فجر أمس، وحسب شهود عيان، أطلق جنود الاحتلال النار على الشابين طاهر ومصطفى فنون؛ ما أدى إلى استشهادهما نزفاً... في حي تل الرميدة بمدينة الخليل.
الرواية الإسرائيلية جاهزة، طعن أو محاولة طعن أو نوايا طعن... ويبدو أن الثالثة هي التي انطبقت على الشهيدين، أي أن قوات الاحتلال التي تلقت أوامرها بالضغط على الزناد لمجرد الاشتباه، أعدمتهما بدمٍ بارد، ما يعني أن الجندي الإسرائيلي منح تصريحاً بالقتل مفاده: اقتل وأنت في حماية الحكومة وستفلت من العقاب ولا يوجد من يتابع مثل هذه القضايا. 
الشهيدان فنون كانا عائدين إلى منزليهما فجراً في منطقة ليست محاصرة فقط بل محصّنة بعشرات الجنود والكاميرات ووسائل المراقبة المختلفة... لأن المنطقة يقطنها عدد محدود جداً من المستوطنين الأكثر إرهاباً وتطرفاً وعنصرية، وهم يفرضون إملاءاتهم على حكومة الاحتلال ويحصلون على ما يريدون، بل كثير من الإسرائيليين ينظرون إلى هذه الثلة الإجرامية بعين الإعجاب، بزعم أنهم نخبة إسرائيل التي تحقق الحلم التوراتي والصهيوني... عودة الشابين فجراً إلى منزليهما تهمة تعاقب عليها سلطات الاحتلال بالإعدام دون محاكمة؟!!
جنود الاحتلال الذين يتمركزون في البؤر الاستيطانية، تُغسَل أدمغتهم بمعتقدات المستوطنين... فكيف لا يطلقون نيرانهم على المدنيين الفلسطينيين وهم محصّنون بحماية حكومة الاحتلال، وفتاوى حاخاماتهم التي تعتبر أن قتل الفلسطينيين «الغويم»... منظومة فتاوى يهودية على شاكلة فتاوى «داعش» بل تتجاوزها إرهاباً ودمويةً.
الإعدامات الميدانية لفتية وأطفال ونساء أثبتت أن النهج الدموي لحكومة نتنياهو هو الأساس... وأنه قائم على استخدام قبضة حديدية في ظل تواطؤ دولي وإقليمي من خلال هذا الصمت المرعب... وكأنّ الدم الفلسطيني والإنسان الفلسطيني خارج إطار المنظومة الإنسانية.
دخلنا الشهر الثالث للهبّة الجماهيرية... زهقت أرواح كثيرة واحتجزت جثامين عشرات الشهداء كرهائن للمساومة... دون أن ننسى أنه عندما يُسلّم جثمان شهيد أو شهيدة للأهل فإن مطالب الاحتلال تكون الدفن ليلاً بوجود عدد محدود جداً من المواطنين... ما يدلّل على أن مسلسل العدوان الإسرائيلي متكامل... ومتواصل بالنهج العنصري الدموي نفسه.
الضمير العالمي الصامت بل وربما المتآمر مع قتلة الأطفال يدل على مدى الانهيار الأخلاقي الذي وصلت إليه قيادات دول كبرى لم يعد يهمها سوى أن ترضي اللوبي الصهيوني بأي شكلٍ من الأشكال، بل تتعمّد قلب الحقائق، باتهام الضحية الفلسطينية وتبرئة القتلة وعلى رأسهم مستوطنون منخرطون في مسلسل الإعدامات والاعتداءات.
واليوم، كيف يبرر العالم النظر إلى المنطقة بعين واحدة عمياء لا ترى من الإجرام الإسرائيلي شيئاً، وأخرى ترصد كل حركة فلسطينية لتجد فيها مبرراً لإرهاب الاحتلال... والدليل على ذلك هو تصريحات قادة الاحتلال العسكريين الذين أكدوا خلال اليومين الماضيين اعتقال مجموعة من المستوطنين الفاشيين التي أحرقت أفراد عائلة دوابشة وهم أحياء قبل عدة أشهر في بلدة دوما بمحافظة نابلس ... ولكن لن تقدمهم إلى المحاكمة... لعدم وجود أدلة كافية، وأن المجموعة مدرّبة على إخفاء المعلومات... أليس هذا يثير الضحك، وكيف سيتم انتزاع معلومات من قتلة ترعاهم الحكومة الإسرائيلية وتقدم لهم التسهيلات المالية والسياسية والغطاء من العقوبة... في الوقت الذي تستخدم فيه فنون التعذيب المعروفة وغير المعروفة في العالم من أجل انتزاع اعترافات بالقهر من الأسرى الفلسطينيين... هذا هو العالم الأعور الذي لا يرى ولا يسمع إلاّ للإرهاب الإسرائيلي.
يبدو أننا اليوم بحاجة أكثر للبدء بحملة عالمية من أجل إيجاد عناصر ضغط على قادة الاحتلال لوقف القرارات التي تسهل الإعدامات الميدانية. 
لا بد من فضح هذه السياسة الإجرامية والإرهابية من خلال نشر كل الوثائق التي بحوزة الجانب الفلسطيني لفضح إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل.
حملة يجب أن تعتمد على البعد القانوني والقضائي، ولكن دون أن ننسى أن لنا مؤيدين على مستوى العالم يجب أن نشاركهم في معركة التصدي لمسلسل الإعدامات الميدانية وتحميل نتنياهو وحكومته المسؤولية الكاملة عنها.
abnajjarquds@gmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد