منذ الاعلان عن تكليف المتحدث باسم حركة فتح أحمد عساف رئيسا لهيئة الاذاعة والتلفزيون ورئيسا لمجلس إدارة وكالة الانباء الفلسطينية "وفا" برزت اعتراضات شارك فيها بعض من يعملون في المجال الاعلامي ومن خارجه, وشكك الكثير من هؤلاء بتوفر فرص نجاح شاب في الاربعينات بإدارة مؤسسات إعلامية رسمية وتنظيمية واسعة. لكن الاكيد أن الانتقادات لم تتطرق الى التمسك بسلفه أو الادعاء بوجود انجازات تحققت في عهده سواء في اداء الاذاعة والتلفزيون أو وكالة "وفا".


المنتقدون أصابوا الحقيقة وعبروا عن حرصهم في رؤية الشاشة الفلسطينية وقد احتلت المكانة المتوقعة في اهتمام المواطنين, بدل اليأس الذي أصابهم من احتمال علاجها والتحول الى فضائيات أخرى. 
الاعلاميون من جهتهم يعرفون أن الحسن لم يقدم إضافة تذكر منذ تعيينه على رأس المؤسسات الاعلامية الرسمية, دل على ذلك التقرير – الفضيحة الصادر عن لجنة الرقابة الادارية والمالية لعام 2015 فكان القرار الاول "شكره" على خدماته وعدم التجديد له مدة عام كما كان يأمل وإحالته الى التقاعد, واستبداله بشخصية قادرة على ملء الفراغ من داخل المؤسسة الاعلامية.


ليس مطلوبا من رئيس الاذاعة والتلفزيون أن يكون نجم الشاشة الأول ومذيعها الذي لا يشق له غبار, بل أن يثبت من خلال تجربة سابقة قدرتة على قيادة المؤسسة المرشح لرئاستها - وأعني التلفزيون تحديدا- خاصة أنه سيجد نفسه في مواجهة مئات الموظفين يحتلون دوائر مختلفة من العمل تحتاج لادارتهم شخصية قادرة على العمل والمتابعة والابداع.


ملاحظات الكثير ممن انتقدوا القرار الرئاسي تبدو في ظاهرها مقبولة. إذ من غير المعقول إضافة مهمات رسمية بهذا الحجم لشخص يقود مهمات أخرى مشابهة, يتعذر معها نجاح أي شخصية إعلامية النجاح مهما امتد تاريخها من الخبرة والتجربة. ولأن السيد الرئيس نفسه لا يقبلها, ولا يقبلها السيد عساف أيضا, فإن المتوقع أن يطلب الأخير من اللجنة المركزية إعفاءه من مسؤلياته الاعلامية ومن مهمته متحدثا باسم الحركة. غير أن سوء النوايا المبيتة عند بعض المنتقدين تجعلنا نتساءل: لماذا لم نشهد ضجة مماثلة إبان تعيين الحسن مثلا, في حين لم يكتب كلمة في صحيفة, ولا شاهدناه فارسا مدافعاً عن قيادته وشعبه أمام كاميرا تلفزيونية في حوار ساخن, مثلما كان عساف ناطقا ومتحدثا ومدافعا عن حركته وشعبه.


لا أعرف عساف شخصيا, خلافا لزميلي رياض الحسن. ومع ذلك تقتضي الامانة أن نقول كلمتنا بصراحة: الناطق الاعلامي ليس مقررا لسياسة, وانما مترجم لقرارات قيادية وناقل لموقفٍ, ورؤيةٍ تنظيمية. مثما أن مهمة الرئيس أو المنسق للمؤسسات الاعلامية في جوهرها مهمات إدارية فنية سياسية. ليس مذيعا ولا مقدم برامج.


يبقى أن نشير إلى أن خطأ قد وقع إبان ال حماس لـ"الحسن" وتعيينه رئيسا للهيئة والوكالة معاً, ذلك أن جمهور الإذاعة والتلفزيون اللذين يقيمان في كل بيت دون استئذان يختلف عن جمهور وكالة الانباء التي توصف بأنها "صحيفة الصحف". المأمول من السيد الرئيس الفصل بينهما بمرسوم جديد لمسؤول جديد للوكالة, وإعادة اسم الوكالة الذي حملته منذ انطلاقتها قبل ثلاثة واربعين عاما, وحذف كلمة "المعلومات" التي أضيفت إلى اسم الوكالة حتى مسّت بمصداقيتها وأهدافها, أو كادت, وصارت بدعة ما سبقنا إليها أحد من الوكالات العربية والاجنبية, وكل بدعة ضلالة.. وحسب قول أحد الصحفيين أن تلك كانت أضافة الحسن الوحيدة للوكالة.


الرئيس الجديد للمؤسسة الاعلامية الرسمية ينتظر منا أن نشد على يدية وأن نساعده كي لا يكون نسخة رديئة من سابقه, ونحثه على اجراء استطلاع سنوي لمعرفة أكثر البرامج متابعة وأن يضع يده على سبب تراجع اهتمام المواطن بشاشته الوطنية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد