يبدو أن كرة الثلج بدأت تتدحرج هذه المرة بطريقة لم تكن في حسابات الساسة الذين صمتوا كثيراً أمام جرائم الاحتلال الصهيوني في القدس والأراضي المحتلة. ففي الوقت الذي فشلت فيه السلطة الفلسطينية عن حماية أبنائها من الحرق والقتل والاعتقال والقنص، وفي الوقت الذي فشلت فيه السلطة عن تحقيق المصالحة مع حركة حماس في غزة ، حتى صار أكبر ما تستطيعه تلك السلطة هو استجداء العالم بخطاب فارغ من مضمونه، كان لا بد من كلمة للشارع الفلسطيني الذي لم يعد يحتمل الصمت العربي والتواطؤ الدولي والمباركة الأميركية لما يجري بحق البشر والمقدسات، فجاءت عمليات الطعن لتلجم المستوطنين وتكبح جماحهم، حتى انتشرت تلك المتلازمة القتالية في كافة أرجاء المدينة المقدسة، لتصير شوارع القدس خالية من هؤلاء المجرمين لأول مرة منذ عام 1967.
وبالعودة إلى حرق الطفل دوابشة وعائلته، ودهس الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية فإن من الواضح أن سلطة أوسلو عجزت عن أي دور يستطيع أن يحمي المواطنين الذين يقعون تحت حمايتها في المناطق A,B,C، حتى خطب الاستنكار وبيانات التهديد لم تعد موجودة أو كأنها تبخرت مع الخوف من مصير الراحل أبو عمار، كأن الرئيس عباس وسلطته صاروا يسلمون بالأمر الواقع، بل ولعل الأسوأ هو أن السلطة رغم خطاب السيد الرئيس ما زالت مستمرة في تنسيقها الأمني مع قوات الاحتلال، الأمر الذي ساعد في تسليم الخلية التي قتلت المستوطن اليهودي وزوجته قرب مفرق فوريك. والتي قالت أجهزة الشين بيت أن التنسيق الأمني مع السلطة كان مهماً في معرفة (المخربين) المسؤولين عن العملية الأخيرة، وهي خلية تتبع لحركة حماس في نابلس . بالإضافة لإعادة المستوطنين الذين يدخلون مناطق السلطة بالخطأ.
إن الرئاسة الفلسطينية التي باتت تسيطر على منظمة التحرير وحركة فتح، بعد أن أصبح السيد محمود عباس هو رئيس كل تلك الجهات، هي المخولة اليوم بإيجاد حلول لما يجري في الأراضي المحتلة، أو الإعلان عن فشل المفاوضات وحل السلطة وترك الميدان للانتفاضة الشعبية أو المسلحة. وعلى السلطة أيضاً أن تقوم الآن وليس غداً بدور مشرف تجاه أبنائها، من خلال وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني الغاصب، والإفراج عن المعتقلين السياسيين القابعين في سجونها، واعتقال الخونة والعملاء المعروفين لديها. وأن تسمح لفصائل المقاومة بالعمل على الأرض لحماية الفلسطينيين طالما أنها عاجزة عن فعل ذلك.
إن رئيس السلطة يخشى مصير الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات، ومستمر في التنسيق الأمني ذاهباً باتجاه الرضى الأمريكي والصهيوني، مقابل خسارة جمهور الشعب الفلسطيني الذي كان على استعداد أن يموت من أجل رئيسه.
كرة الثلج تتدحرج، ويبدو أنها وصلت غزة، وما جرى بالأمس في كافة أرجاء الوطن بما فيها قطاع غزة، وارتقاء خمسة شهداء في أقل من ساعة على تخوم غزة هو لهيب ثورة وانتفاضة جديدة قادمة، لن يكتب لها النجاح إلا بالسماح لأهل الضفة الغربية بالانتفاض ضد الاحتلال، وضرب الكيان في العمق من خلال العمليات الفدائية وتدمير الاقتصاد والسياحة الإسرائيلية التي دمرت كل مكونات الحياة في غزة والضفة بتعاون عربي أحياناً. فغزة لا يمكن أن تقاتل وحدها لأن الضفة تستطيع ومن مسافة صفر أيضاً وليس كما هو الحال في هذا القطاع المحاصر.
المقاومة هي الحل الأنجع في ظل الظروف الحالية والتي تتجاهل القضية الفلسطينية، وتحاول تشتيت الرأي العام العالمي تجاه قضايا أخرى. وعلى السلطة أن تتبنى خيار المقاومة وتحقيق المصالحة بدلاً من السعي نحو الإحلال في غزة وتبني مشروع التفاوض الذي أثبت فشله منذ سنوات طوال.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية