تواصل اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني برئاسة الأخ سليم الزعنون عقد اجتماعاتها  للتحضير لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني ويأتي ذلك في إطار توجهات القيادة الفلسطينية، ومن الواضح تماما أن هذه الاجتماعات ما زالت أسيرة الارتباك والتردد اتجاه العديد من القضايا الأمر الذي يتجلى في ما يصدر من تصريحات للعديد من أعضائها سواء بما يتعلق بمكان وزمان عقد اجتماع المجلس الوطني هذا أولا ، وثانيا فيما يتعلق بماهية هذا المجلس هل هو دورة عادية أم  مجلس وطني جديد وثالثا المسألة المتعلقة بحضور حركة حماس أولا للجنة التحضيرية ورؤيتها المتعلقة بهذا الأمر ، إن مجمل هذه المسائل تبدو في بعض الأحيان شكلية ولكنها دون شك يمكن أن تتحول في كل واحدة  منها إلى عقبة تعيق التحضيرات لعقد المجلس لذالك بات من الضروري حسم هذه الأمور دون تردد والانطلاق نحو تحقيق هذا المبتغى انطلاقا من الأهمية  القصوى بل الضرورة الوطنية  الملحة لانعقاده أخذا بعين الاعتبار على المستوى الاستراتيجي أمور عدة أهمها أن ما يجري على المستوى والمنطقة والعالم كله ينذر بإعادة رسم خارطة المنطقة وخارطة التحالفات كل ذلك يجري في سياق تجديد الشرعيات القائمة أو تغيرها أو حتى التعديل عليها وفي هذا السياق تكمن أهمية قيام منظمة التحرير الفلسطينية بتجديد شرعيتها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وهذا يتطلب عقد المجلس الوطني الفلسطيني  وتجديد كافة هيئاتها ومؤسساتها وإخراجها من مربع البيروقراطية والترهل التي غدت سمة من سماتها  إن ذلك ضروريا في إطار تجديد الشرعيات تستعيد المنظمة ثقة  الشعب الفلسطيني بها بعد أن اهتزت لأسباب ليس هذا المجال لذكرها لكنها حقيقة لا بد وان تؤخذ بعين الاعتبار ، كما أن هذه العملية مطلوبة أيضا حتى لا تبدو المنظمة في مظهر العاجز أمام العالم على تجديد هذه الشرعية خاصة وأن المجلس الوطني لم يعقد لتحقيق ذلك  منذ عام 1996 .

كما تزداد الحاجة الملحة أيضا للإسراع في عقد المجلس لمواكبة التطورات السياسية على الصعيد الفلسطيني والعلاقة مع دولة الاحتلال  خاصة بعد انسداد أفق العملية السياسية وانتهاء المرحلة الانتقالية التي أنشأت بموجبها السلطة الوطنية  وما يفضه ذلك من ضرورة اعتماد إستراتيجية جديدة كان قد وضع المجلس المركزي في آذار الماضي أسسها وخطوطها العريضة لكنها لم تستكمل بعد ، هذا بالإضافة لحالة الانقسام الذي يعصف بالساحة الفلسطينية  ويهدد حال استمراره مجمل ما أنجزه الشعب الفلسطيني وحققته منظمة التحرير على مدار سنوات ناهيك عن محاولة اقتلاع قطاع غزة والذهاب بعيدا في البحث عن حل لها بمعزل عن الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ، علاوة على التطورات  والنجاحات التي حققت على المستوى الدولي فيما يتعلق بمكانة دولة فلسطين والاعتراف الاممي لفلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة وانضمامها للعديد من الهيئات والمنظمات الدولية ،إن كل هذه التطورات وغيرها الكثير يتطلب إعادة صياغة إستراتيجية  فلسطينية تتعامل مع هذه التطورات وتضعها في إطار خدمة المشروع الوطني الفلسطيني وتحقيق الحرية والاستقلال.بالإضافة لما ذكر أعلاه فإن انسداد الأفق السياسي وانتهاء المرحلة الانتقالية خلق وضعا مأزوما بكل المقاييس مما أدى إلى انفجار حالة كفاحية نوعية باتت تشق طريق أخر بقوة لتحقيق أهداف شعبنا غير طريق المفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود ، طريق يتعمد يوميا بالتضحيات وتنامي  بين ظهرانيه روح الكفاح  الشعبي  والمبدع والخلاق في مواجهة الاحتلال وعدوانه المتواصل على شعبنا  واستمرار تنكره المستمر لقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد وتؤيد حق شبنا في الحرية والاستقلال ،  إن الروح الكفاحية المتنامية هذه باتت تستدعي أكثر من أي وقت مضى عقد المجلس الوطني الفلسطيني حتى ولو كان ذلك بدورة عادية  وفقا لما هو متاح لتعميق هذا التوجه والعمل على تطويره بما يعيد للقضية الوطنية مكانتها  في صدارة جدول اهتمامات العالم بعد ان كادت ان تتيه في خضم انشغالات العالم بملفات تبدو أكثر سخونة ناهيك عن أهمية تلك الملفات للمصالح الخاصة لهذه الدول الكبرى أو تلك ،إن اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني يمكن ان يعيد أيضا لمنظمة التحرير الفلسطينية دورها المركزي كقائدة لكفاح شعبنا الفلسطيني انطلاقا من صياغة و توحيد الخطاب السياسي الفلسطيني  الجامع الذي يضمن إشراك كل مكونات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات في عملية الكفاح الوطني المتواصل.

 لذلك وانطلاقا مما سبق فإن موجبات عقد المجلس الوطني سواء كان ذلك بدورة عادية وفقا لما ذكرت أعلاه أو كمجلس وطني جديد رغم ما يكتنف ذلك من تعقيدات ومصاعب  تتطلب حسم هذه القضية بدون تردد والانتقال إلى مربع التحضير الجاد والمسئول  لتحقيق هذا الغرض بعيدا عن أي شكل من إشكال المناورة ، وهنا يجدر القول بالرغم من الإدراك الشديد لأهمية مشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي وانضمامهما لمنظمة التحرير إنه من غير المنطقي رهن منظمة التحرير ومستقبلها برمته برغبتهما فقط رغم ما لهاتين الحركتين من تمثيل وحضور في أوساط شعبنا ومن تضحيات نعتز بها في مسيرة الكفاح المتواصلة ، كما لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تبقى مسالة تجديد وتطوير منظمة التحرير وتفعيل هيئاتها ومؤسساتها كافة مرهونة برغبة هذا الفصيل أو ذاك  ومن غير المقبول أيضا  بقاء مؤسساتها ضحية للاستفراد والهيمنة  التي طبعت مسيرتها خلال عقود خلت ، أن كل ذلك يتطلب توسيع قاعدة المشاركة السياسية  في المنظمة باعتبارها جبهة وطنية متحدة تمثل كل أطراف الطيف الفلسطيني.

ومن هذا المنطلق فإن اشتراط عقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني على قاعدة إعادة تشكيلية من جديد سواء في الانتخابات الغير ممكنة دون شك أو بالتوافق حسبما اتفق عليه سابقا تبدو مسالة غير قابلة للتحقيق في المدى المنظور نظرا لظروف خارجة عن  الرغبة والإرادة الفلسطينية يدركها الجميع ، إن هذا يقود للعمل وفقا للمتاح على صعوبته  ويتمثل بعقد المجلس الوطني بدورة عادية تكون الأخيرة بقوامه الحالي وحبذا أن يشارك الإخوة في حركتي حماس والجهاد في التحضير لذلك من خلال قبولهما الانضمام للجنة التحضيرية  بعد أن وجهت الدعوة لهما رسميا من الاخ ابو الأديب ، وما من شك فان مثل هذه المشاركة سواء فيما يتعلق بالمشروع السياسي الذي سيقره المجلس أو في التحضيرات التنظيمية التي ستتمخض عن هذا المجلس سيكون لها الأثر الايجابي بما ي فتح الطريق لإعادة تشكيل المجس الوطني وفقا لما اتفق عليه في سياق اتفاق المصالحة الشامل الذي جرى التوقيع عليه في القاهرة عام 2011، وحسبما اتفق عليه اللجنة الخاصة بالمجلس الوطني بعد ذلك .

إن قدرة م _ت _ف على عقد المجلس الوطني  وصياغة إستراتيجية فلسطينية جامعة تعيد للمنظمة اعتبارها ومكانتها على الصعيد الدولي  والإقليمي وتمكنها  في نفس الوقت من إعادة حشد طاقات شعبنا والتفافها  حولها  بما يؤكد طبيعتها كممثل شرعي وحيد لشعبنا وقائدة نضاله  حتى تحقيق أهدافه ، إن تحقيق ذلك وممارسته فعليا سيغلق الطريق على كل المراهنات التي تحاول تكريس تقسيم شعبنا وتقسيم تمثيله السياسي تمهيدا للانقضاض على المشروع الوطني الفلسطيني برمته ،  للنجاح في ذلك فإن كل الجهود مطلوبة بعيدا عن  المناورة واستمرار التردد وإخضاع هذه العملية لرغبات ومصالح فردية سواء على صعيد الأفراد  أو الفصائل ،فمستقبل الشعب والقضية والكيان السياسي الفلسطيني أمام امتحان جدي  لا يقبل غلا النجاح.

27-12-2015

Alawad39@hotmail.com

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد