تُخطئ طهران إذا عملت على إعطاء الحجة لقوات الولايات المتحدة للمشاركة المباشرة في حرب المستعمرة وعدوانها على إيران، فقد أعلنت واشنطن أنها لم تشارك في الضربة الإسرائيلية ضد إيران، ومع ذلك فقد أعلن نتنياهو أنه أبلغ الحلفاء الأميركيين والقادة الأوروبيين مسبقاً بالهجوم الاستباقي على طهران، ومع ذلك لا مصلحة لإيران في المس بالقواعد الأميركية الكثيرة المنتشرة حول إيران، مثلما تتوفر القواعد الأوروبية المماثلة، ولا شك أنها متحفزة للانقضاض والمشاركة في العدوان والعداء للسياسات الإيرانية.
لمصلحة إيران أن تبقى معركتها مقتصرة على مواجهة المستعمرة وحدها لعدة أسباب:
أولاً، لأن المستعمرة هي التي قامت بالعدوان المسبق المباشر على إيران، ولذلك من حق إيران أن ترد قانونياً وإجرائياً وشكلياً، ولو كان هؤلاء لا يحترمون القانون ولا الحقوق، ولا توجد عندهم محرمات، ومع ذلك يبقى لدى إيران حق الدفاع عن نفسها، وعن سيادتها ضد الطرف الذي تطاول عليها، والمس بسيادتها وأراضيها.
ثانياً، لا مصلحة لها بتوسيع معركة وجبهة مواجهتها كي تشمل الأميركيين والأوروبيين.
ثالثاً، إن المس بالقواعد الأميركية والأوروبية لدى البلدان المجاورة، سيدفع هذه البلدان كي تكون طرفاً في معركة لا مصلحة لها فيها، فقد أعلنت العربية السعودية والإمارات وقطر والعراق والأردن، وغيرها موقفها الرافض للعدوان الإسرائيلي على إيران، ولذلك لا مصلحة لإيران في خسارة مواقف هذه البلدان، حتى وإن اقتصرت مواقفها على إصدار بيانات سياسية دبلوماسية تحمل الشجب والاستنكار للعدوان الإسرائيلي، ووصفه بأنه عدوان، ولهذا لا مصلحة لها في خسارتهم، ودفعهم ليكونوا جزءاً من المعركة، ضدها.
معركة إيران قد تطول، وقد يُصيبها المزيد من الأذى والخسائر، ولكنها لا تستطيع استعادة هيبة نظامها أمام شعبها، وهيبتها أمام العالم، بدون أن ترد الاعتبار لذاتها، وبدون توجيه ضربات موجعة مماثلة للمستعمرة الإسرائيلية، لأنها ستتمادى على السيادة الإيرانية، كلما شاء لها ذلك، كما تفعل حالياً مع فلسطين ولبنان وسوريا.
المستعمرة بعد نجاح ضرباتها ضد حركة حماس وحزب الله والجيش السوري، ستواصل سياستها وأطماعها وهجماتها لكل من يقف ضدها، حتى تفوز بالهيمنة والسيطرة أولاً على كامل فلسطين، وثانياً، على بلدان منطقة الشرق العربي، لتكون لها القدرة والقوة والتسلط لفرض ما تراه مناسباً لمصلحتها، كطرف قوي مقرر.
الذين يتباهون بأنهم ضد إيران، وليسوا مع المستعمرة، أو الذين يتوهمون أنهم من معسكر المحايدين، مخطئون، فالمستعمرة تعمل على مواجهة كل الأطراف والبلدان التي لا تنصاع ولا تقبل هيمنتها وتوجهاتها التوسعية، وهذا لا يعني أن البلدان العربية ستخوض معركة إيران، ولكنها يجب أن لا تكون ولا تتخذ موقفاً يتصادم مع الموقف الإيراني لأنها ستكون في خندق المستعمرة العدواني التوسعي.
المصدر : وكالة سوا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية