عقدة اللغة الإنجليزية لدينا في فلسطين هي عقدة وهمية. بإمكاننا فك تلك العقدة بقليل من الجدية والقناعة الداخلية بأننا نستطيع تعلمها واتقانها، كما أتقنها اليابانيون، والبرازيليون، والألمان، والإسرائيليون، والكوريون، والروس، والصينيون، والسويديون، والأتراك، وكثير من العرب. كل هؤلاء ليسوا إنجليز أو أمريكان، لكنهم علموا أن الإنجليزي هي لغة العالم ولا يمكن لنا أن نندمج مع العالم دون معرفة لغته. لا يمكننا أن نجد فرصة عمل جيدة الآن، في أي مكان في العالم، دون اتقان اللغة الإنجليزية. لا يمكننا أن تقنع العالم بعدالة قضيتنا بغير تلك اللغة.

 

اللغة الإنجليزية لا تأتي من الدورات أو السفرات أو المحادثة مع الناطقين بتلك اللغة، كما يظن عامة الناس. اللغة هي جهد ذاتي تأتي، أولا وفوق كل شيء، من خلال القراءة الواعية، ثم الاستماع المتكرر، مثلا للأخبار والأفلام بالإنجليزي. ثم تأتي الكتابة والتحدث كتحصيل حاصل مبني على القراءة والسماع. قراءة أو سماع شيء معروف لديك، مثل قراءة جريدة على الإنترنت باللغة الإنجليزية حول أي حدث في فلسطين، هو طريقة جيدة للتعلم. أيضا قراءة أي موضوع في مجال تخصصك باللغة الإنجليزية يجعلك تربط المصطلحات بالأفكار وبالقواعد؛ مثلا إذا كنت تدرس القانون، فاقرأ كتابا حول قانون العقود أو القانون الدستوري باللغة الإنجليزية.

 

الآن توجد وسائل سهلة للتعلم أكثر من التي كانت في التسعينيات عندما بدأت تعليم نفسي اللغة الإنجليزية؛ لا زلت أذكر كيف أنني كنت أشتري القاموس الناطق بمبلغ مرتفع، ولم يكن بجودة الترجمات المتوفرة مجانا على الإنترنت الآن. كما أن ملايين الكتب والمجلات والجرائد والفيديوهات والقنوات متوفرة مجانا. فالتعلم لا يحتاج إلا إلى الاهتمام والمثابرة. فكم من شخص نعرفه سافر إلى الخارج ولم يتقن لغة البلد المضيف، وكم من شخص نعرفه أيضا تعلم اللغة وأتقنها، بل وعلمها، دون أن يسافر للخارج.

Top of Form

Bottom of Form

 

اللغة الإنجليزية ليس لها أهل. أهلها هم كل من يتقنها. هي لغة العالم (lingua franca)، كما كانت اللغة الرومانية (اللاتينية) أو اللغة العربية أو اللغة الفرنسية يوما ما. فلم تكن اللغة اللاتينية لغة الإيطاليين فقط. ولم تكن اللغة العربية حكرا على أهل الجزيرة. ولم تقتصر اللغة الفرنسية على الفرنسيين. فاللغة الإنجليزية هي لغتي ولغة الهنود والألمان والإسرائيليين والمسلمين والبوذيين والأفارقة والبرازيليين والأتراك والسويسريين والجميع. وكما جاء في الحديث "من تحدث العربية فهو عربي". ويمكن القول "من يفهم الإنجليزية، فهو إنجليزي" (بالمعنى اللغوي، وليس القومي، للكلمة).

 

عندما لا نفهم، نحن غير الناطقين بالإنجليزية كلغة أم، من شخص قادم من أدغال سكوتلندا أو غابات كندا أو صحراء تكساس أو ريف لندن أو مزارع نيوزيلندا أو ضواحي سدني، فالمشكلة ليست فينا. المشكلة لأنهم يتكلمون بلهجات محلية؛ فلا يفهمهم حتى أصحاب اللغة الأم من مناطق أخرى. هل نفهم عربي قادم من بادية المغرب أو من جبال أطلس الجزائرية أو من جبال نائية في اليمن أو من بعض حارات الخليل أو قرى نابلس أو بعض ضيع بعلبك عندما يتكلمون؟ الجواب: لا، أو لا نفهم جيدا! كذلك لا نفهم لذوي اللغة الإنجليزية الأم المحليون الذي لا يسافرون ولا يختلطون بالعالم. اللغة الإنجليزية العالمية هي لغة بسيطة، لكنها دقيقة ومفهومة للجميع.

 

في بعض الأحيان لا نفهم لمن يتكلمون بلغة إنجليزية عالمية لأننا لم نتعود عليها. بعد الاعتياد المتكرر على السماع، تستطيع أن تفهم معظم أو كل الكلام. لنتعود على حضور أفلام قناة فوكس أو MBC4 أو أخبارCNN  أو BBC. بعد عدة أشهر ستشعر وكأنك تحضر أفلام روتانا أو تسمع أخبار قناتي الجزيرة أو العربية. لا زلت أذكر في العام 1997، عندما بدأت الاستماع لـCNN: في البداية لم أكن أفهم شيء؛ لكني كنت أستمر أحيانا بحضور 10 نشرات أخبار في اليوم. بعد عدة أشهر أصبحت أفهم كل شيء، بل إنني كدت أن أحفظ الأخبار! تذكر أن كل بداية صعبة، لكن مع الاستمرار والجلد تتعود وتصبح متقنا لأي شيء.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد