الأورومتوسطي: 1391 حالة اعتقال تعسفي من قبل الأجهزة الأمنية بغزة والضفة خلال 2015
جنيف / سوا / قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقريرٍ شاملٍ أصدره حول انتهاكات الأجهزة الأمنية في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة ) خلال العام 2015، خاصةً حالات الاعتقال والاستدعاءات التعسفية والتعذيب، أنه سجّل 1391 حالة اعتقال تعسفي في كلٍّ من الضفة الغربية وقطاع غزة، وما يزيد عن 1187 حالة استدعاء للتحقيق، على خلفيات لها علاقة بالانتماء السياسي أو ممارسة الحق في التعبير السلمي عن الرأي والاحتجاج.
وبين الأورومتوسطي في تقريره والذي حمل عنوان "الـخـنـق مـرّتـان: ممارسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية للاعتقال التعسفي في الأراضي الفلسطينية"، أن الضفة الغربية شهدت 1274 حالة اعتقال تعسفي، و1089 استدعاءً تعسفياً، خلال العام 2015، نفذتها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، واستهدفت بشكل أساسي أولئك الذين يتبعون لحركة " حماس " أو يعارضون سياسات المسؤولين ويرفضون تصرفات الأجهزة الأمنية.
فيما بلغ عددها في قطاع غزة 117 حالة اعتقال تعسفي، و98 حالة استدعاء، نفذتها الأجهزة الأمنية واستهدفت بشكل أساسي أولئك الذين ينتمون لحركة "فتح" ويقودون أنشطتها، أو أولئك الذين يعارضون سياسات السلطة الحاكمة في قطاع "غزة".
وقالت ساندرا أوين، مستشارة السياسات في المرصد الأورومتوسطي: "إن مجرد الحديث عن الانتهاكات في الضفة الغربية وقطاع غزة، يعدّه البعض أحياناً في خانة "تعميق الانقسام" بين الطرفين، فيما لا يُنظر إلى "الانتهاك ذاته" كسبب رئيسي للانقسام، ويُنسى في زحمة الحديث السياسي أن هناك إنساناً يعاني هنا وهناك، فقط بسبب حمله رأياً سياسياً يخالف سياسات الحزب الحاكم".
ولفت الأورومتوسطي في تقريره إلى أن أبرز عمليات الاعتقال في الضفة الغربية كان في مدينة "الخليل" جنوب الضفة الغربية، والتي سجلت لوحدها 321 حالة اعتقال تعسفي، تلتها " نابلس " في شمال الضفة بمجموع 241 حالة. أما في قطاع غزة فنالت مدينة "غزة" النصيب الأكبر من الاعتقالات، بمجموع 55 حالة اعتقال تعسفي، تلتها مدينة "خانيونس" جنوب غزة، والتي سجلت 23 حالة اعتقال.
وطالت الاعتقالات التعسفية في الضفة الغربية صحفيين وحقوقيين وأكاديميين، حيث سجل العام 2015 اعتقال نحو 35 صحفياً وحقوقياً، و476 طالباً جامعياً، و67 معلماً وأكاديمياً، ويترافق اعتقال الصحفيين غالباً بمصادرة حواسيبهم أو كاميرات التصوير الخاصة بهم، فيما تتركز جل التحقيقات معهم حول عملهم الصحفي، ونشاطهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي. أما في قطاع غزة فسُجِّل اعتقال 23 صحفياً وحقوقياً، و24 طالباً جامعياً، و5 حالات اعتقال لمعلمين وأكاديميين، وبرز الصحفيون كعنصر أساسي في الاستهداف بالاستدعاء أو الاعتقال في القطاع، حيث تتعامل الأجهزة الأمنية هناك بحساسية مع نقل أي صورة لا تتفق مع هوى السلطات.بحسب تقرير المرصد
وبرزت عمليات الاعتقال والاستدعاء في كل من الضفة وغزة على خلفيات تتصل بمنشورات على "الفيسبوك"، وهو الموقع الأكثر انتشاراً في الأراضي الفلسطينية، حيث سجّل العام 2015 ما مجموعه (37) حالة اعتقال في الضفة الغربية، إضافة إلى (24) استدعاء، وتعود الاعتقالات والاستدعاءات إما إلى نشر أو التعليق أو إبداء الإعجاب بمنشورات تنتقد عمل السلطة الفلسطينية أو أداء أجهزتها الأمنية، خصوصاً فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين. أما في قطاع غزة فسُجّل ما مجموعه (11) حالة اعتقال، إضافة إلى (13) استدعاء، حيث يتم التحقيق مع الأشخاص حول منشوراتهم وأعمالهم على مواقع التواصل، ويطلب منهم في بعض الأحيان التوقيع على تعهد بعدم التعرض ل"حماس" في كتاباتهم، وتهديدهم بإعادة استدعائهم مرة أخرى في حال فعلوا ذلك.
ونوه تقرير الأورومتوسطي إلى أن أخطر الانتهاكات التي تمارسها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية، هي رفض تنفيذ حكم قضائي يقضي بالإفراج عن الشخص أو ببراءته، حيث تستمر الأجهزة في اعتقاله بعد صدور القرار أياماً وحتى لعدة أشهر في بعض الحالات، مشيراً إلى أن 27% من حالات الاعتقال في الضفة تمتد لشهر فأكثر.
وبين الأورومتوسطي في تقريره أن المعتقلين في الضفة الغربية يتعرضون لانتهاكات عديدة لحظة اعتقالهم، لا تقف عند عدم إبراز إذن قضائي بأمر الاعتقال، ومصادرة بعض ممتلكاتهم كالحواسيب والهواتف المحمولة، بل تمتد للاعتداء عليهم بالضرب والركل. وأشار الأورومتوسطي إلى أن عشرات الشكاوى والإفادات التي تلقاها فريقه إضافة للمعاينات الموضعية والتقارير الطبية، تؤكد ممارسة التعذيب والمعاملة القاسية في سجون السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل منهجي، حيث بلغ عدد الحالات خلال العام 2015، ما مجموعة (179) حالة، وهي تمثل 14% من مجموع المعتقلين تعسفياً في الضفة. ولوحظ أن الضرب المبرح بالعصي و"الكرباج"، والصفع على الوجه، والعزل الانفرادي في غرف غير صحية، إضافة إلى الحرمان من النوم، هي أبرز وسائل التعذيب الممارسة في الضفة.
وقال تقرير الأورومتوسطي إن قوات الأمن التابعة ل"حماس"، كذلك، تمارس التعذيب في سجون قطاع غزة، وتمتهن إنسانية الشخص المعتقل، سواءً في حالات الاعتقال القانوني أو التعسفي، مشيراً إلى أنه سجل (39) حالة تعرضت للتعذيب أو المعاملة القاسية في سجون غزة خلال 2015، وتشمل أشكال التعذيب والمعاملة القاسية المتبعة في القطاع، الضرب بأساليبه المختلفة، على الوجه وأنحاء الجسم المختلفة، والشبح، والشتم، والاتهام اللفظي بالعمالة للاحتلال.
وقالت أوين: "صحيحٌ أن مقدار الانتهاكات للحريات العامة كان في الضفة الغربية أكثر منه، عدديّا، مما هو في قطاع غزة، وبفارق كبير، لكن الثابت أيضاً أن كلتا المنظومتين مارستا اعتقالات واستدعاءات تعسفية وأرفقتا ذلك بعدد من الانتهاكات المتصلة؛ كقمع الاعتصامات السلمية والاعتداء على الصحفيين والتعذيب".
تقرير المرصد الأورومتوسطي أوضح أن الانتهاكات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، مخالفة للالتزامات التي تقع عليها، سواءً بموجب القوانين المحلية الفلسطينية، أو بموجب التزاماتها كطرف في عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية. وشدد على أن أي اعتداء على الحريات الشخصية والعامة، يعد جريمة لا تسقط بالتقادم، ويستحق الضحية فيها تعويضاً عادلاً من السلطة.
وطالب الأورومتوسطي في نهاية تقريره الرئيس الفلسطيني " محمود عباس "، بصفته رئيس السلطة الفلسطينية، بإصدار قرار واضح وملزم بوقف كافة أشكال التعذيب في سجون السلطة، ووقف الاعتقال التعسفي، وعدم تقييد الحريات العامة للمواطنين. مطالباً في الوقت ذاته الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، بحكم أنها سلطة الأمر الواقع في القطاع بوقف التعذيب في السجون التي تتبع لها بشكل كامل، ووقف الاعتقال التعسفي أيضاً، وإشاعة الأمان بدلاً من الخوف والترهيب.