استكمالاً لدور كيري ومبادرته الأمنية لصالح دولة الاحتلال والتي طالب من خلالها الرئيس الفلسطيني محمود عباس باحتواء الهبة الجماهيرية دون أي مقابل سياسي يلبي أدنى طموحات الشعب الفلسطيني الثائر في وجه الهمجية الإسرائيلية، يأتي الرئيس الأمريكي أوباما ليؤكد خطى وزير خارجيته في لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ويؤكد له بأن من حقكم الدفاع عن أنفسكم ضد الهجوم الفلسطيني وكأن الفلسطينيون العزل يشنون الهجوم تلو الهجوم بأذكى أنواع الأسلحة على قوات الاحتلال، حين يستنكر أوباما عمليات الشباب الفلسطيني ضد قوات الاحتلال والمستوطنين ويصفها بالإرهاب متجاهلاً ومنكراً حقهم بالحرية، وفي السياق لم يتطرق بذكر عمليات الإرهاب الإسرائيلي والمستوطنين وحرق المواطنين الفلسطينيين وهم أحياء والإعدامات الميدانية للأطفال والنساء الفلسطينيين والاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية.
أما على الصعيد السياسي فقد مهد نتنياهو لهذه الزيارة بأنه أكثر قوة من أي وقت مضى وذلك بمبادرة حكومته المتطرفة بإقرار سلسلة من المخططات الاستيطانية قبل أيام من لقائه بأوباما في رسالة له بأنه ماضٍ بممارساته ولا داعي للضغط والمطالبة بوقف الاستيطان أو الحديث حوله وهنا يكون قد وضع محددات اللقاء بأوباما.
وبالمقابل فإن أوباما أضعف من أي وقت مضى نحو إحياء العملية السلمية وتفعيل المفاوضات إرضاءً لنتنياهو وحديث أوباما كان واضحاً بهذا الشأن بقوله أنه ملتزم بحل الدولتين ولكن الوقت غير مناسب وهنا يقصد بحل الدولتين بعد اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة دون تحديد حدود الدولة الفلسطينية والتي يريدها منزوعة السلاح أيضاً، وهنا يقطع أوباما الطريق نحو طرح أي مبادرات دولية قد يتم طرحها بهذا الشأن.
إن المحور الرئيسي والهدف الأساسي من زيارة نتنياهو لأمريكا كان الملف الإيراني بهدف صرف الأنظار تجاه ما يدور من أحداث في الأراضي الفلسطينية خاصة أن الاتفاق النووي الإيراني أثار غضب الإسرائيليين لما يشكله من تهديد استراتيجي بحسب المواقف الإسرائيلية وهذا ما استغله نتنياهو خلال هذه الزيارة واستفاد منه بمضاعفة الدعم المالي والعسكري واستطاع من ورائه تهميش أوباما للتدخل في ما يخص القضية الفلسطينية، وهنا يتضح بأنه للمرة الأولى في لقاءات القمة الأمريكية الإسرائيلية لم يكن ملف الاستيطان حاضراً ومن المعروف أن الموقف الأمريكي تجاه الاستيطان كان الإدانة وعدم الرضا كونه عقبة كبيرة في العملية التفاوضية وسبب رئيسي لرفض الرئيس محمود عباس العودة للمفاوضات.
وبالعودة حول الهدف الرئيسي لهذه الزيارة وهو الملف الإيراني فقد استطاع نتنياهو استغلاله جيداً حيث كان الموقف منه بالرفض وعدم الرضا والغضب من الاتفاق النووي واستغل نتنياهو هذا كله بابتزاز الأمريكان للحصول على مكتسبات مالية وعسكرية استطاع أن يحصل عليها بعد أن وعد أوباما بمضاعفة الدعم العسكري لدولة الاحتلال لعشر سنوات قادمة للحفاظ على أمن الحليف الأكبر في المنطقة.
ونستخلص من قراءتنا للقاء أوباما ـــــ نتنياهو بأنه يجب المحافظة على الهبة الجماهيرية في إطارها الحالي وعدم تطويرها عسكرياً كما تطالب بعض الفصائل الفلسطينية وذلك بسبب الضوء الأخضر الذي منحه أوباما لنتياهو وهذا اتضح في ما تم قراءته ما بين السطور من خلال السكوت الأمريكي عن الممارسات الهمجية الإسرائيلية، فالواقع أن الشعب الفلسطيني كان ولا يزال ضحية السياسات الدولية القائمة التي مازالت تحتضن إسرائيل وتمنحها الدعم والحصانة الدولية التي تقف حائلاً أمام من يريد مراجعتها ومحاسبتها على خرقها للقانون الدولي وسحق حقوق الإنسان الفلسطيني .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية