29-TRIAL- لا يوجد موقف عربي من العدوان الإسرائيلي على غزة ، كما لا يوجد موقف جاد لرئيس السلطة أيضاً. جل قادة النظام العربي لاذوا بالصمت. بعض الأنظمة التي تحظى فيها الحياة السياسية بشيء من الديمقراطية استنكرت العدوان على غزة بكلام إعلامي ليس إلا. موقف السلطة الفلسطينية لم يتجاوز الاستنكار والشجب. ما يجري من أحاديث في الإعلام عن دور مصري للوساطة أو التهدئة لا أصل لها. كما لا صحة للحديث عن دور آخر لأي من الدول العربية، وغير العربية. باختصار غزة توجه العدوان وحدها، في ظل غياب عربي ودولي. قد تشعر بالمرارة وأنت تقرأ هذه الحقيقة، ولكن تقرير الحقيقة ووصفها بغير خداع أو مجاملة واجب وطني بغض النظر عن طعمها المرّ والمؤلم. نعم ليس هناك دور مصري لمنع العدوان على غزة، وليس هناك دور لغير مصر في هذا الاتجاه، لذا وجب على حماس والمقاومة بشكل عام تدبر أمرها والاعتماد على نفسها، وإدارة المعركة بذكاء وحكمة، بعد التوكل على الله. وعليها ألّا تنسى أن في قادة النظام العربي من يسره اختفاء المقاومة من الوجود. لقد قاومت غزة وحدها في معركتي: ( الفرقان ، وحجارة السجيل) ، وحققت بفضل الله صموداً ونصراً أذهل العدو ورده خائباً لم يحقق أهدافه. واليوم نأمل أن تكون المقاومة في حالة أفضل مما كانت عليه في ( حجارة السجيل) وأن تتمكن من تدبر أمرها بحكمة وذكاء، وأن تدير هذه المعركة المفروضة عليها في ظل وضع عربي وإقليمي يسمح لإسرائيل أن تستفرد بالمقاومة دون ردود أفعال عربية قوية. إنه لمن حكمة الله ولطف أقداره أن دولة الاحتلال ومجتمعها الداخلي الحزبي وغير الحزبي ليس في أحسن أحواله استقراراً وتماسكاً، وجلّ القيادات الأمنية والتخطيطية تدعو صاحب القرار في الحكومة إلى التمسك بالتهدئة، والتفرغ لما يجري في دول الإقليم وإيران، مع الاهتمام الخاص بالحالة المصرية. وإن أي انتكاسة للجيش في غزة سيكون له تداعيات غير محمودة على الحكومة وعلى الاستقرار الحزبي الداخلي، فضلاً عن تأثيراته السلبية على الموقف الإقليمي. لقد مرّ أسبوع على عملية التصعيد العسكري التي بدأها الاحتلال في الضفة الغربية إثر مقتل ثلاثة من المستوطنين في الخليل، ومنذ اليوم الأول لاختفاء المستوطنين أخذت حكومة الاحتلال تهدد قطاع غزة، وتعده بالويل والثبور، غير أن غزة التي خبرت حكومة اليمين المتطرف لم تخفها تهديداتها المتوالية والتي وصلت إلى التهديد باحتلال غزة، بل ربما رأت غزة في مواجهة العدوان الذي لا تتمناه فرصة لحل مشاكلها، وإعادة قضية فلسطين إلى أصلها، القائم على التحرير أولاً. المقاومة في غزة تعرف ما تريد. إنها اختصرت ما تريده بالنصر أو الشهادة. ولكن الاحتلال يبدو في هذه المرحلة لا يعرف ما يريده من غزة. هل يريد إعادة احتلالها، أم يريد قتل مقاومتها؟ ودائماً هو لا يملك إجابة عن سؤال اليوم التالي؟! حكومة لا تعرف ما تريد، وقادة النظام العربي ، إضافة إلى رئيس السلطة معهم لا يعرفون ماذا يريدون من غزة. ولا يعرفون ماذا يريدون من إسرائيل كدولة احتلال. وربما كانت معرفة غزة لما تريده هو سرّ تفوقها على من ذكرت مجتمعين رغم الجوع والعطش والفقر الذي توسعت دائرته في غزة. 122

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد