(صور) "شهادات موثقة".. أبناء السلطة الرابعة وجبة دسمة للجيش الإسرائيلي

غزة / خاص سوا/ خلع المصور الصحافي أحمد طلعت حسن، الدرع الأزرق الثقيل الذي توسطه كلمة " PREES"، بعد شعوره بهدوءٍ يخيم على أجواء قرية كفر قدوم قضاء مدينة قلقيلية، فالمكان ، لأول مرة منذ اندلاع الهبة الجماهيرية لا يوجد فيه مواجهات ؛ فقط ما يوجد هناك انتشار كبير لقوة إسرائيلية متمركزة على إحدى الحواجز.


وفي غمرة حديثه مع زملائه في العمل، وعلى حين غرة؛ سقط المصور أحمد أرضا بعد ما أصيب بعيار ناري في الفخذ خرج من فوهة بندقية قناص إسرائيلي دون أي مبرر.


الرصاصة التي سكنت فخذ المصور (22 عاما) الذي يعمل حرا يطلق عليها اسم " توتو" وبالعادة يستخدم هذا النوع من الرصاص في الحروب وتنفّذ به الاغتيالات.


فحالة الهستيريا التي دخل بها الجنود الإسرائيليين نتيجة المواجهات المتصاعدة مع الشبان، اجبرها على إشهار جميع أسلحتها لردع الفلسطينيين الثائرين ، دون تفرقة بين صحفي أو شاب ثائر أو سيدة متضامنة أو طفل إلخ..


الطبيب منع أحمد الذي يقطن في مدينة نابلس من الحركة لمدة شهر ونصف، بعد ما استقرت الرصاصة في عضلة قدمه، ولا تزال شظاياها داخل جسده، فالحركة الكثيرة من الممكن أن تزيد من مخاطر جرحه وتؤدي لمراحل لا يحمد عقباها.


"بعد عشرة أيام من الإصابة، خرجت لأكمل عملي اتنقل من منطقة مواجهة إلى أخرى رغم الألم الشديد عند السير أو الركض والتحرك عند التقاط المشاهد ؛ لكن سأكمل عملي". يفتتح أحمد الحديث.


صحفيو الضفة و القدس دوما يتعرضون إلى إهانات الجنود الإسرائيليين، إما بالضرب والشتائم وتكسير مُعداتهم أو اعتقال وإصابة وربما القتل، يكمل المصور أحمد: " أنا وزملائي المصورين نخرج إلى الميدان وأرواحنا على أكفنا؛ ونتوقع الموت في أي لحظة وقت تواجدنا هناك".


هناك ضابط درزي في الجيش الإسرائيلي ويدعى يوسف_ حسب قول المصور أحمد_، عمله فقط إطلاق النار على الصحافيين أو اعتقالهم وضربهم بشكل مبرح، رغم أن الصحافيين يكونوا بعيدين عن مجموعات الشباب المنتفضين؛ ولكن هذا لا يعفيهم من عنجهية الاحتلال.


كذلك الحال للمصور الصحافي رامي سويدان، الذي أصيب بقدمه برصاصة من النوع ذاته أثناء تغطيته لمواجهة اندلعت قبل أسبوع من صياغة هذا النص بالقرب من حاجز حوارة جنوب نابلس.


يقول رامي: " كنت قريبا جدا من الجنود ، مصوبا عدستي اتجاه العساكر تارة وأخرى على الشبان، وفجأة أطلق أحد الجنود الرصاص باتجاهي دون أدنى مبرر".


وبالرجوع إلى المصور أحمد ينوه إلى أن معظم الصحافيين يتعرضون إلى تهديدات ومضايقات من الاحتلال خلال اتصالات هاتفية، قائلا :" يعرفوننا بالاسم، ويهاتفون بشكل شبه يومي أحد الزملاء يطلبون منه عدم الحضور وتغطية الأحداث وهكذا".


في جمعة الغضب.. قبل يومين، أظهرت صور ومقاطع فيديو جرى تداولها لاعتداءات الجنود على المصورين، إحدى الصور كانت لجندي يرش في وجه مصور فلسطيني مادة حارقة للنظر، وأظهر مقطع أخر تجمع جنود إسرائيليين حول صحفي وانهالوا عليه بالضرب العنيف.


الواضح من هذا الأمر، أن الجنود الإسرائيليين يتعاملون مع الصحافيين الفلسطينيين كأنهم دمي يجرى قنصهم على سبيل التسلية وفي أوقات الفراغ، ويعتقلوهم ويضربوهم وقتما أرادوا.


وبحسب تقرير للاتحاد الدولي للصحافيين، قال إنه منذ بداية شهر أكتوبر ومع تصاعد الأحداث والهبة الجماهيرية ارتفعت حالات الإصابات والاعتداءات على الصحافيين ولغاية الآن جرى توثيق 55 حالة، الغالبية في الضفة وهي بالرصاص المغلّف بالمطاط وحالات من الرصاص الحي، والغاز المسيل لدموع.


أما في قطاع غزة المحاصر؛ لا يختلف حال المصورين الصحافيين عن زملائهم بالضفة، فخلال تغطيتهم للمواجهات التي اندلعت على نقاط التماس بين غزة وإسرائيل، تعرض بعضهم لإصابة بالرصاص الحي وآخرين بالمطاط، والكثير منهم سقطوا أرضا بعد استنشاقهم للغاز.


طارق أبو الخير، صحافي يعمل مصور في وكالة الهدف أُصيب بجروح خطيرة في الفخذ, أدّت لتفتت العظم، ويحتاج لأن يمكث في منزله لفترة 6 أشهر، كما تم تركيب جهاز خارجي له وبلاتين في ساقه.


في غرفته الممتلئة جدرانها بالصور الجمالية والدامية لأهل غزة التي التقطها وعلقها قبل الاصابة، يرقد طارق (21 عاما) على سرير لا يقوى على الحراك، فقط بمساعدة أصدقائه يتمكن من قضاء حاجته وهكذا.


التقط أنفاسه وراح يقول: " وقت الإصابة كنت مع مجموعة من الصحافيين، كنا بعيدين عن المتظاهرين، وفجأة سمعت صوت إطلاق نار، ولم أعلم أن هذه رصاصة كانت من نصيبي".


وبحسب طارق، أن طوال تغطيته للأحداث كان يتعرض هو وزملائه للكثير من المضايقات الإسرائيلية منها إطلاق قنابل الغاز عليهم، كذلك إطلاق الرصاص الحي عليهم بشكل مباشر.


ولم تسلم الصحافيات من بطش الاحتلال، فلم يحمهن لا درع الصحافة ولا واقي الأنثوية، فمنهن من تعرض للخنق نتيجة الغاز، او إصابتهن بالرصاص المعدني.


من بين تلك الصحافيات التي تعرضن لإصابة خلال تغطية المواجهات، الصحافية سالي السكني التي تعمل مراسلة في تلفزيون فلسطين، ففور وصولها إلى هناك مع طاقم عملها أطلقت قوات الاحتلال بشكل كثيف قنابل الغاز اتجاههم، لتسقط سالي أرضا ويجرى نقلها في سيارة الاسعاف بعد استنشاقها لكمية كبيرة من الغاز.


بعد تلك الشهادات واستعراض بعض حالات الزملاء الصحافيين، نصل إلى أن أبناء "صاحبة الجلالة" أو السلطة الرابعة وجبة دسمة لهؤلاء الجنود الإسرائيليين الذين لا ولن ولم يحترموا أي قانون أو أي جهة كانت.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد