295-TRIAL- إن الناظر والمتأمل في واقع المجتمع الفلسطيني يستشعر بالآلام الكبيرة التي تُبكي العين وتُدمي القلب وهو ينظر في أحوال الناس وما يعانون من فقر مدقع وارتفاع في مستوى المعيشة، حتى أن هذا الفقر والجوع دفع الأم وأولادها للخروج من منزلها للبحث عن الطعام ، وكأني أتخيلها وهي تسير في الطرقات وتبحث عن ضالتها فيمن يطعمها وكأنها وجدت لوحة مكتوب عليها " لجنة الزكاة ".
 فطرق الفرح والسرور قلبها ودقت المرأة وأولادها هذا الباب وبكت للمسؤولين في لجنة الزكاة سوء حالها وانعدام طعامها وهي تصف حالها وحال أولادها وزوجها وما تعانيه من فقر وجوع وحينها أبكت قلبي بكاءً مريراً حتى تذكرت يوماً كان فيه أهل الإسلام يبحثون عن الفقراء والمساكين وحينها جال في خاطري  عمر بن الخطاب رضي الله فما أعظمك في هذا المشهد يا عمر يا أمير المؤمنين قال [أسلم] خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى (حرة واقم (حتى إذا كنا بسرار (مرتفع من الأرض( إذا بنار مشتعلة فقال -عمر رضي الله عنه يا أسلم إني لأرى ها هنا ركب قصر بهم الليل والبرد ، فانطلق بنا فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم ، فإذا بامرأة معها صبيان صغار وقدر منصوبة على نار وصبيانها يتلوون من شدة الجوع و يصيحون ويبكون فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء وكره أن يقول يا أصحاب النار وهم يوقدون نارا وعمر ينظر إلى القدر فقالت :وعليك السلام ، فقال أأ دنو..؟ يسألها فقالت (أدن بخير أو دع) فدنى فقال:( ماذا بكم؟ ) قالت:( قصر بنا الليل والبرد ) قال: (فماذا لهؤلاء الصبية يتضاغون ؟) قالت: ( الجوع ) قال:( فأي شيء في هذه القدر؟ )  قالت: ( ماء أسكتهم به حتى يناموا والله بيننا وبين عمر )تقول المرأة (والله بيننا وبين عمر ) فقال: (أي رحمك الله وما يدري عمر بكم؟ ) قالت ( نحن في الصحراء وحدنا لا نجد طعام ) فقال عمر وهي لا تدري من هو : ( أي رحمك الله وما يدري عمر بكم وأنتم في هذه البقعة النائية؟) قالت: ( يتولى عمر أمرنا ثم يغفل عنا !) قال: فأقبل عليّ يخاطب أسلم فقال: (انطلق بنا ) فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق فأخرج عدلا من دقيق وكبة من شحم فقال عمر:( احمله عليّ) فقلت ( أنا أحمله عنك) قال ( أنت تحمل عني وزري يوم القيامة ؟) فحملته عليه ولنتأمل هذه اللحظات الخليفة يحمل على ظهره أمام الناس من المدينة إلى المكان النائي ويهرول من أجل الأولاد  فانطلق وانطلقت معه إليهم نهرول  فألقى ذلك عندها وأخرج من الدقيق شيئا وانبطح وجعل ينفخ تحت القدر ليشعل النار ثم أنزلها فقال: أبغيني شيئا أسكب فيه فأتته بصحفة فأفرغها فيه ثم جعل يقول لها  )أطعميهم وأنا أصفح لهم )فلم يزل حتى شبعوا وترك عندها فضل ذلك بقية الكيس وقام وقمت معه فجعلت تقول: ( جزاك الله خيرا كنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين أنت أولى بالخلافة من أمير المؤمنين ) فيقول: (قولي خيرا إذا جئت أمير المؤمنين وحدثيني هناك إن شاء الله) ثم استقبلها ينظر إلى مكانها من بعيد فضرب ضربة.
فقلنا له: (إن لنا شأنا غير هذا ) ولا يكلمنى فقلت لابد أن تكون الوقفة لهدف وعمر لا يتكلم حتى رأى الصبية يصطرعون ثم ناموا وهدءوا فقال يا أسلم: ( إن الجوع أسهرهم وأبكاهم ،فأحببت أن لا أنصرف حتى أرى ما أحب ) هذا عمر ، هذا عمر في الرعية ، هذا عمر في تفقده للمساكين ، هذا عمر ورحمته وإشفاقه بالمسلمين وهنا لا بد لي من وقفة عميقة  أخاطب بها قلوب إخواني في مجتمعنا الفلسطيني الفرد منهم والجماعة هل تحركت مشاعركم من أجل تقديم يد المساعدة لذوي القربى إليكم ومن أبناء شعبكم ، فأنت يا رجل الإصلاح وأنت يا مختار العائلة وأنت يا شيخ العشيرة وأنت يا شيخ القبيلة وأنت أيها الغني وأنت أيها المسئول في الحكومة هل تحسست الفقراء والمساكين ، أما تعلمت من عمر؟ ، متى يعود يومك ياعمر  ؟ 

 
148

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد