحة، والحفاظ على كيانيته الوطنية، التي تحاول اسرائيل، عبر ادوات محلية متلاحقة، وبعناوين مختلفة تغييره.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد