إيران أعلنت دعما ماديا محدودا للانتفاضة. السلطة الوطنية ومعها حركة فتح رفضت. بعض الفصائل رحبت وبعضها الاخر تمنعت. هناك شيء ما غير مفهوم .

 في الظاهر، يبدو أن الموقف الايراني جاء استجابة لحاجة فلسطينية، وانسجاما مع خطاب إيراني بدأ مع إنجاز الثورة الايرانية منتصف سبعينات القرن الماضي.

في المقابل، لدى الفلسطينيين حساسية مفرطة من أي دعم سياسي تقف خلفه أهداف سياسية يشكل مدخلا لفرض سياسات معينة على الحكومة، أو ان يصبح الدعم موطئ قدم خارجية على الارض وداخل الروح والعقل الفلسطيني.

منذ انطلقت الثورة المعاصرة وحتى الانتفاضة الحالية لم يفكر أحد أن مبادرته سوف تدرّ ربحاً مادياً. المقاومة ليست عملاً ربحياً، وليست نزهة – كما قال الرئيس الشهيد يوما - إنها تضحية بالروح قبل الامكانيات، وقد يترتب بسببها نتائج اقتصادية واجتماعية كارثية على صعيد الاسرة .

السلطة غير قادرة على مواجهة التدمير الإسرائيلي الممنهج للاقتصاد الفلسطيني، لكنها مطالبة بتوفير مستلزمات الصمود والحياة الكريمة للناس. الدول العربية والاسلامية ملزمة بتوفير متطلبات الصمود والتحرير.

كان يمكن للدعم الايراني المعلن عنه أن يكون مرحبا به، لكن طريقة الاعلان  كانت مبررا لرئيس الحكومة أن يوجس خيفة، وأن يؤدي ذلك إلى تعزيز الانقسام بدل رأبه.

في السابق عانى الشعب الفلسطيني وثورتة من تدخلات عربية ذهبت أبعد من الدعم  المادي إلى المشاركة في "النضال"، فاعلنت (سوريا والعراق) عن تشكيل فصائل تابعة لها وتتحكم في قراراتها السياسية والعسكرية. كانت شعاراتها أكبر من فاعليتها على الارض، وكانت تقاتل داخل الساحة الفلسطينية أكثر من قتالها العدو الصهيوني، حتى صارت عبئا على الثورة أكثر مما كانت سندا لها، مما استدعى قرار تصفية إحداها.

بل ان حماية القرار الوطني المستقل دفع منظمة التحرير لخوض معارك سياسية دفاعا عن وحدانية التمثيل الفلسطيني وكي لا يكون رهينة تتحكم فيه دولة هنا أو هناك.

وفق هذه الرؤية، فإن الدعم الايراني بالشكل المعروض سيتمدد هدفه حتى يصبح قائد فيلق القدس قائما بأعمال وزير الداخلية وقائدا عسكريا للضفة الغربية، يتدخل في حياة الناس اليومية ..سيصبح مالكا للبلاد ومتصرفا في شؤون العباد، وقد يفرض علينا أن نسبح بحمد "الملا" صباح مساء ونسمي مساجدنا حسينيات. ونولي وجهتنا شطر مدينة "قم" بدلا من الكعبة المشرفة التي اختارها الله لعباده .

هل تسمح ايران بدعم سعودي مثلا لأفراد أو مؤسسات إيرانية تحت مسميات انسانية؟. سترفع ايران عقيرتها بالصراخ مما يسمى في العرف الدولي تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد. لكن حين يكون الدعم من خلال القنوات الرسمية يصبح تعاونا دوليا مشروعا.

المؤكد أن الشعب والفصائل والحكومة سيرحبون بأي مساعدات غير مشروطة من أي جهة كانت، تأتي عبر القنوات الشرعية ليتم صرفها وفق الاصول المتبعة بشفافية، بل وحتى السماح بالمراقبة حسب القوانين المتبعة، دونها يصبح واجب الشكر مستحقا سلفا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد