2014/07/22
293-TRIAL-
منذ اليوم الاول الذي اعلنت فيه حركتي فتح و حماس عن توصلهما الى اتفاق مخيم الشاطئ " نهاية نيسان الماضي" للمصالحة الفلسطينية استشاطت اسرائيل غضبا، واعتبرت ان المصالحة وعلى الرغم من حالة القبول العالمية والعربية لها الا انها تزيد من حالة توتر العلاقة ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وبغض النظر عما اعترى مصالحة مخيم الشاطئ من غموض وعدم اشراك كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني فيها. إلا أن الجميع رحب بها واعتبرها أنها قد تؤسس إلى بدء مرحلة جديدة سواء على صعيد انسداد افق التفاوض مع اسرائيل او فيما يتعلق بحالة الحصار المتواصل على قطاع غزة التي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والحياتية بشكل غير مسبوق.
لقد جاء اتفاق المصالحة (الحالي ، 2014) في ظل مرحلة من التجاذب الإقليمي غير المعهود فبدلا من الانقسام الاقليمي لمحورين عرفا بمعسكري الممانعة والمصالحة اضحت لنا ثلاثة محاور جديدة، الأول: محور مصر السعودية والإمارات ، أما المحور الثاني: فيجمع سوريا وإيران وحزب الله، والمحور الثالث تركيا قطر ،وبالتالي زادت حالة التجاذب الفلسطينية – الفلسطينية ودرجة التعقيد.
لقد كان واضحا وبعد ان توقفت جولة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية الاخيرة ان الموقف الاسرائيلي هو عدم التوصل الى أي حل سياسي قد يلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، فحكومة نتنياهو تريد استمرار الاحتلال، كما ان الصورة العالمية لاسرائيل باتت لا تسير وفق المصلحة الإسرائيلية. لم تكن اسرائيل كقوة احتلال بحاجة الى ذرائع في سبيل شن العدوان الحالي على قطاع غزة، فالضفة الغربية و القدس والداخل الفلسطيني تشتعل في حالة انتفاضية يمكن ان تتطور وتستمر، الخيار الإسرائيلي كان شن الهجوم على غزة واستخدام قضية اختفاء المستوطنين الثلاثة كمبرر لذلك.
كان الاعتقاد الإسرائيلي أنهم قادرون على حسم الأمور مع المقاومة الفلسطينية بسرعة، وان بامكانهم الاظهار للعالم ان حركة المقاومة الفلسطينية هي التي تمارس الترويع اتجاه اسرائيل، وان حركة المقاومة ستكون جاهزة لاي اتفاق تهدئة على شاكلة الاتفاقات السابقة، وبالتالي تستطيع اسرائيل جلب انتباه العالم وتعيق المصالحة وتعطل ولو مرحليا حالة التعاطف العالمية المتزايدة مع الشعب الفلسطيني، الا ان الايام الاولى من العدوان اثبتت ان اسرائيل غير قادرة على النيل من المقاومة، سواء المساس بالقوة الصاروخية للمقاومة آو ببنيتها التحتية، حيث بدا واضحا ان المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة قد استفادت من التجارب السابقة ولم يعد بامكان اسرائيل شل او اضعاف قوة المقاومة بنفس السهولة التي اعتادت عليها. بل انها تمكنت من تطوير اليات مقاومة جديدة تستطيع النيل من الاحتلال ومن جنوده، والعمليات العسكرية الأخيرة وتمكن المقاومة من اسر جندي تؤكد ذلك. ان لجوء اسرائيل إلى قصف البيوت والأبنية المدنية الفلسطينية وقتل المدنيين الفلسطينيين ما هو الا دليل فشل وهزيمة، تشير الإحصائيات والبيانات اليومية أن أكثر من 80% من الشهداء هم من المدنيين وجلهم من الأطفال والنساء. وهذا خير دليل على أن ما تقوم به إسرائيل هو دلالة إفلاس عدوانهم على قطاع غزة وبالتالي ، فهم بذلك يحاولون خلق ضغط داخلي على المقاومة معتقدين ان نشر الرعب والخوف قد يحقق اهدافهم.
امام الحالة الراهنة من صمود المقاومة وزيادة التفاعل الفلسطيني في الضفة الغربية وفلسطين المحتلة منذ عام 1948، وما يقابله من حالة تعاطف وتأييد تتزايد كل يوم على الصعيد العالمي فان السؤال الذي يطرح نفسه ،هل نذهب إلى التهدئة بأي ثمن؟ وهل يمكن أن نصل الى تهدئة في ظل التجاذبات الاقليمية العربية الحالية والتي يعتبر الفلسطينيين جزء منها سواء شاءوا أم أبوا؟ الجواب: نعم يمكن ذلك.
يمكن ان نصل الى تهدئة ولكن عبر مصالحة فلسطينية حقيقة تشمل الجميع، وتطال كل التفاصيل، مصالحة تجعل منظمة التحرير اداة مقاومة، مصالحة تأخذ بعين الاعتبار اننا ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني، وان المقاومة هي وسيلة تحرر وليس مظهرا متطرفا.
المصالحة بامكانها ترتيب وترطيب العلاقة مع مصر خارج تجاذبات حركة الاخوان المسلمين، وحساسية العلاقة ما بين حماس ومصر، فالتهدئة السابقة التي تمت اثر عدوان اسرائيل في عام 2012، لا يمكن تكرارها ليس فقط بحساب السياسة الإقليمية إنما بحساب المقاومة. في عام 2012 آثرت حركة الاخوان المسلمين في مصر وفي عهد مرسي الوصول للتهدئة عبر تغليب حالة مصر في حينها على حساب القضية الفلسطينية، ومع ذلك قبلت بها حركة حماس، واما الجهاد فقبلوا بذلك على مضض.
المصالحة هي التي تخرج الفلسطينيين بعيدا عن تحكم قطر، ومحاولتها زيادة التوتر مع مصر، لان المصالحة والاتفاق على ان م.ت.ف هي الممثل الشرعي الوحيد وهي المقاومة، ستجعلها مقبولة من الجميع بغض النظر عن القوى التي تؤثر فيهم او تجذبهم سياسيا.
المصالحة هي التي يمكن ان تبعدنا عن تجاذبات انقرة القاهرة المصالحة هي التي ستساعد في رفع سقف التهدئة، وجعل القضية الفلسطينية قضية محورية وعالمية رغم انف تل ابيب، وتقرب الفلسطينين من حلول اكثر عدلا خاصة اذا ما استثمرت في العمل المقاوم والشعبي الذي يسود الساحة الفلسطينية راهنا. ويبقى السؤال هل القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية قادرة على البناء على ما يتم تحقيقه فلسطينيا وبالتالي التحلل من اية التزامات مع اسرائيل؟ وهل حماس قادرة على الخروج من عباءة قطر وبعض الاطراف والاهتمام بخصوصية فلسطين خارج برامج حركة الاخوان المسلمين الاقليمية؟ 65
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية