أخبار إستقالة الرئيس محمود عباس وعدد من أعضاء اللجنة التنفيذية الذين لا يعرفهم إلا المتابعين للشأن السياسي ولا يسمعون صوتهم استهانة واستهتار بعقول وقدرات وطاقات الفلسطينيين الذين يشعروا بإحباط و مرارة من الحال الذي وصلوا إليه، وعند مراجعة مسيرتهم الطويلة لم يجدوا أنهم حققوا أي انتصار في مسيرتهم النضالية لدحر الإحتلال وتقرير المصير، ويبحثوا من سنوات في تعزيز الإنقسام.

الإستقالة شبه الجماعية والمخطط لها من الرئيس تؤكد حجم المأزق الذي تعيشه القيادة وعجزها عن تقديم البدائل، وتعزز اليأس والإحباط، بدل من تعزيز الأمل. وبينت فشل القيادة في خلق واقع جديد بالتخلي عن المصالح والرؤى والمشاريع السياسية التي تعبر عن رؤى وقناعات أصحابها، بعيدا عن الاستقطاب والأجندات الدولية والإقليمية، والتأسيس لمرحلة جديدة من النضال الفلسطيني، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية لتصبح ممثلا شرعيا حقيقياً لكل الفلسطينيين المشتتين في بقاع الأرض ويعانون القتل والتشريد واللجوء من جديد.
يعيش عموم الشعب الفلسطيني في حيرة من أمره، ولا يعلم حقيقة خطوة الرئيس فهم فقدوا اليقين والثقة بما يقوم به وهو لم يتحدث مرة واحدة بشفافية والخوض معهم في القضايا الوطنية الكبرى ومصارحة الناس في توجهاته، هو عودهم على المفاجآت وإطلاق التهديدات المستمرة منذ توليه السلطة بأنه سيستقيل وتعب وان المهمة شاقة وان حجم الضغوط عليه كبيرة، لكنه استمر ولا يزال مستمر.
و السؤال ما هو الهدف من دعوة المجلس الوطني للانعقاد طالما لن يكون هناك جديد؟ مع ان كثيرين يعلمون أنه تخلص من عدد من المختلفين معه وهي بالمناسبة خلافات شخصية، و هو أيضاً يناور من أجل الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لتحريك العملية السلمية.
يعتقد بعض الفلسطينيين ان استقالة الرئيس ومن معه لدعوة المجلس الوطني للانعقاد لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، لكنها غير ذلك هي إبقاء القديم على قدمه وبقاء الطبقة السياسية المتهالكة و المتمسكة بمصالحها ومكتسباتها وتشتيت المشتت. فهو لم يدعوا لحوار أو نقاش وطني عام ولم يدير سابقاً أي نقاش جدي لمراجعة المسيرة الماضية، والبحث في مستقبل القضية والمشروع الوطني والمخاطر والتهديدات التي تحيق بهم، وتكبدهم الخسائر الكبيرة والخطيرة، وما يقوم به الاحتلال من سرقة للأرض وتهويد ما تبقى منها.
المشهد معيب ومؤلم، إسرائيل في أفضل حالاتها وتجلياتها، مطمئنة وتحتل البلاد والعباد، من دون أي خسائر وتحقق انتصارات، ومستمرة في فرض الأمر الواقع من بناء مزيداً من المستوطنات وسرقة الأرض، وتقطيع أوصال الضفة الغربية، وتفرض حصارا شاملاً وخانقاً على قطاع غزة .
أكثر من مرة سمعنا عن استقالة الرئيس وعن بحث بدائل للرئيس منها ان يكون نائب له وكل المحاولات فشلت، فالخلافات في فتح وهي أم الصبي فاجرة و لم تعد خافية على احد، حركة فتح تتآكل وأصابها الوهن جراء السياسات الخاطئة وعدم التجديد والاستبداد والاستفراد بالقرار والناس.
وكثر من قيادة فتح يطمحون بالمنصب وآخرون يشككون في بقاء الرئيس فيه بعد تقدمه بالسن وفشله في التوصل للسلام المنشود، الذي استمر أكثر من عشرين عاما ينظر له ومتمسك به حتى اللحظة، البحث بهذه الطريقة غير مجدي ويكرس الحال القائم من الانقسام والخلافات والشرذمة وحال التيه.
وكأن مشكلة الفلسطينيين هي في منصب الرئيس ومن سيخلفه، مشكلة الفلسطينيين في النظام السياسي القائم، و ما يحتاجه الفلسطينيون في هذه المرحلة الخطيرة والحساسة إلى إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية وإحياء المشروع الوطني والشراكة و توزيع المهام والأدوار على قاعدة بناء المؤسسات الهرمة وما أصابها من تهميش و تعطيل.
ومهمة الرئيس العاجلة هي عدم التخلي بهذه الطريقة وترتيب الأوراق مع الكل الفلسطيني لإنهاء الانقسام الفلسطيني، و الانقسام والخلافات في حركة فتح المقبلة على عقد مؤتمرها السابع، فهي فرصة لإعادة اللحمة الداخلية للحركة، ولا يحتاج المسؤولون الفتحاويون إلى من يذكرهم بأن مستقبل القضية الفلسطينية وحركة فتح في مهب الريح وتشرذم أكثر وما يطرح من مخاوف ومخاطر حول القضية الفلسطينية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد