قبل الحكم حول فشل أو نجاح لقاءات الدوحة وفرص نجاح جهود المصالحة الفلسطينية لابد من تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمصالحة الفلسطينية.
أولاً: تحليل البيئة الداخلية
1- حركة فتح والسلطة الفلسطينية: تعيش حركة فتح وقيادة السلطة الفلسطينية أزمة داخلية حقيقية، فعلى صعيد العلاقة مع الاحتلال ومشروع التسوية يبدو ان الأفق مسدود، ففي ظل الحكومة الاسرائيلية المتطرفة التي يقودها نتانياهو لن يتقدم قيد أنملة سوى مشروع التهويد والاستيطان، وبذلك سيناريو توسيع وتمدد رقعة انتفاضة القدس هو الأكثر ترجيحاً.
أما على صعيد البعد التنظيمي الداخلي والتنافس على منصب الرئيس بعد رحيل محمود عباس ، فيبدو ان السيناريو الاكثر ترجيحاً هو سيناريو الفوضى والفراغ، وهذا ما تخشى منه حركة فتح، فلذلك هي بحاجة ماسة للانتخابات لحسم الجدل، أو على اقل تقدير التوافق على منصب نائب الرئيس.
2- حركة حماس ، هي الاخرى تعيش أزمة فرضها الحصار المشدد على قطاع غزة للعام العاشر على التوالي، وبذلك تشكل المصالحة مدخل مهم للتخفيف عن كاهل السكان المدنيين في القطاع، وقد تساهم المصالحة في ترميم علاقة الحركة مع مصر وبعض الدول الاقليمية الوازنة.
ثانياً: تحليل البيئة الخارجية
تنقسم البيئة الخارجية إلى دائرة اقليمية ودائرة دولية.
1- الدائرة الاقليمية وتضم كلا من: السعودية، مصر، قطر، تركيا وهي موافقة على المصالحة وداعمة لها للأسباب التالية:
أ. السعودية تريد من المصالحة دمج حماس في مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني، من أجل اغلاق الباب أمام التمدد الايراني في قطاع غزة وتوظيف ورقة المقاومة الفلسطينية لخدمة اجندتها السياسية في المنطقة.
ب. مصر ترأس اللجنة الرباعية العربية وهي عضو غير دائم في مجلس الامن وتريد أن تلعب دوراً في القضية الفلسطينية تستعيد من خلاله المكانة والريادة.
ت. قطر وتركيا، يريدان تخليص حماس من ويلات الحصار، ومساعدتها في اختراق المنظومة الدولية.
2- الدائرة الدولية وتضم كلاً من الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي وروسيا.
أ. الولايات المتحدة والتي تعمل بما يخدم المصلحة الاسرائيلية من مصلحتها توقيع اتفاق المصالحة، فهذا الاتفاق وبعد فشل كل سياسات العقاب والعزل السياسي والحصار الذي تفرضه على حماس، قد يشغل الساحة الفلسطينية الداخلية فتنخفض وتيرة الاحتجاجات والعمليات التي يقوم بها الشباب الثائر (انتفاضة القدس).
ب. الاتحاد الاوربي، عدم الاستقرار الذي تشهده المنطقة انعكس سلباً على دول الاتحاد الاوروبي، فالتداعيات الجيوسياسية للهجرة الغير شرعية أثرت بشكل كبير من الناحية الامنية والسياسية والاقتصادية والديموغرافية على دول الاتحاد وبذلك يدعم الاتحاد المصالحة والاستقرار بالشرق الاوسط أكثر من أي وقت مضى.
ت. روسيا، لم تعارض روسيا المصالحة وهي منفتحة على جميع القوى بما فيها حركة حماس.
نخلص إلى أن فرص نجاح المصالحة وفق لتحليل البيئة الداخلية والخارجية هي مؤشرات عالية وعالية جداً، ولكن هذا لا يعني عدم وجود تحديات تعترض طريقها.
فرص نجاح حوارات الدوحة:
التحديات التي تعترض فرص نجاح المصالحة الفلسطينية التي تجري بالعاصمة القطرية الدوحة هي:
أصدرت حركة فتح بيانات وتصريحات قبل جلسات الحوار بيوم واحد أهم ما جاء فيها ما يلي:
1- يجب تشكيل حكومة وحدة وطنية قائمة على برنامج منظمة التحرير.
2- عقد انتخابات تشريعية ورئاسية فقط.
حتى لا أشيع أجواء تشاؤمية، فإنني أتوقع أن تكون تلك المطالب وغيرها هي بمثابة رفع سقف التفاوض لدى حركة فتح، لأن ما دون ذلك أستطيع أن اجزم ان المصالحة لن تتقدم قيد أنملة، فقد رفضت حماس تشكيل حكومة على برنامج منظمة التحرير منذ أن فازت بالانتخابات، ولو ارادت القبول به لربما شكلت حكومة بمفردها، وقد يكون التوقيت الراهن مدعاة لأن تعزز حماس رفضها لبرنامج المنظمة وتحديداً بعد قرارات المجلس المركزي وخطاب الرئيس محمود عباس بالجمعية العامة للأمم المتحدة التي قرر عدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة لأن اسرائيل لم تلتزم بها، وهذا يطرح تساؤل: لماذا نصر على تقييد أنفسنا ببرنامج م.ت.ف الذي لم تلتزم اسرائيل به...؟
أتمنى وأدعو أن يكون برنامج الحكومة هي وثيقة الوفاق الوطني التي توافق عليه الكل الفلسطيني وتصلح في هذا الزمان لتكون مرجعية سياسية للحكومة الفلسطينية.
أما المحور الثاني والمتعلق بعقد انتخابات تشريعية ورئاسية فقطـ ، فهذا يدفعنا للتساؤل عن سبب عدم عقد انتخابات مجلس وطني..؟ وهنا أذكر أن أحد أسباب الانقسام كان الصراع بين منظمة التحرير وحكومة حماس على التمثيل السياسي والدبلوماسي، فكيف سيتم تجاوز تلك المعضلة دون انتخابات للمجلس الوطني..؟ أليست منظمة التحرير هي المؤسسة الأكثر حاجة لتجديد شرعيتها السياسية..؟ وضخ دماء جديدة في مؤسساتها..؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية