ثلاثة وعشرون عاماً مرت على إعلان اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي خصص في الثالث من كانون أول/ديسمبر، والذي يؤكد على احترام وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في كافة أنحاء العالم .
و"الإعاقة" كما عرفتها المواثيق الرسمية تعني قصوراً أو عيباً وظيفياً يصيب عضواً أو وظيفة من وظائف الإنسان العضوية أو النفسية بحيث يؤدي إلى خلل أو تبدل في عملية تكيف هذه الوظيفة مع الوسط .
ويحتفل العالم في هذا اليوم الذي يصادف الثالث من كانون أول / ديسمبر من كل عام ليضع حضور هذه الفئة الهامة على جدول أعمال المجتمع الدولي وينظر في أوضاعها ومتطلباتها واحتياجاتها وسبل نصرتها .
فيما تشير الإحصاءات إلى ارتفاع مضطرد في أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، جراء الاعتداءات المتواصلة والمتصاعدة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه.
وأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لم تُحترم، بل وتُنتهك يومياً، و أوضاعهم تزداد سوءاً و تدهوراً بسبب استمرار انتهاكات الاحتلال المتعمدة لحقوقهم ، وممارساته القمعية الممنهجة بحقهم ، وفي ظل شحة العوامل والأدوات المساعدة وتدني مستوى الخدمات المقدمة لهم .
وإذا كان هذا هو حال المعاقين في فلسطين عموماً، فان أوضاع المعاقين منهم في السجون الإسرائيلية أكثر سوءاً، وآلامهم أكبر وأكثر قسوة، ومعاناتهم مضاعفة بمرات عدة ، حتى عن باقي الأسرى المرضى، لأنهم يمزجون ما بين معاناة الأسر وسوء ظروف الاحتجاز ، وقسوة السجان ومعاملته اللا إنسانية ، وألم المرض ، بالإضافة إلى وجع الإعاقة وعجزهم عن الحركة أو قضاء الحاجة .
وإسرائيل لم ترحمهم من بطشها وسوء معاملتها ، ولم تستثنهم من اعتقالاتها التعسفية، فقيدّت ما تبقى لديهم من أطراف بسلاسلها الحديدية أو البلاستيكية، وزجت بأجسادهم المنهكة والمعاقة والمقعدة في زنازينها وسجونها سيئة الصيت والسمعة .
ولا تزال تحتجز في سجونها ومعتقلاتها العشرات ممن يعانون من إعاقات جسدية (كاملة أو جزئية) وإعاقات ذهنية وعقلية ونفسية ، أو إعاقات حسية (كالإعاقة السمعية والبصرية) ، بينهم من يحتضرون .
وهي – أي إسرائيل - لم تكتفِ بالتنصل من التزاماتها تجاههم، والتهرب من توفير احتياجاتهم الأساسية كالأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة ، والأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف ، والنظارات الطبية أو أجهزة خاصة بالمشي والفرشات الطبية أو آلات الكتابة الخاصة بالمكفوفين وغيرها. بل ترفض تارة ، وتضع العراقيل تارة أخرى أمام محاولات إدخالها من قبل وزارة شؤون الأسرى الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، مما يشكل عقوبة جديدة بحق الأشخاص المعاقين المعتقلين في سجونها، ويضاعف من قلق عوائلهم عليهم .
هذا في ظل عدم وجود أطباء نفسيين مختصين أيضاً ، ومرشدين اجتماعيين في السجون، و أماكن احتجاز خاصة بهم ومزودة باحتياجاتهم، وفي ظل استمرار سياسة الإهمال الطبي والمماطلة في تقديم العلاج اللازم ، فيما الأدوية التي تعطي للمعاقين نفسياً أحياناً هي ليست أكثر من مهدئات ومسكنات ومنوم.
ان بعض المعاقين القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي كانوا قد أعتقلوا وهم يعانون من نوع من أنواع الإعاقة جراء ظروف وأسباب مختلفة ، بينهم من كانت إعاقتهم جراء تعرضهم للإصابة برصاص الاحتلال . وبعضهم اعتقلوا من داخل المشافى والمراكز الصحية وسيارات الاسعاف فيما كانوا يتلقون العلاج ، أو من على الحواجز والمعابر وهم في طريقهم للعلاج ، أو بعد اصابتهم اثر مواجهات واشتباكات مع قوات الاحتلال ومورس بحقهم التعذيب والضغط والمساومة والابتزاز مما أدى لتفاقم الإصابة والتي تحولت تدريجيا إلى إعاقة. والبعض الآخر انضم لجيش المعاقين جراء صعوبة الأوضاع المعيشية في السجون وقسوة زنازين العزل الانفرادي ، وسوء الأوضاع الصحية واستمرار سياسة الإهمال الطبي .
ان أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة في السجون الإسرائيلية تتطلب من المجتمع الدولي وخلال احتفالاته باليوم العالمي الخاص بهذه الفئة، ان يضعهم على جدول أعماله، وأن ينظر في أوضاعهم واحتياجاتهم، وأن ينتصر لحقوقهم الإنسانية. والضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإجبارها على الوقف الفوري لانتهاكاتها الجسيمة بحقهم ، وإلزامها بالإفراج عنهم واحترام الاتفاقيات الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية