في زمن طغت فيه المصالح على المبادئ وفي لحظة بدت فيها الانسانية وكأنها فقدت صوتها كانت غزة الجريحة المحاصرة الصامدة هي من اعادت للعالم بوصلته الاخلاقية وصنعت لحظة تاريخية لم تشهدها القضية الفلسطينية منذ عقود
رغم الجراح ورغم الحصار ورغم آلة القتل الاسرائيلية التي لم ترحم طفلا ولا امرأة استطاع الاحتلال ان يكشف عن وجهه الحقيقي امام العالم من خلال جرائم ممنهجة ضد المدنيين الابرياء وهدم البيوت على رؤوس اصحابها وارتكاب المجازر الجماعية فبات من كان صامتا ينطق ومن كان داعما يتراجع ومن كان مترددا يعترف فلسطين دولة وشعبها له حق الحياة والحرية والكرامة
انتصار سياسي بأثر دم الشهداء
بينما كانت الطائرات تمطر بيوت غزة بالقنابل كانت دماء الاطفال والنساء تكتب على جدران العالم عبارات لا تمحى هنا شعب يُباد امام اعينكم فهل من ضمير حي
وتجاوب الضمير العالمي فجاء الرد في ساحات باريس لندن نيويورك سيدني تورنتو والمئات من عواصم ومدن العالم ملايين خرجوا ينادون اوقفوا المجزرة اوقفوا الاحتلال اعيدوا الحق لاهله
فبدأت الدول واحدة تلو الاخرى تكسر حاجز الصمت وتخطو خطوة شجاعة نحو الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين بريطانيا كندا استراليا والبرتغال دول كانت تاريخيا اقرب لاسرائيل ها هي اليوم تعترف رسميا بفلسطين دولة كاملة السيادة
من عضو مراقب الى دولة معترف بها
منذ عام 2012 تتمتع فلسطين بصفة دولة مراقب غير عضو في الامم المتحدة وضع قانوني يمكنها من المشاركة في النقاشات دون حق التصويت لكن ما يجري اليوم مختلف كليا لاول مرة في التاريخ يُتوقع ان يعترف اكثر من 140 دولة رسميا بدولة فلسطين وهذا ليس فقط دعما سياسيا بل هو صفعة قانونية واخلاقية لاسرائيل وحلفائها ورسالة قوية بان روايتهم لم تعد تقنع احدا
السردية الصهيونية تنهار
لعقود روجت اسرائيل لنفسها كضحية وسط بحر من الاعداء لكن عدوانها الاخير على غزة وجرائمها الموثقة بحق المدنيين دمرت هذه الرواية امام الرأي العام العالمي
الحقائق على الارض لا تكذب
آلاف الشهداء من المدنيين
تدمير ممنهج للبنية التحتية
تجويع وتشريد جماعي
استخدام القوة المفرطة دون رادع
كل ذلك جعل كثيرا من الدول الحليفة تقف لاول مرة لتقول كفى
ما فعله الاحتلال من اعتداء على المدنيين العزل وهدم البيوت وارتكاب المجازر الجماعية هو ما ايقظ ضمير العالم وجعل القضية الفلسطينية حاضرة من جديد لم يعد العالم يرى الصورة كما رسمتها اسرائيل لسنوات بل بات يرى الحقيقة كما هي شعب يباد وارض تُسلب وعدو لا يعرف للانسانية طريقا
صبرا اهل غزة فإن موعدكم النصر
مهما طال الليل فإن الفجر آت ومهما عظم الجرح فإن الحق لا يموت واليوم تشهد فلسطين لحظة فارقة في تاريخها عنوانها الدم ينتصر على الرصاص والحق يهزم الباطل وغزة تصنع التاريخ
وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون
المصدر : وكالة سوا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية
