يعود مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين إلى واجهة الأحداث بعد عملية اقتحام جديدة قامت بها قوات الإحتلال الإسرائيلي مساء الإثنين 31/8/2015 للمخيم مستخدمةً الدبابات وعربات الجند وطائرات مروحية بذريعة محاولة إعتقال مقاومين.. لكن الغريب عدم صدور أي بيان إستنكار أو إدانة من وكالة " الأونروا " أو من الأمين العام للأمم المتحدة بانكي مون لعملية الإقتحام التي أدت إلى تدمير ممتلكات للاجئين وترويع المدنيين الآمنين ..، وهو مطلب قانوني يحتاجه اللاجئون الفلسطينيون لفضح ممارسات الإحتلال التعسفية والمتكررة تجاه اللاجئين وطرد الإحتلال، إذ وفق القوانين والمعاهدات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة "على سلطات الإحتلال أن توفر الحماية والخدمات للمدنيين القاطنين في الأماكن التي احتلتها"، وهذا يتناقض تماماً مع ما يقوم به الإحتلال الإسرائيلي بشكل دائم سواءً في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967عموماً أو في مخيمات اللاجئين على وجه الخصوص، وهي ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الإحتلال مخيمات اللاجئين إن كان في الضفة أو مناطق عمليات "الأونروا"..!
مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين هو واحد من 19 مخيماً في الضفة الغربية المحتلة، أقيم في العام 1953 على ارض زراعية مساحتها 0.42 كيلومتر مربع استأجرتها وكالة "الأونروا" من الحكومة الأردنية، يسكن المخيم أكثر من 16 ألف لاجئ من أصل 925.191 لاجئ مسجل في الضفة الغربية حسب إحصاء وكالة "الأونروا" في الأول من تموز/يوليو 2014، معظم السكان لاجئين من منطقة الكرمل وجبال الكرمل قضاء مدينة حيفا المحتلة عام 1948، ويعتبر أكبر مخيمات محافظة جنين وثاني أكبر مخيمات الضفة ..!
بحكم موقعه الجغرافي الملاصق للمناطق الفلسطينية التي احتلت عام 48 والضفة الغربية التي احتلت عام 1967، يبقى المخيم عُرضة للإقتحامات والمداهمات والإعتقالات وأعمال القتل وترويع الآمنين من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي وبشكل شبه دائم. احتل المخيم كما باقي مخيمات ومناطق الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967 وعاش اللاجئون فيه مرحلة هجرة جديدة، فمن اللاجئين من بقي في المخيم ومنهم من عاد وهاجر إلى دول أخرى.. بعد التوقيع على إتفاقية أوسلو في أيلول/سبتمبر عام 1993، تم تصنيف المخيم في منطقة ( أ )، أي خاضع بشكل كامل لإدارة السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن هذا لم يكن ليحول دون الإعتداءات الاسرائيلية المتكررة عليه. في نيسان من العام 2002 إبان انتفاضة الأقصى دمر الإحتلال الإسرائيلي المخيم بالكامل واستخدم المدنيين دروعاً بشرية، واستشهد حوالي 52 فلسطينياً من بينهم حوالي 30 لاجئاً مدنياً وفي المقابل قتلت المقاومة 23 جندياً إسرائيلياً، وأعلن الإحتلال عن المخيم منطقة عسكرية مغلقة ومنع دخول سيارات الإسعاف وطواقم العمل الطبي والإنساني وفرض حظر للتجول..!
حينها لم يكن تدمير المخيم وتشريد حوالي 435 عائلة عبثياً، فهو يأتي في سياق شطب أحد المكونات الرئيسية لقضية اللاجئين وحق العودة، ومقاومة المخيم للإحتلال يأتي في سياق الرد الطبيعي وحق كفلته جميع المواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية، وللإمعان في منهجية تدمير المخيم وللإعلان عن رفض الإحتلال لإعادة الإعمار التي مولته دولة الإمارات العربية المتحدة واشرفت عليه وكالة "الأونروا"، تعرض مدير مشروع إعادة الإعمار إيان هوك لإطلاق النار عليه من قبل قناص إسرائيلي خلال وجوده في مجمع "الأونروا" في المخيم في تشرين الثاني 2002 مما أدى إلى وفاته حسب شهادة وكالة " الاونروا "..!
عملية الإقتحام الجديدة وما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون لا سيما في سوريا ولبنان وغزة، تؤكد على ضرورة توفير الحماية الجسدية للاجئين الفلسطينيين في المناطق المحتلة وغير المحتلة، وهذا يمكن العمل عليه من خلال تعديل الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار إنشاء وكالة "الأونروا" رقم 302 للعام 1949 وهذا يحتاج إلى حراك جدي تقوم به بشكل رئيسي دولة فلسطين العضو المراقب في الامم المتحدة، خاصة ونحن على أبواب إنعقاد الدورة السبعين للجمعية العامة نهاية الشهر الجاري..!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية