في مقالة للكاتب الإسرائيلي روغل ألفر المنشورة في «هآرتس» في الثاني والعشرين من تشرين الثاني الجاري، يحذّر يهود فرنسا من الهجرة إلى إسرائيل لأنها لم تعد إلاّ دولة الفاشية اليهودية، الاحتلال، العنصرية، والمسيحانية البربرية... وهذه قيم لا تستحق الهجرة من أجلها.


الكاتب يدعو يهود فرنسا إلى البقاء فيها لأنها تمثل قيم الديمقراطية والحرية والليبرالية وتخوض حرباً من أجلها على قاعدة أن فرنسا لا تعيش على السيف بل هي تستخدم السيف لكي تعيش.
في فلسطين التي تعاني احتلالاً وإرهاباً استيطانياً استعمارياً منذ 7 عقود تقريباً فإن رقاب أبنائها تحت حدّ سيف دولة الأبرتهايد... ولعلّ ما يدور من أحداث اليوم ليؤكد أن سيف الإرهاب الإسرائيلي بحدّيه جنود الاحتلال والمستوطنين لم يعد كثيرون في العالم يرونه على حقيقته.


ورغم كل المعاناة من سيف الاحتلال، إلاّ أن الشعب الفلسطيني وعلى طريق الشعب الفرنسي لا يعيش على حدّ السيف، ولكن في لحظة ما لا يجد مناصاً إلاّ استخدام السيف من أجل أن يعيش.


ارهاب السيف الإسرائيلي نشاهده اليوم في أحكام الإعدام التي لا تصدر عن قاض أو محكمة إسرائيلية، وإنما بناء على قرارات وتوصيات حكومة نتنياهو إلى جنودها لأخذ دور المحكمة في الشارع وإصدار الحكم فورياً... ولهذا فإن عدد حالات الإعدام الميدانية في ازدياد، حتى أصبحت أكثر من مكشوفة أمام هذا العالم الصامت... قرار الإعدام يتخذه جندي إسرائيلي مجبول بالكراهية والعنصرية،

ومغسول دماغه بالفتاوى التلمودية من حاخامات لا ينظرون إلى الآخر سوى مجرّد كائن شِرّير يجب القضاء عليه، تقرُّباً إلى الرب.


ولهذا فإن الضغط على الزناد أصبح كلعبة فيديو في يد قتلة الاحتلال.


أمام هذا الواقع فلا يجد المواطن الفلسطيني بُدّاً من استخدام السيف لكي يُبقي على حياته، وأمنه، وحقّه في أرضه وحُرّيته المسلوبة على مذبح العنصرية في دولة الأبرتهايد الإسرائيلية.
استخدامنا لسيف الحجر والتظاهر والاعتصام كشكلٍ للمقاومة الشعبية هو حق أجَازَه القانون الدولي.


صحيح أن السيف الفلسطيني لا يضمّ الطائرة المقاتلة، ولا الدبّابة المحصّنة ولا الصواريخ الموجّهة، ولا الأسلحة النووية أو البيولوجية، إلاّ أن لديه أكثر وأهم من هذه الأسلحة الإسرائيلية التي تصبُّ في مخازنها من المصانع الأميركية والغربية مباشرة... وهي سلاح الحق والبحث عن الحريّة والتخلُّص من الاحتلال... وهذا سرّ قوة السلاح الذي نمتلكه... حتى الحجر أو الحصى الصغيرة فإنها ترعب أكثر من قنابل الاحتلال ورصاصه الحيّ، ورغم ذلك فإن قادة الاحتلال... القادمين من رحم التطرّف والكراهية والذين لا يرون في الفلسطيني أو العربي سوى «الغوييم» الغرباء الذين لا بدّ من الخلاص منهم... بأي طريقة... حتى لو بحدّ السيف المجبول بروح الجريمة المرتكبة ضد الإنسانية.


المشكلة في قادة الاحتلال أنهم يريدون فَقءَ عين الحقيقة وكسر ذراعها... ويصرُّون على كل أشكال الاعتداءات... وكأنهم لا يخدعون العالم فقط وإنما، أيضاً، يخدعون أنفسهم...


وأمام هذا السيف الاحتلالي الموغل في الدم الفلسطيني على مفترقات الطرق وفي شوارع القرى والمخيمات، وفي كل مكان تصل إليه آلة القتل الإسرائيلي فإن المواطن الفلسطيني يجد نفسه مجبراً في لحظة ما للدفاع عن نفسه، ولردّ الاعتداءات الإسرائيلية، وما الأحداث التي تقع هنا وهناك إلاّ تعبير عن حالة يأس يمرُّ بها الشعب الفلسطيني وفي مقدمته الشباب، في وقت عملت فيه سلطات الاحتلال على سدّ كل منافذ السلام أو الاستقرار أو حتى العيش بكرامة.


الشاب الفلسطيني فاقد الأمل بسبب إجراءات الاحتلال وأثرها حتى على الوضع الاقتصادي، وعدم وضوح الرؤية أمامه، سوى أنه متأكد من أن سلطات الاحتلال تريد مزيداً من الدمار والخراب والقتل، وفي أحسن الأحوال توفير لقمة العيش... ليس إلاّ.


في الأيام الماضية كثفت قوات الاحتلال من تواجدها على الطرقات والشوارع الفلسطينية، ولكن، أيضاً، كثّفت إجراءاتها الانتقامية والعقابية وحتى الإذلالية بشكل متعمّد... مَشاهد تذكّرنا بأنه في لحظات كثيرة يصل الشباب الفلسطيني إلى قناعة استخدام السيف لكي يتمكّن من العيش.


الشارع الإسرائيلي المعبّأ بالتحريض الإعلامي العبري، الذي لم يعد يرى سوى لغة الانتقام والقتل والدم... لا يعي أن حالة الخوف والرعب التي يعيشها غير قادر على الاعتراف بأن ما تزرعه يد الاحتلال والمستوطنين يجنيه الإسرائيليون شوكاً ومعاناة... ومن يزرع الارهاب في قلب هذه المنطقة وهذه الأرض الفلسطينية المقدّسة... لا يمكنه أن يجني إلاّ ما زرعت يداه.

abnajjarquds@gmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد