مسؤول أممي: وقف إطلاق النار في قطاع غزة لا يزال هشا
قال نائب المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط رامز الأكبروف، مساء اليوم الثلاثاء، إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة لا يزال هشًّا، كما يتّضح من استمرار الهجمات والضربات (الإسرائيلية) في القطاع، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تقوم بدورها في دعم وقف إطلاق النار وتلبية الاحتياجات الهائلة للسكان.
جاء ذلك خلال تقديم الأكبروف، إحاطة أمام مجلس الأمن، خصصها لتقرير الأمين العام الفصلي بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 (2016)، الذي يؤكد، من بين أمور أخرى، أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة يشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين.
ودعا المنسق الأممي إلى دفع المفاوضات بشأن المرحلة المقبلة وتنفيذ الخطة الشاملة لغزة، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2803.
وأضاف: "تجري حاليًا جهود الأمم المتحدة الخاصة بالاستعداد لفصل الشتاء، بما في ذلك توزيع الخيام والبطانيات وغيرها من الإمدادات الأساسية، والوصول إلى الناس حيثما كانوا. غير أن الظروف لا تزال بالغة السوء، ويزداد خطر الإصابة بانخفاض حرارة الجسم مع حلول الطقس الشتوي. وبشكل مأساوي، تم تأكيد أول حالة وفاة مرتبطة بانخفاض حرارة الجسم، لطفل حديث الولادة يبلغ من العمر أسبوعين من خان يونس، في وقت سابق من اليوم.
وتابع: "يُعد الحفاظ على الحيّز التشغيلي للأمم المتحدة وشركائها الإنسانيين وتوسيعه — بما في ذلك من خلال تجديد تسجيل المنظمات غير الحكومية — أمرًا بالغ الأهمية".
ورحب بإعادة ال فتح الجزئي لجسر الملك حسين ( معبر الكرامة ) لنقل المساعدات إلى غزة، غير أن الإمدادات عبر هذا المسار لا تزال محدودة، مشيرا إلى وجود كميات كبيرة من المساعدات مُخزّنة مسبقًا في مستودعات بالأردن، بانتظار الاستئناف الكامل.
وحثّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تمكين الحركة السريعة وعلى نطاق واسع للمساعدات المنقذة للحياة عبر الممرّ الأردني الذي لا غنى عنه، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2720.
وتطرق الأكبروف في إحاطته إلى اقتحام سلطات الاحتلال في 8 كانون الأول/ديسمبر الجاري، مقر وكالة " الأونروا " في القدس الشرقية، والاستيلاء على ممتلكات واستبدال علم الأمم المتحدة بعلم دولة الاحتلال، موضحا أنه "تطور مثير للقلق العميق".
وأضاف: "أدان الأمين العام هذه الإجراءات بشدة، مؤكّدًا أن مقر الأونروا يظلّ من ممتلكات الأمم المتحدة، وهو مصون ولا يجوز المساس به أو التدخل فيه بأي شكل من الأشكال".
كما تطرق إلى مصادقة حكومة الاحتلال في 11 كانون الأول/ديسمبر، على بناء 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة أو شرعنتها، والتي تشمل مستوطنتي "غانيم" و"كاديم" في شمال الضفة، اللتين أخلتهما إسرائيل في عام 2005.
واستعرض الأكبروف أبرز ملاحظات الأمين العام أنطونيو غوتيريش في تقريره بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 (2016)، حيث أدان التوسع الاستيطاني الإسرائيلي المتواصل في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والذي يغذّي التوترات، ويعيق وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم، ويهدد قابلية قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة وذات سيادة.
وأضاف التقرير: "يتزامن اتساع رقعة المستوطنات، بما في ذلك البؤر الاستيطانية، مع تصاعد هجمات المستوطنين، ما يرسّخ الاحتلال غير القانوني وينتهك القانون الدولي ويقوّض حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم".
وأكد، أن جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وما يرتبط بها من بنية تحتية، لا تتمتع بأي شرعية قانونية وتشكّل انتهاكًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وذكر أنه في عام 2025، بلغ التوسّع الاستيطاني أعلى مستوياته منذ أن بدأت الأمم المتحدة الرصد في عام 2017. وحث إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على الالتزام بواجباتها بموجب القانون الدولي، مذكّرًا بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 19 تموز/يوليو 2024، الذي يُلزم إسرائيل بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة، وإخلاء المستوطنين، وإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة دون إبطاء.
وأكد الأمين العام في تقريره، أن تصاعد العنف والتوترات في الضفة الغربية أمر مقلق، مشيرا إلى أن الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية تسببت بسقوط أعداد كبيرة من الضحايا، وتهجير السكان، وتدمير واسع النطاق، ولا سيما في مخيمات اللاجئين. كما أن استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في المخيمات يتعارض مع الالتزامات بإنهاء الاحتلال غير القانوني.
وأدان الأمين العام في تقريره، تصاعد عنف المستوطنين في أنحاء الضفة الغربية، الذي اشتدّ خلال موسم قطف الزيتون. فقد أصبحت الهجمات أكثر تكرارًا وعنفًا، وغالبًا ما تُنفّذ بحضور قوات الاحتلال الإسرائيلي أو بدعم منها. وتعرّض المزارعون الفلسطينيون لاعتداءات ومضايقات ومنع من الوصول إلى أراضيهم؛ واقتُلعت أشجار الزيتون أو أُحرقت، ودُمّرت محاصيل بأكملها. وتحرم هذه الهجمات العائلات من مصادر رزق حيوية وتعرّضها لخطر التهجير القسري.
وقال: "يتعيّن على السلطات الإسرائيلية منع هذه الهجمات، ومحاسبة مرتكبيها، وضمان وصول آمن للمزارعين".
من جانب آخر، قال الأمين العام: "لا يزال يساورني القلق إزاء الأعداد الكبيرة من الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، الذين اعتقلتهم إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بما في ذلك الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة. كما أن التقارير عن التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك العنف الجنسي، والوفيات أثناء الاحتجاز، مقلقة للغاية. ويجب على إسرائيل استخدام الاحتجاز كملاذ أخير ولأقصر مدة ممكنة، ومنع سوء المعاملة، وإنهاء الاعتقال الإداري للأطفال".
وأضاف: "كما يساورني قلق بالغ إزاء الأزمة المالية العميقة التي تعانيها السلطة الفلسطينية، والتي تزيد من زعزعة الاستقرار الاقتصادي، وتقوّض الثقة، وتفاقم انعدام الأمن، وتآكل الاستقرار الاجتماعي. ويتعيّن على السلطات الإسرائيلية وقف الإجراءات الاقتصادية الأحادية العقابية التي تهدد السلام والاستقرار".
وبحسب الأكبروف، أكد الأمين العام التزامه بدعم الفلسطينيين والإسرائيليين لإنهاء الاحتلال غير القانوني وحلّ الصراع بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقات الثنائية، والسعي لتحقيق رؤية الدولتين: إسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة بالكامل، ديمقراطية، متصلة، قابلة للحياة وذات سيادة، بما فيها غزة، تعيشان جنبًا إلى جنب بسلام وأمن، على أساس حدود ما قبل عام 1967، والقدس عاصمة للدولتين.
