صحيفة فرنسية: نتنياهو ورط نفسه في فضيحة تاريخية
باريس / سوا / نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا، حول التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، وقال فيها إن مفتي القدس الراحل، الحاج أمين الحسيني، طلب من هتلر إبادة اليهود، مشيرة إلى أن نتنياهو ورط نفسه من خلال هذه الكذبة، وأصبح محل سخرية حتى من أقرب حلفائه.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن بنيامين نتنياهو حاول الثلاثاء الماضي، أثناء خطابه أمام المجلس الصهيوني العالمي في القدس المحتلة، إثبات التأثير الذي مارسه الحاج أمين الحسيني، لإقناع هتلر بإبادة يهود أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية.
وأضافت أن نتنياهو أعاد إثارة قصة "المحرقة اليهودية"، مع تقديم الحاج الحسيني على أنه مصدر الإلهام الذي كان يقدم النصائح لهتلر، ناقلة عن نتنياهو قوله: "إن الحسيني سافر لبرلين، ولم يكن هتلر حينها ينوي إبادة اليهود، بل كان يريد فقط طردهم من أوروبا، ولكن الحسيني حذره من أنهم إذا طردوا فسيأتون لفلسطين، ولما سأله هتلر عن رأيه في ما سيفعله بهم، أجابه بأن يحرقهم".
وأشارت إلى أن هذا الحوار الذي دار بحسب خيال نتنياهو في يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1941؛ أثار سيلا من ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، وأجبر المسؤولين السياسيين على التدخل في النقاش، مع الاستنجاد بمؤرخين للتدقيق في هذه الرواية.
ولفتت إلى أن القيادي في حزب العمل، إسحاق هرتزوغ، وصف كذبة نتنياهو بأنها "تزييف خطير للتاريخ"، وطالبه بإصلاح خطئه؛ لأنه أساء لتاريخ المحرقة، وقلل من جريمة هتلر ودوره في الكارثة التي حلت باليهود.
وبحسب الصحيفة؛ فإن رد الفعل الأبرز جاء من زعيمة حزب ميريتس، زهافا غالون، التي قالت ساخرة من نتنياهو: "ماذا عن الـ33 ألفا و771 يهوديا، الذين قتلوا في منطقة باب يار الأوكرانية في أيلول/ سبتمبر من العام 1941، أي قبل شهرين من لقاء الحسيني وهتلر، هل ننبش قبورهم ونقول لهم إن النازيين لم يقصدوا إبادتكم؟".
ونقلت "لوموند" موقف الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات ، الذي اعتبر أن "نتنياهو بلغت به كراهيته للفلسطينيين؛ إلى حد أنه أصبح مستعدا لتبرئة هتلر من جريمة قتل ستة ملايين يهودي".
وذكرت أن وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون، حاول أيضا النأي بنفسه عن هذه التصريحات، من خلال القول إنه "وجب التأكيد على أن الحاج أمين الحسيني لم يكن وراء فكرة الحل النهائي -وهو المصطلح الذي أطلقه النازيون على عملية إبادة اليهود- والتاريخ يبين بوضوح أن هتلر هو صاحب الفكرة".
ونقلت الصحيفة أيضا؛ موقف أستاذة التاريخ، الباحثة في مركز "ياد فاشيم" المتخصص في أحداث المحرقة النازية، دينا بورات، التي نفت صحة ادعاءات نتنياهو قائلة: "لا يمكننا القول إن المفتي قدم الفكرة لهتلر، وجعله يقتل اليهود ويحرقهم، هذا خطأ، فلقاؤهما جاء بعد سلسلة من الأحداث التي بينت نوايا هتلر".
وقالت الصحيفة إن هذه ليست المرة الأولى التي يكذب فيها نتنياهو على الحاج أمين الحسيني لإثبات وجهة نظره، فقد ذكر في خطاب له أمام الكنيست في كانون الثاني/ يناير 2012، أن "الحسيني هو أحد مهندسي نظرية الحل النهائي التي تقضي بإبادة اليهود، فقد سافر إلى برلين ومارس الضغوط على هتلر، وأقنعه بالمضي في فكرة الحل النهائي، لكي يقضي على اليهود في أوروبا، ولا يسمح لهم بالرحيل إلى فلسطين".
وأضافت أنه قبل وقت قصير من ركوبه الطائرة متوجها إلى برلين؛ حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي الحد من الأضرار التي لحقت به بسبب ادعاءاته، وقال: "لم تكن لدي نية لتبرئة هتلر من مسؤوليته عن المأساة التي تعرض لها يهود أوروبا، فقد كان مسؤولا عن فكرة الحل النهائي التي أدت لإبادة ستة ملايين يهودي".
وأضاف نتنياهو: "ولكن سيكون من غير المعقول؛ أن نتجاهل الدور الذي لعبه المفتي أمين الحسيني.. يجب أن نظهر للعالم أن آباء الشعب الفلسطيني كانوا يريدون القضاء على اليهود؛ حتى قبل قيام دولتنا، وظهور مشاكل الاحتلال والمستوطنات".