شهدت الأيام الماضية تطورات متسارعةً فيما يخص المسار السياسي والهبّة الشعبية والحراك الإقليمي والدولي الخاص بما يدور في فلسطين، وذلك بعد أن وضعت دول العالم والإقليم الملف الفلسطيني على «الرفّ» منذ بداية ما أطلق عليه «الربيع العربي».
أول هذه التطورات كان في كلمة الرئيس الموجهة إلى الشعب الفلسطيني والتي بناءً عليها نستطيع أن نقول إن القضية الفلسطينية دخلت مرحلةً جديدةً. هذه المرحلة تتمثل بالعمل الجاد على تغيير لعبة المسار السياسي السابقة، والتي قامت على أساس المفاوضات ثم المفاوضات، لعلّ وعسى أن يكون هناك تغيير في الموقف الإسرائيلي يمكّن من التوصل إلى اتفاق يوضح شكل المرحلة النهائية القائم على أساس الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشريف مع التأكيد على حق العودة، وإيجاد السبل الكفيلة بحل هذا الملف.
تؤكد ملامح المرحلة الجديدة أن القيادة الفلسطينية ستعمل على العودة إلى الملعب الدولي، ولن تعطي تفويضاً حصرياً للإدارة الأميركية التي لم تثبت حتى الآن قدرةً حقيقيةً على الفعل.. سوى بعض الإدانات الخجولة في مراحل معينة من التمدد الاستيطاني، على قاعدة عدم التوسع الكبير في هذا المجال.
أثبتت الهبّة الجماهيرية للجميع أن الشعب الفلسطيني سيظل الرقم الصعب وأن الأجيال المتعاقبة ستحمل الراية، وإن اعتقد البعض أن الضغوط، وخاصة الاقتصادية منها ستغير كثيراً، وستكون عامل ضغط إضافياً لعدم القيام بأي مواجهة.
جيل الهبّة (وهو جيل ما بعد الانتفاضة الثانية أو ما بعد اتفاقات أوسلو) أثبت قدرة كبيرة على الفعل، وربما فاجأ الجميع.. وهذا هو منطق مراحل النضال الفلسطينية، كما الانتفاضة الأولى التي فاجأت العالم.. وكذلك الانتفاضة الثانية.
ومع تغير قواعد اللعبة السياسية، من الواضح أن واشنطن ستدخل على الخط بشكل مباشر، من خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري للمنطقة، والذي حاول في تصريحاته أن يمسك العصا ليس من المنتصف بل من الجهة التي فيها مصلحة إسرائيلية، واعتبر أن الرد الإسرائيلي مشروع.. وإن حاول أن يدين بشكل خجول الاستيطان أو تغيير الوضع في القدس.. وخاصة في المسجد الأقصى.
لا ندري عن أي مشروعية تتحدث الإدارة الأميركية، هل هي في الإعدامات الميدانية (وكل الدلائل تشير إلى نهج إرهابي قائم على القتل العمد والتصفية حتى لكل مشتبه به) أم في الاعتداءات الاستيطانية التي هي بالجملة.
وأي مشروعية تتيح لمجلس الحاخامات الإسرائيلي أن يصدر فتوى دينية يهودية تبيح قتل كل فلسطيني حتى لو كان مشتبهاً بالقيام بعمل مسلح؟ وماذا لو كانت هناك فتاوى إسلامية أو فلسطينية تبيح إهدار دم الإسرائيليين.. وكيف سيكون رد الفعل الأميركي والعالمي عليها؟.
وعلى الرغم من ازدواجية الموقف الأميركي، فإن هذه الزيارة مؤشر أولي على بدء التحرك السياسي الذي أخذ غفوة طويلة.. المهم، أيضاً، في هذه المرحلة أن يبقى الشعب الفلسطيني على مقاومته الشعبية فقط.. دون عسكرة ودون إعطاء مبرر لسلطات الاحتلال، لأن تحصل على مشروعية دولية لإرهابها ضد الفلسطينيين.
التطور الآخر في الأيام الماضية هو الانفلات الحكومي الإسرائيلي والتصريحات العنصرية التي تدل على عقلية إرهابية غير متزنة ابتداء من طلب قتل الفلسطينيين وليس انتهاءً بالإجراءات الاحتلالية المتخذة في الضفة الغربية، وخاصة مدينة القدس المحتلة، من إغلاق للأحياء وعسكرة تامة للاحتلال في البلدة القديمة.. والاستفزاز والابتزاز..
زيادة القمع والإرهاب الاستيطاني والرسمي الإسرائيلي سيكون بمثابة صبّ الزيت على مجمل الأوضاع المشتعلة في المنطقة وليس العكس.
abnajjarquds@gmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد