حذّر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بعيد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، والرئيس محمود عباس (أبو مازن)، من مغبة تدهور الأوضاع، بين إسرائيل والفلسطينيين، بحيث أنه، لا يمكن أن يخرج عن السيطرة، داعياً الطرفين إلى التوصل سريعاً إلى حل!!
يدرك كيري، تمام الإدراك، ما يعطل التوصل إلى حل، ويعرف تمام المعرفة، بأن الاستيطان، وسياسات حكومة نتنياهو، هي سبب توقف المفاوضات، والتوصل إلى حل الدولتين.
مما لا شك فيه، أن كيري، حاول الضغط على الجانب الفلسطيني، لكن جهوده تلك اصطدمت، بحجج فلسطينية دامغة، لا تقبل الدحض.
الإسرائيليون، من جهتهم، باتوا يفصحون، بأن السيطرة على ما يجري، غير ممكنة وبالتالي وجدوا بأسلوب العقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين، سبيلاً قد يؤتي أُكله، على المدى البعيد.
لم تأخذ إسرائيل، دروساً مفيدة، من مجريات الانتفاضتين، الأولى والثانية.
في الانتفاضة الثانية، وجدت إسرائيل فرصتها الذهبية، بعدما تيقنت، بأن القيادة الفلسطينية، هي من تدعم كتائب الأقصى، وهي من ترعى عملياتها ونشاطاتها، ووجدت في تبني الانتفاضة، ضالّتها المنشودة، فقامت بالاجتياحات للمدن الفلسطينية، ومحاصرة المقاطعة، حصاراً محكماً، ومن ثم قامت بتدبير عملية اغتيال الرئيس عرفات.
في الحالة الراهنة، وكما بات واضحاً للجميع، فإن ما يجري عملياً، وميدانياً، هو أمر شعبي، يقوم به شبان، وصل الاحتقان مداه في نفوسهم، وبأنه لا يوجد تبن رسمي، لما يجري من عمليات طعن ودهس وغيرها. وبالمقابل، فإن م.ت.ف، والسلطة، والفصائل، لا تقف حائلاً لما يجري.
تدرك القيادة الفلسطينية، بأن أي تبنٍ رسمي، لما يجري، سيجر عمليات اجتياح، وحصار، ليس للمقاطعة فحسب، بل للقيادات الفلسطينية، في الضفة الغربية كافة، كما ستجر عملية التبني لما يجري، مواقف إسرائيلية، ستترجم، بتحركات دولية، لإعادة إسطوانة «إرهاب السلطة»! ومطالبة المجتمع الدولي، بموقف إزاء هذا الإرهاب...
ما أورده الرئيس، في أكثر من تصريح رسمي، هو دقيق للغاية. وصف ما يجري، بحالة احتقان في أوساط الشباب، سببها السياسات الإسرائيلية الراهنة، وبأن ما يجري من حالات تعبير عن هذا الاحتقان، تتحمل إسرائيل مسؤوليته... في وقت تنجح به وسائل الإعلام الفلسطينية، في فضح ممارسات إسرائيلية، جاءت من لدن المستوطنين، أو الجيش الإسرائيلي، على حد سواء.
هنالك اهتمامات إسرائيلية جدية، بما يجري، ومحاولة إجهاضه، وهنالك اجتهادات شتى، ولعل ما تفصح عنه تلك الاهتمامات والاجتهادات، هو بقايا من المراهنة على دور السلطة، ولعلّ أبرز أوساط تلك المراهنة، هو أوساط الجيش الإسرائيلي.
المراهنة هنا، هي مراهنة منقوصة، بل هي مراهنة عمياء، إن جاز التعبير.
السلطة الفلسطينية، لا تريد أن تلعب أي دور في هذا السياق، وهي التي سبقت وأعلنت، بأنها لا تريد أن تمارس دور السلطة، دون وجود سلطة لها.. المسألة تحتاج إلى عمق سياسي، وإلى دور سياسي، والدور السياسي بات واضحاً للغاية، وهو الوصول إلى حل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية، ذات السيادة، على كامل التراب الفلسطيني، في الضفة الغربية وقطاع غزة ..
هل ستدرك الولايات المتحدة وإسرائيل، جوهر المسألة؟!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية