شهدت أسواق قطاع غزة بدءاً من العام 2007 ركوداً اقتصادياً كبيراً , أي منذ 9 سنوات تقريباَ, والذي حظي بأهمية بالغة في الآونة الأخيرة في قطاع غزة جراء السياسات الإسرائيلية الممنهجة من حصار وحروب وعقوبات اقتصادية إسرائيلية من أجل التأثير على عصب الحياة الاقتصادية في المجتمع الفلسطيني.

الواقع أن الاقتصاد الفلسطيني عامةً اقتصاد صعب وسرعان ما يتأثر بالدورات الاقتصادية التي تتسبب في إفراز الركود الاقتصادي وما تعانيه أسواق القطاع من كساد, ومما لا يدع مجالاً للشك بأنه يطال كافة القطاعات الاقتصادية في الاقتصاد الفلسطيني التي من شأنها تساهم في ارتفاع حجم الإنتاج المحلي وارتفاع قيمة الضريبة المضافة والعجز في الميزان التجاري بالتالي ينجم المزيد من المشاكل الاقتصادية كارتفاع معدلات التضخم والبطالة ودرجة الفقر والفقر المدقع بشكل دراماتيكي.


ومع بدء فصل الشتاء يستقبل سكان غزة هذا الموسم والأسواق مصابة بحالة كساد وركود اقتصادي في كافة الأنشطة الاقتصادية وأهمها القطاع التجاري الذي يعاني من ضعف في المبيعات نتيجة لضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين في ظل تفاقم أزمة البطالة والفقر, حيث ارتفعت معدلات البطالة بشكل جنوني وبلغت نسبتها 55% خلال الربع الثاني من العام 2015, فيما ارتفع عدد العاطلين عن العمل لأكثر من ربع مليون شخص, وارتفعت معدلات الفقر والفقر المدقع لتتجاوز 65%, كما وصلت نسبة انعدام الأمن الغذائي إلي 72% لدى الأسر في قطاع غزة, واستمرار الحال على ما هو عليه سوف يزيد الأوضاع الاقتصادية سوءاً في العام القادم, وسيؤدي لارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة والفقر وانخفاض في معدلات النمو تنعكس على انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي.


• أسباب الركود الاقتصادي في أسواق غزة:


1- انخفاض الحركة الشرائية لدى المواطنين وتراجع حاد في الاستهلاك الخاص: حيث انخفضت معدلات الشراء لدى المواطنين لأسباب تراوح غلاء الأسعار,أو تأخر رواتب الموظفين في الحكومتين, وحيث أن التجار يعولون على موسم الشتاء والمواسم الأخرى في تحسن القوة الشرائية للمواطنين, ولكن الآن حتى المواسم (تعاني الركود).


2- أدى إغلاق الأنفاق إلي توقف الآلاف من العاملين فيها, إلي جانب وقف كامل للقطاع الإنشائي المحرك الأبرز للاقتصاد في غزة, حيث كان القطاع يعتمد على الأنفاق في إيصال مواد البناء ومستلزماتها في ظل منع إسرائيل من دخولها.


3- عدم انتظام صرف رواتب موظفي السلطة الفلسطينية لها دور كبير في ضعف الوضع الاقتصادي والتي تسبب بها حالة الانكماش.


4- قيام الحكومة الإسرائيلية بوقف أو احتجاز المستحقات الضريبية للسلطة الفلسطينية, مع توجيه إكراهي للاقتصاد الفلسطيني لمصلحة وهيمنة الاقتصاد الإسرائيلي.


5- توقف أو عدم التزام الدول المانحة عن تحويل المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية: مما يؤدي إلي عجز السلطة الفلسطينية عن تدبير أمورها المالية وتوفير رواتب موظفيها في القطاع العام.


6- وقف أو تقليص التجار لأعمالهم إلي حد كبير في غزة نتيجة نقص السيولة في الأسواق وتداعيات الركود, حيث أن الظروف الاقتصادية الصعبة لسكان القطاع واشتداد الحصار أديا لكساد واسع شمل كل الأنشطة التجارية حتى تلك المتعلقة بالمواد الغذائية.


7- استمرار الأوضاع الاقتصادية المتدهورة ونتيجة لانهيار المنظومة الاقتصادية في قطاع غزة بفعل الحرب الإسرائيلية عام 2014 التي تعرض لها القطاع على مدار 51 يوماً, حيث شهدت الأسواق ركود تجاري واقتصادي حاد وغير مسبوق وبأوضاع كارثية لم يشهدها القطاع منذ عام1967.


8- بطء إعادة اعمار قطاع غزة, ترك تداعيات سلبية على مجمل الحياة لسكان القطاع.


9- هناك أسباب أخرى تساهم في استمرار الركود الاقتصادي مثل ضعف الاستثمارات المحلية وتوجيه رأس المال الفلسطيني الذي تبلغ قيمته ستة مليارات دولار للاستثمار في الخارج، وربط اقتصادنا بالاقتصاد الإسرائيلي.


وفي نهاية المطاف , انعكست الأوضاع الاقتصادية الصعبة والأزمات المتتالية التي يعيشها المواطن في قطاع غزة على حركة الأسواق وعلى مختلف مجالات العمل, حيث تأثرت كافة القطاعات ولكن بنسب متفاوتة حسب حاجة المواطنين.


• الحلول لتخفيف حالة الركود والجمود:


إن الحلول لتخفيف حالة الركود والجمود التي تشهدها أسواق القطاع استثنائية وليست حلول جذرية ومن هذه الحلول:


1- إنهاء آثار الانقسام الفلسطيني ( المصالحة الفلسطينية ): إن إنهاء الانقسام الخطوة الأولى لانتشال الاقتصاد الفلسطيني من حفرة الركود التي أودت كافة أنشطته في مختلف القطاعات سواء الصناعية أو الإنشائية أو التجارية.


2- ضرورة إيجاد خطة وطنية للأولويات في قطاع غزة على أساسها يتم التعامل مع مراعاة خضوع القطاع لثلاثة حروب أثرتا على كافة القطاعات الاقتصادية ودمرت بنيتها التحتية بشكل مباشر.


3- إنهاء الحصار الإسرائيلي, و فتح كافة المعابر التجارية وإدخال كافة احتياجات غزة من السلع والبضائع والآليات والمعدات دون قيود أو شروط وعلى رأسها مواد البناء والسماح بتسويق وتصدير منتجات قطاع غزة الصناعية والزراعية لأسواق الضفة الغربية والعالم الخارجي دون قيود أو شروط.


4- التخلص من السياسات والإجراءات والعقوبات الإسرائيلية التي تسيطر بشكل مباشر على الموارد الاقتصادية في الضفة الغربية وبشكل غير مباشر عليها في قطاع غزة بالحصار والعقوبات المستمرة منذ 9 سنوات.


5- إن علاج الركود الاقتصادي يكون من خلال استقرار الاقتصاد, وإعادة تدفق الأموال إلي السلطة الفلسطينية وفتح الباب لمشاريع جديدة تنعش الاقتصاد بعيداً عن فاتورة الرواتب.


6- يجب على الدول المانحة الالتزام بالمساعدات المالية للسلطة الفلسطينية وفتح أفاق جديدة للحل بعيداً عن حل السلام الاقتصادي الذي تلوح به إسرائيل وأمريكا عبر خطة كيري الاقتصادية.


7- البدء بعملية إعادة اعمار حقيقية لقطاع غزة التي سوف توفر فرص العمل لعشرات الآلاف من العمال العاطلين عن العمل, والتي ستساهم في حل الأزمات التي يعاني منها القطاع, حيث أن هذه الأمور ستساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية, وتساهم في خفض معدلات البطالة والفقر, وسيكون هناك زيادة في النمو تنعكس ايجابياً على الناتج المحلي الإجمالي, وانتهاء حالة الركود الاقتصادي التي يمر بها قطاع غزة.


يمكن القول أن الأوضاع الاقتصادية الكلية في قطاع غزة تنذر بإمكانيات كبيرة لحدوث كساد في بعض الأنشطة الاقتصادية, وحالة من الانهيار الاقتصادي في العام القادم في ظل ثبات الوضع القائم المتمثل باستمرار الانقسام, وتأخر الأعمار, واستمرار الحصار الإسرائيلي بالوتيرة الراهنة, أو عدم وفاء الدول المانحة بالتزاماتها المالية, أو تراجع النشاط الزراعي, وتباطؤ الطلب الكلي وتراجع حجم التجارة الداخلية, وتراجع الدور الحكومي في الرقابة والاستثمار الاقتصادي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد