"شؤون الأسرى": "الحبس المنزلي" ظاهرة خطيرة آخذة بالاتساع
غزة /سوا/ قال عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، وعضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤون الهيئة في قطاع غزة، أن عقوبة "الاقامة الجبرية" التي تفرضها سلطات الاحتلال لتقييد حرية الأشخاص كبديل عن السجن، وما تُعرف بـ "الحبس المنزلي" باتت ظاهرة خطيرة بحق المقدسيين(ذكورا واناثا)، وآخذة في الاتساع خلال "الهبة الجماهيرية". فضلا عن الغرامات المالية الباهظة التي دائما ما تقترن بالأحكام الصادرة بحق الأطفال المقدسيين.
وأضاف أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أفرطت في استخدام عقوبة "الاقامة الجبرية" أو "الحبس المنزلي" بحق المقدسيين، لاسيما الأطفال منهم، وكذلك بالغت في فرض الغرامات المالية بحقهم، في محاولة منها الى التحلل من مسؤولياتها وعدم ابقائهم في سجونها نظراً لصغر سنهم، وجعلت من هذه العقوبة سياسة ثابتة في تعاملها مع المقدسيين واجراء ثابتا ضمن محاكماتها، والتي أصدرت خلال الثلاث سنوات الماضية قرابة (300) قرار بـ "الحبس المنزلي". مما حولها الى "ظاهرة" مقلقة وآخذة بالاتساع.
وتابع: في القدس فهمنا أن للاحتلال الإسرائيلي- منذ أن احتلها- سجون عديدة يَزِجُ بداخلها الفلسطينيون من سكان القدس، وأدركنا أن للاحتلال أيضاً سجانين يعملون فيها، وحراساً مدججين بالسلاح يحيطون بها من كل صوب وناحية، لإرهابهم وبث الرعب في نفوسهم بحجة منع هروب أحدهم. فيما اليوم وخلال ثلاث سنوات مضت جعل الاحتلال المئات من بيوت المقدسيين سجونا، ولمن؟ لأبنائهم وبناتهم، لآبائهم وأمهاتهم، ولا أحد سواهم. وحول الأهالي وأفراد الأسرة قسراً إلى سجانين على أطفالهم واحبتهم، ومراقبين على تنفيذ الإجراءات المفروضة عليهم من قبل محاكم الاحتلال.!
وحذر فروانة من خطورة هذه الظاهرة، وتداعياتها وآثارها السلبية، وكذلك من احتمالية تجذرها، في ظل استمرارها واتساعها، مما يجعلها جزءا اساسيا في المحاكم الإسرائيلية وواقعا ثابتا يصعب تغييره في المدى القريب.
وبيّن فروانة أن هناك نوعين من الحبس المنزلي، الأول يُلزم الشخص، سواءً أكان طفلا أم فتاة، رجلا أم امرأة، بالبقاء في بيته وعدم الخروج منه بشكل مطلق طوال الفترة المحددة، والنوع الثاني وهو أصعب من الأول يتمثل بفرض "الحبس المنزلي" على الطفل في بيت أحد الأقارب البعيدة عن بيت العائلة ومنطقة سكناهم، مما يشتت العائلة ويزيد من حالة القلق لديها وتوتر العلاقة ما بين الطفل واهله، ويخلق العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية لدى الشخص واسرته.
وأوضح فروانة بأن معاناة فلسطينيي القدس مركبة ومضاعفة، فبعدما كان الأهالي يطالبون بحرية أبنائهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي، فهم اليوم يُجبرون قسرا على حبس أبنائهم في بيوتهم، يقيدون حركتهم، ويتابعون أنشطتهم، ويراقبون تحركاتهم، ويمنعونهم من تخطي حدود البيت وتجاوز البوابة الخارجية للمنزل حتى للعلاج أو الدراسة، وذلكتنفيذا لشروط الإفراج التي فرضتها عليهم المحاكم الإسرائيلية، وتجنباً لاعتقال الكفيل أو المتعهد والزج به في ظلمة السجون (المعلومة) بتهمة خرق "الاتفاق" وبنود الحكم وما وقّع عليه من التزام.
وأكد فروانة بأن "الحبس المنزلي" يُعتبر إجراءً تعسفياً ولا أخلاقياً ومخالفةً لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما ويشكل عقوبة جماعية للأسرة بمجموع أفرادها التي تضطر لأن تَبقى في حالة استنفار دائم، حريصة على حماية ابنهم من خطر تبعات تجاوزه للشروط المفروضة.
ورأى فروانة ان "الحبس المنزلي" إجراء يُراد منه التأثير على توجهات العائلة ومعتقداتهم وأفكارهم ودفعهم نحو الالتزام بما يصدر عن سلطات الاحتلال الإسرائيلي من قرارات، ومنع أبنائهم من تخطي تلك القرارات. وصولا إلى الهدف غير المعلن والمتمثل بقبولهم بالأمر الواقع ومنعهم طواعية من المشاركة بأي شكل من أشكال المقاومة المشروعة للاحتلال. هذا بجانب الاجراءات التعسفية الأخرى بحق المقدسيين والتي تصاعدت خلال "الهبة الجماهيرية".