172-TRIAL- فجرت عملية الخليل أسئلة وجدل كبير في الساحة الفلسطينية وجدوى وحقيقة المصالحة وحكومة الوفاق الوطني، ومن تمثل وأي إقليم تحكم وطبيعة العلاقة بين مكونات العمل الوطني الفلسطيني، ومدى توافق الجماعة الوطنية الفلسطينية، وحدود العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل و اهميتها لإسرائيل سواء من الناحية الامنية وعدم قدرتها على حماية الناس والدفاع عنهم وجدوى التنسيق الامني الذي يقدم خدمات جليلة لإسرائيل على حساب الفلسطينيين و يلاقي سخط وعدم قبول الناس له.
جاءت عملية الخليل لتكشف هشاشة الموقف الفلسطيني و حكومة التوافق الوطني،  وعدم استعداد السلطة لها وقناعتها بتوحيد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتفرد الرئيس بالقرارات ومصير القضية والناس، وعدم قدرة السلطة على فهم الناس ومصالحهم وقدرتهم على قبول ما تقوم به السلطة وسلوكها السياسي الذي لا يحظى بإجماع وطني.  
كان على أبو مازن ان يكون اكثر حكمة في التعامل مع تبعات عملية الخليل وان يعبر عن حق الناس واحترام مشاعرهم، والانتهاكات التي تقوم وقامت بها اسرائيل من استباحة الضفة الغربية وفرضها شروط على السلطة كي تفك ارتباطها بحركة حماس والتملص من حكومة التوافق الوطني، وما صدر من ابو مازن من تهديدات لحماس وقبوله بالرواية الاسرائيلية وعدم قدرته على التمييز بين المصلحة الوطنية وشروط و املاءات نتنياهو.
الى ان جاءت جريمة مقتل الطفل محمد أبو خضير لتفضح هشاشة السلطة وعجزها وعدم قدرتها على مواكبة الأحدث وخطورتها، وكشفت اكثر عن طبيعة اسرائيل العنصرية وعقلية الثأر والانتقام التي عبر عنها الكل الاسرائيلي، وحال الاجماع السائدة من ضرورة الانتقام وارتكاب مزيد من الجرائم وبناء المستوطنات وضرب المشروع الوطني الفلسطيني، عملية الخليل يجب ان تكون فرصة لإعادة حسابات الرئيس وحماس وضرورة اعادة الاعتبار للمشروع الوطني على اسس وحدوية وليس الاستفراد بالقرار.
فجرت جريمة مقتل الطفل محمد ابو خضير حال الغضب من الاحتلال والسلطة وخطورة الاوضاع في الضفة الغربية وتهويد القدس واستمرار الحصار والعدوان على قطاع غزة، مشاهد الغضب في عيون شباب القدس تدل على خطورة الاوضاع الجارية في القدس، والحديث عن انتفاضة ثالثة هو جدي ولا احد يتنبئ الى اين تتجه الامور، و الأخطر هو الوضع الذي تعيشه السلطة من حال التيه والضعف والخوف والعجز عن القيام بأي فعل سوى الخوف والانتظار فهي على حافة الانهيار، والناس يعبرون عن سخطهم من سلوك القيادة خلال الفترة الماضية. 
مقتل الطفل محمد ابو خضير كشف الوجه الحقيقي لإسرائيل و قلب الامور لصالح الفلسطينيين امام الصلف والتعنت والعنف والقتل الاسرائيلي اليومي، وبعد ان كانت تفكر في اتخاذ قرارات اكثر عقابية عدا عن العقاب الجماعي التي تمارسه بحق الفلسطينيين دفع اسرائيل لاتخاذ خطوات تتراجع فيها من خلال ما قرره "الكابنيت" المجلس السياسي الامني المصغر بـ "الامتناع عن المبادرة إلى شن عملية عسكرية في غزة في حال الحفاظ على الهدوء"، وأن "إطلاق الصواريخ خلال ال 24 ساعة المقبلة سيحسم طبيعة رد الفعل الإسرائيلي". والحديث عن الهدوء مقابل هدوء، او ما ذكرته بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية ان اسرائيل قررت وقف النار في غزة مدة 48 ساعة، بشرط التزام حماس والمقاومة بذلك.
اسرائيل تدرك خطورة الاوضاع في الضفة الغربية أكثر من السلطة الخائفة من اندلاع انتفاضة شعبية، لذا ربما هي تتراجع عن تهديدها لقطاع غزة لإنقاذ السلطة من الانهيار، وهي تهدد غزة على امل ان تلتزم المقاومة خاصة حماس بذلك كي تجنبها من القيام بأي فعل قد يزيد الاوضاع سوء ولا تستطيع اسرائيل وقفها، لذا يجب على الفلسطينيين ان يكونوا اكثر حكمة في ردود افعالهم وان يعملوا على اعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية من خلال التوافق الحقيقي وتحديد اولوياتهم في الاتفاق على استراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال، وجرائمه ورفع الحصار عن قطاع غزة و فتح معبر رفح والضغط على اسرائيل للإفراج عن المعتقلين الذين اعتقلوا في حملة استباحة الضفة، وعدم الصمت على جرائمها وعدوانها المستمر.
المعركة الحقيقة هي بتوحيد كل الجهود الفلسطينية في القطاع وفي الضفة الغربية لمواجهة الاستيطان والمستوطنين، ومع الاخذ بالاعتبار فيما يجري الان و اتخاذ موقف وطني من السلطة و أبومازن، و عدم الركون الى ما تقوم به وما تقوله اسرائيل وفضح سلوكها، فربما هي تقوم بذلك من اجل لفت الانظار عن ما يجري في القدس والضفة الغربية وتفاجأ الكل في غزة، لكن الواضح ان اسرائيل تتراجع وعلى المقاومة وحماس تجنيب شعبنا ونفسها خطر كبير وان تستمر المعركة في الضفة. 228

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد